الإعجاز القرآني.. أول محاضرة في «حوار الفكر»

  الشارقةإبراهيم اليوسف:

بدأت مساء أمس الأول، في سوق العرصة في الشارقة أولى محاضرات برنامج حوار الفكر في دورته الجديدة للعام الجاري، الذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام في حكومة الشارقة، وكانت بعنوان “نحو قراءة معاصرة في الإعجاز القرآني” للباحث السوري إبراهيم محمود، حضرها عدد كبير من المهتمين بقضايا الثقافة والفكر والفلسفة، بالإضافة إلى عدد من الإعلاميين .
قدم للمحاضرة د .عمر عبد العزيز الذي تحدث عن برنامج “حوار الفكر” الذي يتوخى فتح سلسلة من الملفات ذات الطابع الإشكالي، تتعلق بالأمور التي تتباين حولها الآراء، ثم سلط الضوء على السيرة الإبداعية للمحاضر الذي يعتبر من الباحثين الأكثر غزارة في مجال الإبداع والتأليف والبحث الفكري والفلسفي، إذ تربو مؤلفاته عن أربعين كتاباً في مختلف المجالات،
 وأضاف: إنه مجرد ذكر موضوع الإعجاز القرآني فإن كثيراً من المسائل تتبادر إلى الذهن في ما يتعلق بالرؤى والدراسات القرآنية ذات الصلة بالقرآن المقدس، والإلهي الذي تباينت حوله الرؤى والمقاربات منذ متون التفاسير الأولى التي فسرت القرآن، فإذا نحن أمام نص لا يستنفد من حيث المعنى وأضاف: لكننا نواجه اجتهادات عن الإعجاز القرآني، وسميت بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم، وبات السؤال: هل نتكئ على العلم للإدلال على القرآن، في اكتشاف ظواهر وقوانين موضوعية موجودة في الطبيعة؟

قدم الباحث محمود لمحاضرته بقول الإمام الغزالي “إن في فهم معاني القرآن مجالاً رحباً ومتسعاً بالغاً، وأن المنقول من ظاهر التفسير ليس منتهى الإدراك فيه” . بالنسبة للعنوان ذاته، فإن أسئلة تتوارد إلى الذهن من نوع: ماذا يعني القيام بقراءة، وبصيغة معاصرة تحديداً؟، أي تكون محكومة بزمن نعيشه راهناً، وبالنسبة لكتاب ليس كأي كتاب عهدناه تاريخياً اعتباراً أو مقاماً محفوظاً، وفي موضوع شغل المعنيين به وما زال لأنه يلغي أبعاد الزمان في بنيته الدلالية، أي: إعجاز القرآن، وما الذي يمكن قوله من باب الإضافة إلى ما تقدم به الأولون ممن عايشوه والذين تابعوا هؤلاء ونوعية المتابعة في مقاربة الإعجاز هذا؟، وهل هناك إمكان تقديم ما يغني مفهوم (إعجاز القرآن) وقد فصل فيه إلى درجة الإيحاء بأن أي تناول له ليس أكثر من تكرار القول أو بلبلة أو إعاقة القارئ .

وأضاف الباحث قائلاً: أبادر إلى تحديد موقفي من هذا الموضوع المفصلي والخطير في أهميته الكبرى بالقول: إن الموضوع أبعد من أن يحسم وإن دعوى الحسم من قبل أي كان، هي التي تسيء إلى جوهره انطلاقاً من خاصية القرآن وهو في صفته التي تجلوه (الكريم) أي قابلية العطاء الدائم وكونه يعلو على الزمان والمكان النسبيين . وإن متفقهاً كبيراً في علوم القرآن، هو الزركشي “ت 794” عندما يذكر قول بعض العلماء “لكل آية ستون ألف فهم، وما بقي من فهمها أكثر” إنما يؤكد فعلاً حقيقة انفتاح القرآن على ما لا يتحدد جهة التفسير والتأويل مهما تجلى لافتاً في أهميته، إنما شريطة أن يكون المتقدم به تفسيراً أو تأويلاً في مستوى المكانة الاعتبارية للقرآن وتنوع أغراضه .

