أحمد حسيني: التلفزيون ساعدني على احترام لغتي

  بروكسل – هوشنك أوسي

من الأصوات اللافتة في الحداثة الشعريّة الكرديّة، المكتوبة بالأحرف اللاتينيّة، إن لم يكن أبرزها. ولد أحمد حسيني في مدينة عامودا الكرديّة، شمال شرق سورية، سنة 1955. يحمل إجازة في الفلسفة من جامعة دمشق. بدأ الكاتبة بلغته الأمّ، الكرديّة، سنة 1980. له العديد من الدواوين الشعريّة. ترجمت أعماله، للتركيّة، الانكليزيّة، الألمانيّة، السويديّة والعربيّة. بدايته في العمل الإعلامي، كانت باستلامه القسم الثقافي في جريدة «آرمانج» التي كانت تصدر في العاصمة السويديّة استوكهولم. سنة 2001، اتّجه للعمل الإعلامي المرئي، عبر برنامج اسبوعي، معني بالأدب والشعر، حمل عنوان: «طائر الفينيق» كانت تعرضه الفضائيّة الكرديّة «ميديا تي في»، (تمّ إغلاقها بضغط تركي).
 ومنذ نيسان 2004، وهو يقدّم برنامج «صدى الكلمة» (dengvedana peyvê)، على شاشة قناة «روج تي في» الكرديّة التي تبثّ برامجها من العاصمة البلجيكيّة؛ بروكسل. وهو برنامج ثقافي، حواري، يتناول شؤون وشجون الثقافة والآداب واللغة الكرديّة، مدّة البرنامج 45 دقيقة. يُبثّ في الساعة 12,45 ليل كل أربعاء، ويعاد بثّه الساعة 11 من صبيحة الخميس.

عن عدم اتّجاهه للكتابة بالعربيّة، أسوة بأقرانه من أبناء عائلته (تضمّ العديد من الكتّاب والأدباء) وغالبيّة أبناء جيله من الشعراء الكرد، تحدّث حسيني لـ «الحياة» قائلاً: «كتبت بالعربيّة قصائد محدودة، ونشرتها باسم أحمد جوانرو. صديقي الشاعر يونس الحكيم، الوحيد الذي يعرف ذلك. اكتشافي، بالصدفة، لنسخة مهترئة من الملحمة الكرديّة «ممي آلان» في حقيبة والدي التي كانت تضمّ دفاتره التجاريّة السميكة، بعد ان تعرض الى افلاس قاهر في تجارته وزراعته، والحروف اللاتينيّة في تلك الملحمة، وقراءتي لها، كانت الشرارة التي فجّرت في روحي متعة الكرديّة.

