في شأن الأداة

إبراهيم اليوسف
 elyousef@gmail.com

بات بعضهم يحاول في ظلّ اندياح سطوة ثورة الاتصالات و المعلوماتية التي باتت تستخدم في تغيير ” كفّة الميزان” لصالح “الخير” في وجه “الشر”، تدريجياً، هنا وهناك، أن  يخلط الأوراق والمفاهيم، وهو ما يؤدي إلى الجنوح عن الدقة المتوخاة في تسمية الأمور بأسمائها في إحدى اللحظات التاريخية المفصلية، الأكثر حساسية، والتي تتطلب  الدقة في تناول المعنى والمصطلح.

وإذا كان الحديث عن الصراع بين “الخير والشرّ” على أشدّه، وأن” الشرّ” بدوره يحاول جاهداً تسخير كلّ ما أمكن من أجل نفسه، بغرض فرض ثقافة معينة، والتضليل على كل بارقة أمل قد تلوح في الأفق،
 فإنه لمن الواضح أنه بات يخسر الكثير من مواقعه، في هذه المعركة اللامتكافئة مع “الخير”، بالرغم من استخدامه لكل ما يمكن التعويل عليه من أفانين التزوير والخديعة، بل إنه لقادر أن يبدّل نفسه بروح حرباوية، في كل مقام ومقال، مستخدماً الوسائل والأدوات الأكثر فعّالية ونجاعة وتأثيراً على الآخرين، تماشياً مع روح كل مرحلة، وهو ما يجعل الرّوح الاستشعارية لديه جدّ قوية، معتمداً على معادلاته التوفيقية الخاصة على نحو مستمر، ما يدفع إلى الإيقاع بأوساط كبيرة للارتماء في أشراكه، مأخوذين ببريق أطروحاته وتسويغاته وقراءاته.

 ولعلّ الرّوح الإنسانية الأصيلة، التي تتسامى على كل رجس، تصنع في كل مرة بوصلتها الذاتية التي تحدّد بموجبها توجهاتها الصائبة، وفق لغة المرحلة، من خلال فطرتها، بل ووعيها النبيل، لتأنف كلّ ما يحاك من خطط وممارسات ضد صفو لحظتها، بل وامتدادات هذه اللحظة نفسها، ضمن دورة الزمن، ما يجعلها تحتكم إلى هذه البوصلة تتخذها معياراً لا تحيد عنه البتّة.

 ويمكن النظر إلى  ثورة المعلوماتية والاتصالات من ضمن هذه الزاوية-تحديداً- إذ يحاول كل طرف توظيفها من أجل بقائه وديمومته، بل وكسب الصراع الدائر على أوجه بين هاتين القوتين، سواء أكان ذلك –خفية- من خلال الرهان على الأفكار والمفاهيم، ضمن ثقافة كل نقيض للآخر، على حدة، أو من خلال ترجمة هذه الأفكار إلى صراع –علني- بينهما، وهو ما يأخذ بدوره أشكالاً لا حصر لها، تتدرج على ” بارومتر” العنف والعنف المضاد، ولاسيما عندما يجد “الخير” نفسه في مواجهة لا مفرّ منها البتة.

إنه لمن الطبيعي، إذاً، أن يبذل كل طرف من الطرفين المذكورين قصارى جهده للهيمنة على مجمل أدوات مثل هذه الثورة، التي بات العالم جميعه يدرك كم أنها مكمن قوة هائلة، يمكن الاستفادة منها من أجل مصلحتها، مادام أن لكل منهما مصلحته، وإن كان شتان ما بين مصلحة تجسد الحياة، وأخرى تؤسّس للدمار والموت.

ثمّة شيء مهم،هنا، لا بدّ من الانتباه إليه، باستمرار، ألا وهو ضرورة الثقة بالإنسان الذي يستخدم كل هاتيك الأدوات من أجل ديمومة الحياة، والذي لولاه لما كانت هناك أية أهمية لتلك الأدوات جملة وتفصيلاً، لأنه هو المنتصر دائماً، وأن إرادته القوية هي تسجل المعجزة تلو الأخرى، بوساطة كل تلك الوسائل والأدوات.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…