فتح الله حسيني*
يعترف الكاتب والصحفي الكردي كاوا محمد من خلال كتابه الموسوم “مانشيت” الصادر حديثاً ضمن سلسلة منشورات صحيفة “كردستاني نوي” اليومية في مدينة السليمانية، يعترف الكاتب بثمار الهزيمة القاسية للنظم الدكتاتورية وسياسة تسلط الفرد، وبانتصار النظم الديمقراطية والأهداف السامية والجميلة التي تنادي بها الشعوب على مختلف المراحلة والحقب، سواء على الصعيد المحلي أو على الصعيد العراقي أو اللبناني أو الكوسوفي أو اليوغسلافي أو التركي أو في أية بقعة جغرافية مضطربة وغير هادئة من هذا العالم المتقلب الفسيح، وذلك من خلال مقالات أخذت عنواناً جامعاً هو “المانشيت” ومن ثم من خلال عناوين فرعية أخرى كثيرة، كانت عناوين لزوايا تم نشرها بشكل متتال في صحيفة “كردستاني نوي” على مدى سنوات عديدة.
أن اختيار الكاتب عنوان “المانشيت” هو بحد ذاته يحيلنا من الوهلة الاولى الى مفترقي طريقين لا ثالث لهما، إذ يؤديان لاحقاً الى ركن واحد، وهو أن “المانشيت” يحيل بدوره الكاتب الصحفي الى اختيار مواضيع أو متن زاويته المنتظمة ومن ثم الاقرار بعدالة أو لا عدالة ذلك المانشيت، الذي يكون محور الحدث، وثانياً، التنصل من سخونة الحدث بحيادية، والوصول الى هدف محدد هو ما يراد منه أصلاً كتابة الزاوية الصحفية في أية صحيفة كانت وفي أية دولة كانت أيضاً، لا سيما وأن المنجزين السياسي والثقافي يتحكمان بالضرورة بمصير الزاوية لأنها زاوية رأي لا أكثر.
تتمركز فحوى الزوايا في “المانشيت” من فترة سقوط النظام الدكتاتوري في العراق الى ساعة الصفر لبدء العملية الديمقراطية في العراق الجديد، مستنداً في ذلك الصحفي كاوا محمد في تحديد رؤاه الى الانحياز للأسس الديمقراطية أولاً وأخيراً والنفور التام من النظم الدكتاتورية وأجهزتها القميعة ولغة العسكرتاريا التي تتحكم بمصائر الشعوب دون رادع، فمثلاً، يستند في إحدى زاوياه الى كتابة للشاعر والمسرحي السوري محمد الماغوط في إحدى زواياه المنشورة في مجلة “الوسط” اللندنية، أثناء تضمين الماغوط لشعار “الصمود والتصدي” الذي كان يزعج الكثيرين من النخبة وتتمسك به الأنظمة تمسكاً مميتاً، لذلك فأن ذلك الشعار يعني لدى الأنظمة القمعية هو الصمود على الكرسي، أي كرسي الحكم والتحكم، والتصدي، يعني التصدي لكل من يقترب من ذلك الكرسي بأية نية كانت، وهذه حالة من حالات كثيرة متشعبة في الواقع المحيط بنا عنوة، ودون إرادة منا.
أن إحالة القضايا الكبرى الى سجالات ساخنة من زاوية صحفية بحد ذاتها انجاز صحفي موفق، خاصة بعد أن تخرج كل تلك الزوايا من رحم الصحف الى رونق كتاب خاص، وهذا عرف تم الترويج له في بداية التسعينيات من القرن المنصرم عندما لجأ أغلب الكتاب الصحفيين الى طبع ونشر زواياهم في كتب خاصة وفي جل الأحيان على نفقة أصحاب أو المؤسسات المالكة لتلل الصحف التي كانت حاضنة لتلك الزوايا، وهذا ربما جانب آخر من مزايا العمل الصحفي، وربما هو انتقاد أيضاً لدى البعض في انها حالة من حالات حصر الزاوية، كل الزوايا دفعة واحدة وضمن مواضيع مختلفة وكثيرة شاملة في كتاب واحد بموزع على أكثر من مائة صفحة أو أكثر.