البداية الإعلاميّة

وحول بدايته في حقل الإعلام ومنغِّصاته، ذكر حسيني: «باستلامي للقسم الثقافي في جريدة آرمانج الأسبوعيّة، حاولت نشر النتاجات الثقافيّة والأدبية، ذات المستوى الإبداعي المتميّز. إلى جانب كوني أكتب وأترجم وأدقق وأبحث في كل الاتجاهات عن النصوص التي من الممكن أن تساهم في تقديم متعة ووعي مميّز للقارئ، بالضدّ من الكمّ الهائل من المباشرة والاستهتار باللغة والإبداع الكرديين».
ويشير حسيني إلى أن العمل في قناة تلفزيونيّة، مهمّة صعبة. «كنت أعمل في مطعم من الثامنة حتّى الثانية بعد الظهر، في غسل الصحون والطناجر وترتيب أمور الصالة، قبل الانصراف. اتصل بي شخص من قناة «ميديا تي في»، وأصرّ على ان نلتقي. قال لي بالحرف الواحد: «لن يهدأ لنا بال، وأنت شاعرنا الكبير، وتعمل في المطاعم». عملي في التلفزيون، بدأ بعد هذا اللقاء بشهر».
وعن برنامجه، وسبب اختياره «صدى الكلمة» اسماً له، يذكر حسيني: «الصدى تحديداً، كتعبير مرادف للسيطرة والاستعلاء الباهت للجيران المحترمين، المصممين على عدم قبول الآخر، ككينونات مغايرة، وكبشر مختلفين عنهم، في اللغة والوعي والفهم والاعتقاد، وكأداة عبثيّة للبوح في لحظات جدّاً قاسية، وربما تكون تعبيراً فلسفيّاً عن لحظة وجوديّة لها علاقة بالقمع الروحي، وعلاقة بأن تهاجر لغةً، هي بالأساس لغة انتماؤك الطفولي، لغة بسيطة، غير عدائيّة، لها علاقة بالحبّ والنرجس، وعلاقة مأساويّة مع ذاكرتنا، للأسف. للأسباب السالفة، وقع الاختيار على صدى الكلمة، وليس صوتها». ويشير حسيني إلى أن العمل الإعلامي أضاف له الكثير كشاعر، بالقول: «التقيت، خلال سنوات البرنامج مع أكثر من 300 شاعر وكاتب وفنّان ومسرحي وصحافي وإعلامي…، من كافّة أجزاء كردستان، ومن المهجر. كما زرت كردستان الشماليّة والجنوبيّة، واستفدت لدرجة كبيرة، من هموم الآخرين ومعاناتهم وتجاربهم».
حول واقع البرامج الثقافيّة في القنوات الفضائيّة الكرديّة، يذكر حسيني أنه نادراً ما يتابع البرامج التلفزيونيّة، مشيراً إلى «غياب أو ضعف استراتيجيّة الإعلام الكردي، على الأصعدة كافّة»، ويضيف: «الإعلام الكردي، شأنه شأن الحالات الأخرى في سيرورة الكرد الحياتيّة، مقلِّد، وممتثل لسيّده ومستعمره ومضطهديه. يعيد إنتاج ثقافة السيّد بلغته الأمّ، دون شعوره بأنه مقهور ومجزّأ ومقموع في كيانه الكلّي».

الشعر أولاً

ويشير حسيني إلى أنه إذ ما وُضع بين خيارين، الإعلام أو الشعر، سيختار الأخير. ويذكر أن عمله في الإعلام لم يوقفه لحظة عن كتابة الشعر. ويضيف: «عملي في التلفزيون ساعدني أكثر على الكتابة واحترام قصيدتي ولغتي وحساسيّتي الشعريّة».
وعن علاقته بالثقافة العربيّة، يذكر أن أغلب قراءاته هي في الرواية والشعر المترجمَين، ودراسات فلسفيّة وفكريّة لكتّاب عرب وأجانب، وأنه يتابع «بشغف مواقع فكريّة وفلسفيّة عربيّة». وإزاء التحفّظات والانتقادات المثارة ضدّه، يقول حسيني: «لا أعرف شيئاً عن جوهر تلك الانتقادات! عكس ذلك تماماً، حاولت، من خلال برنامجي، تقديم كتّاب ومثقفين، لم يحلموا يوماً بذلك. ولم أتعامل مع أحد، وفق خلفيّة سياسيّة أو غيرها. قدّمت نحو 300 حلقة من صدى الكلمة، ارتأيت من خلالها طرح أسئلة تتعلّق بلغة المقهور وثقافته وحلمه ووعيه لذاته وللآخرين. استضفت نحو 300 شخص، من اتجاهات سياسيّة متباينة، ومن انتماءات حزبيّة مختلفة. مثقفون بخلفيّات وأرضيّات وأجندات متناقضة. وكنت أتمنّى، وما زلت، بأن أجد اعتراض على شخص أو فكرة أو مناقشة أو طرح ثقافي، فلسفي، وسياسي، من قبل إدارة القناة. عكس ذلك تماماً، هناك من استغلّ وجوده في برنامجي ليهاجم سياسة الفضائيّة وتوجّهاتها السياسيّة والفكريّة».

عن صحيفة الحياة

الخميس, 06 يناير 2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…