هكذا يشتم صديقي (نثرية)

ياسين حسين

كبرنا على شتائمه، شتائم قديمة جدا بحجم المدينة، يأتون من بلاد الكرد الشاسعة للاستماع الى آخر اصدار منها.
هناك قانون للسّب ايَضا. لا كلمات بذيئة، لا هتك  للاعراض، لا بذاءات، لا نفاق. انه كالكواكبي حين يستعد للحمية  ويشرح لنا الناموس.

في ليالي الشتاء الطويلة لكل الخلق، والقصيرة لشعراء المدينة، يجتمعون في بيته، يلعبون بالورق شعراَ، يرتشفون الشاي شعراَ، يصمتون بشاعرية. وهو يشتم، شعراَ.
سألناه عن رأيه في الشعر:
– أصبح الشعر كـشحاطة التواليت التي في منزلنا، فمن يزورني في بيتي لابد له ان يضعها في قدميه!
انه كحجل جبال عبد العزيز حين يغبغب بالشتائم.
وانا في منفاي اتدثر بموسيقا شتيمة تلك الشحاطة البالية، التي أراها كل صباح، مرمية في ذلك الحوش الواسع وسع الكلمات.
***
كم من المجحف حقاَ ان تكون بطلا لرواياتنا، ولكتاباتنا، ولتعليقاتنا الجوفاء. ايها الطفل الكبير، ايها الشيخ المرتد، ايها (الآه) الكبرى والصغرى، حين تنطقها انت بطريقتك.
خمسة عقود مرت، وأنت كما أنت.
تلك كانت آخر صورة التقطتها لعالمه:
بيته محاط بثلاثة اجهزة أمنية، وجامع، وثلة من المخبرين، وبعض المجانين، وحفنة دجّالين، وبعض البيوت الطينية.
كان في ذلك الصباح منتشيا، فقد فاز في مباراة الورق ليلة أمس (بعد ان اكل وجبة دسمة من البرغل).
 أيا سليل “ديركا جياي مازي” وما حولها. أيا سليل “عامودا” وقبورها، وحرائقها، وترابها، ولعنتها، وجنونها.
***
  لبعض الحمائم الجميلة في حوش داركم، سأغني.
لتلك الأرانب الجميلة التي تملأ القلب مرحاَ، سأعزف لك ( خالو).
لشجرة الرمان التي تلتقي بوالدتي كل صباح، سأقطف غصناَ وأهديه لتربتي.
فأنت في” وحدتك  بلد مزدحم” بالشتائم. وكؤوس الشاي، والزهورات، والنشرات الحزبية.
***
أنظر، ماذا تريد الان؟
أصدقائي كلهم، من قباطنة الجسد، الى ندماء الغربة.
من تريد منهم؟
الجميع رحلوا، وبحوزتهم حفنة من الشتائم – المحورة طبعا-، وأغصان من الرمان، وصور لحمائم بيضاء، بيضاء كسماءنا، وهويات حمراء كالدم.
وأنت ايضا، قطعت شوطا لاباس به في الرحيل، سوف ترحل ايضا.
فلاتخف. وان كتبت عنك، فأنت لن تموت.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…