بين الدكتاتورية والديمقراطية مسافة شاسعة تمتد لآماد طويلة، ولكنهما نظامان قائمان بحد ذاتهما، تماماً مثلما يسمي رئيس البرلمان التركي الأسبق حسام الدين جيندروك، الخشب في أنه يصلح للنعش ولصندوق الاقتراع أيضاً، فيؤكد جيندروك بأن النعش (التابوت) وصندوق الاقتراع يصنعان من الخشب”، وهنا نتذكر بأن الدكتاتور يمضي جسده في نعش من خشب الى جهة مجهولة أو الى ركن هامشي مغمور على هامش الحياة، بينما صندوق الاقتراع يستفز الجماهير التواقة الى الديمقراطية في الاستعداد للتأهب للعملية الديمقراطية والتهافت على صناديق الاقتراع لاختيار زعيم أو قائد جديد، بعيداً عن التسلط والدكتاتورية ولغة الحديد والنار.
وهذا تماماً ما يحاول تأكيده الصحفي كاوا محمد، الأخذ بالنخبة والهروب من أدوات القمع التي عانت منها شعوب كثيرة في محيطنا أو في محيط غيرنا.
*نائب رئيس تحرير أسبوعية “الأمل” السليمانية
تتمركز فحوى الزوايا في “المانشيت” من فترة سقوط النظام الدكتاتوري في العراق الى ساعة الصفر لبدء العملية الديمقراطية في العراق الجديد، مستنداً في ذلك الصحفي كاوا محمد في تحديد رؤاه الى الانحياز للأسس الديمقراطية أولاً وأخيراً والنفور التام من النظم الدكتاتورية وأجهزتها القميعة ولغة العسكرتاريا التي تتحكم بمصائر الشعوب دون رادع، فمثلاً، يستند في إحدى زاوياه الى كتابة للشاعر والمسرحي السوري محمد الماغوط في إحدى زواياه المنشورة في مجلة “الوسط” اللندنية، أثناء تضمين الماغوط لشعار “الصمود والتصدي” الذي كان يزعج الكثيرين من النخبة وتتمسك به الأنظمة تمسكاً مميتاً، لذلك فأن ذلك الشعار يعني لدى الأنظمة القمعية هو الصمود على الكرسي، أي كرسي الحكم والتحكم، والتصدي، يعني التصدي لكل من يقترب من ذلك الكرسي بأية نية كانت، وهذه حالة من حالات كثيرة متشعبة في الواقع المحيط بنا عنوة، ودون إرادة منا.
أن إحالة القضايا الكبرى الى سجالات ساخنة من زاوية صحفية بحد ذاتها انجاز صحفي موفق، خاصة بعد أن تخرج كل تلك الزوايا من رحم الصحف الى رونق كتاب خاص، وهذا عرف تم الترويج له في بداية التسعينيات من القرن المنصرم عندما لجأ أغلب الكتاب الصحفيين الى طبع ونشر زواياهم في كتب خاصة وفي جل الأحيان على نفقة أصحاب أو المؤسسات المالكة لتلل الصحف التي كانت حاضنة لتلك الزوايا، وهذا ربما جانب آخر من مزايا العمل الصحفي، وربما هو انتقاد أيضاً لدى البعض في انها حالة من حالات حصر الزاوية، كل الزوايا دفعة واحدة وضمن مواضيع مختلفة وكثيرة شاملة في كتاب واحد بموزع على أكثر من مائة صفحة أو أكثر.
بين الدكتاتورية والديمقراطية مسافة شاسعة تمتد لآماد طويلة، ولكنهما نظامان قائمان بحد ذاتهما، تماماً مثلما يسمي رئيس البرلمان التركي الأسبق حسام الدين جيندروك، الخشب في أنه يصلح للنعش ولصندوق الاقتراع أيضاً، فيؤكد جيندروك بأن النعش (التابوت) وصندوق الاقتراع يصنعان من الخشب”، وهنا نتذكر بأن الدكتاتور يمضي جسده في نعش من خشب الى جهة مجهولة أو الى ركن هامشي مغمور على هامش الحياة، بينما صندوق الاقتراع يستفز الجماهير التواقة الى الديمقراطية في الاستعداد للتأهب للعملية الديمقراطية والتهافت على صناديق الاقتراع لاختيار زعيم أو قائد جديد، بعيداً عن التسلط والدكتاتورية ولغة الحديد والنار.
وهذا تماماً ما يحاول تأكيده الصحفي كاوا محمد، الأخذ بالنخبة والهروب من أدوات القمع التي عانت منها شعوب كثيرة في محيطنا أو في محيط غيرنا.
*نائب رئيس تحرير أسبوعية “الأمل” السليمانية