الشاعر السوري علي كنعان يفوز بجائزة حامد بدرخان في دورتها الأولى للعام 2010

 

تداولت لجنة تحكيم “جائزة حامد بدرخان”، الشاعر السوري الكردي الكبير الراحل (1924ـ1996)، حول عدد من الكاتبات والكتّاب الذين يتسم منجزهم الأدبي بإعلاء القِيَم الإنسانية والجمالية التي حملها بدرخان، في امتداح الحرّية والحقّ والتجديد والحداثة والمقاومة؛ والتي دافع عنها في سلوكه، كما اشتغل بدأب، واجتهد بعمق، لكي تنعكس بقوّة وأصالة في نصّه الشعري، بلغات متعددة وأسلوبيات ثرّة. وقد قرّرت اللجنة، بإجماع الاصوات، منح الجائزة في دورتها الأولى، للعام 2010، إلى الشاعر السوري الكبير علي كنعان.
وكنعان ينتمي، إسوة بزملائه علي الجندي وممدوح عدوان وخليل الخوري وفايز خضور وفواز عيد، فضلاً عن بدرخان نفسه (الذي كتب قصيدة نثر ثورية الشكل والمحتوى، تعتمد فصحى خاصة من طراز بكرٍ وعالي الإيحاء)، إلى جيل كانت إسهاماته الأبرز قد ابتدأت من النجاح في إقامة الصلة الحداثية، بمعنى التحديث المعمّق في الشكل مثل الموضوعات، بين ثلاثة تيّارات: حلقة عبد الباسط الصوفي وسليمان العيسى وشوقي بغدادي، حيث هيمن شكل “الشعر الحرّ” أو التفعيلي الذي لم يكن يخرج جذرياً عن عمود الخليل، أو يدور حول تقطيع العمود طباعياً دون المسّ ببنيانه في الجوهر؛ وحلقة الثلاثي علي الناصر وأورخان ميسر وخير الدين الأسدي، حيث النماذج الأبكر من قصيدة النثر السورية، والميول السوريالية؛ ثمّ حلقة التجارب المميزة، ذات الخصائص الأسلوبية والموضوعاتية المنفردة، كما مثّلتها تجارب نزار قباني ومحمد الماغوط.
المستوى الثاني العميق في إسهامات هذا الجيل، وكنعان بصفة خاصة، هو أنّ تلك الصلات الحداثية كانت تتمّ والشعراء على وعي تامّ بمقدار الضغوطات التي تمارسها القصيدة العمودية السورية على الذائقة العامة؛ سواء على يد مجايلين من أمثال وصفي القرنفلي وحامد حسن وسعيد قندقجي وعبد الرحيم الحصني، أو مخضرمين وأصحاب سطوة من أمثال عمر أبو ريشة وبدوي الجبل ونديم محمد من جيل الكبار السابق.
ولقد ظلّت شعريات على كنعان ترتقي وتتطوّر ضمن معادلة كبرى: أنه كان حامل براءة رعوية مديدة ثاقبة الرؤيا والحسّ والحساسية، وباصرة تصويرية وتشكيلية خارقة، وانتماء نبيل في أتون اغتراب لا يقلّ نبلاً، من جهة أولى؛ وأنّ حامل الحامل هذا كان شعرية فريدة لم ينهض امتيازها على أوهام حداثة نخبوية جوفاء، أو على ألعاب تجريب مجانية عزلاء وانعزالية، من جهة ثانية.
وتلك معادلة صنعت قسمات كنعان الشعرية الخاصة، وأفردت له مكانة عالية في المشهد الشعري السوري على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين، كما ضمنت له صوتاً متميزاً راسخ السمات في حركات التجديد الشعري العربية منذ أواسط الستينيات ومطالع السبعينيات.
هذا وقد تألفت لجنة التحكيم من إبراهيم محمود، إبراهيم اليوسف، حسان عزّت، فدوى كيلاني، فرج بيرقدار، وترأسها صبحي حديدي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…