ويعني ذلك-بلغة الباحث- أن الحضور القرآني فينا بأثره الحيوي يبرز من خلال تأكيد حقيقته وصلتها بما يشغلنا يومياً ليكون مقروء اليوم فيه مختلفاً عن مقروء الأمس، ومقروء الغد مختلفاً بحكم المتغيرات عن مقروء اليوم وموصولاً به . ولم يأت اختيار موضوع “إعجاز القرآن” سدى أو استجابة لرغبة نفسية-ذوقية-فقط، وإنما لأن النظر فيه يمثل التحدي الأكبر على صعيد المكاشفة الدلالية، تحد يستولده الكلام الإلهي، دون حصره في حيز زمكاني، إنه عنصر فاعل ورئيس في استراتيجية قراءته وآفاق القراءة المفتوحة على صعيد التنوع البشري . واستمر الباحث قائلاً: وأعترف ثانية أن الذي انشغلت به ناحية الإعجاز المحفز على المزيد من التأمل والمساءلة البحثيين، هو إمكان النظر فيه من زوايا مختلفة وهو في طلاقته أي في عدم خضوعه لتقييد زمكاني، وذلك في أكثر من بحث متواضع لي، وأخص بالذكر هنا كتابي “قراءة معاصرة في إعجاز القرآن” عبر السفر في تاريخ هائل وجليل معاً، إنه تاريخ الذين تركوا بصماتهم في هذا المقام وبينهم أشد الاختلاف والخلاف في مذاهبهم ورؤاهم، وأنا أعتبرهم مرجعاً واحداً في انتمائهم الإسلامي، لأن ثمة كتاباً واحداً كان شاغلهم بإعجازه وجانب الإدهاش فيه .

الخليج

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خلات عمر

لم يكن الطفل قد فهم بعد معنى الانفصال، ولا يدرك لماذا غابت أمّه فجأة عن البيت الذي كان يمتلئ بحنانها. خمس سنوات فقط، عمر صغير لا يسع حجم الفقد، لكن قلبه كان واسعًا بما يكفي ليحمل حبًّا لا يشبه حبًّا آخر.

بعد سنواتٍ من الظلم والقسوة، وبعد أن ضاقت الأم ذرعًا بتصرفات الأب…

خوشناف سليمان

لم تكن الصحراء في تلك الليلة سوى صفحة صفراء فارغة. تنتظر أن يُكتب عليها موتٌ جديد.
رمل يمتد بلا نهاية. ساكن كجسدٍ لا نبض فيه. و الريح تمر خفيفة كأنها تخشى أن توقظ شيئًا.
في ذلك الفراغ توقفت العربات العسكرية على حافة حفرة واسعة حُفرت قبل ساعات.
الحفرة تشبه فمًا عملاقًا. فمًا ينتظر أن يبتلع آلاف البشر…

تلقى المكتب الاجتماعي في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا، اليوم، بحزن، نبأ رحيل شقيق الزميلة رقية حاجي:

نايف أحمد حاجي
الذي وافته المنية في أحد مشافي هولير/أربيل عن عمر ناهز ٥٩ عامًا.

يتقدم المكتب الاجتماعي في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا بخالص العزاء للزميلة رقية حاجي، وللفنان حسين حاجي، وللناشط عبدالكريم حاجي، ولعموم عائلة…

صبحي دقوري

في لحظة ثقافية نادرة، يتصدّر الموسيقار الكوردي هلكوت زاهير المشهد الموسيقي العالمي بعدد أعمال معتمدة بلغ 3008 أعمال، رقمٌ يكاد يلامس الأسطورة. غير أنّ أهمية هذا الحدث لا تكمن في الرقم نفسه، بل في ما يكشفه من تحوّل جذري في مكانة الموسيقى الكوردية ودورها في المشهد الفني الدولي.

فهذا الرقم الذي قد يبدو مجرّد إحصاء،…