اقتفيت الأثر

شعر: دلاور زنكي
ترجمة: توفيق الحسيني.

في بلاد الشمس
على ساحل البحر الأبيض
في البلد المقتول “المغتال”.
لدى الطود الذبيح “من الوريد إلى الوريد”
وعلى الوهاد والسهوب “المشنوقة”
وعلى رائحة النجيع المستشاط

تعقبت خطوات رؤياي.
في المشرق
أنا البدر التمام “القمر في أوج كماله”
نحن أبناء سبيل على درب جريح
أنا.. ويراعي… وكسرة خبز
في أحشاء الليل
في كبد السماء
سالكون على مسالك منهارة
وخطواتنا وئيدة وَسْنانة
في ظل جدار مصمت أصم
أيقظت يراعي.
لكنّ قافلة من نجوم
حطمت مرآة أحلامي…
أَطارت عصافير أفكاري وتأملاتي.
في مقلة الليل الدامس “الضرير”
المسربل بالأحلام
استلبت رغائب يراعي
أحالتني إلى خرائب وأطلال
ولكنني تعقبت الأثر.

أنا ويراعي
وأسراب من الهموم والأحزان
وصرير القلم
وصوت قضم خبز حافٍ
ولسان دون روح
وخطوات مكلومة “متعثرة”
من سنوات من غير فصول “عجاف”
حملوا نعش الأزمنة الخديجة
على كاهل الأموات.
ولكنني تابعت اقتفاء الأثر.

صار لنا الليل والنهار أرجوحة.
في زوايا دوران الفلك
يجهزون على أوصال الزمن
وفي سهل “ماردين”
إزاء محيّا وردة “دوّار الشمس”
وأمام براثن الشمس اللافحة
تحت ظل “عابس” دون ابتسامة
ونار لاغبة- باردة
وجداول محتبلة وأسيرة
في سهب النداء والصراخ
بنعال أحلام يراعى
تعقبت الأثر.

أولئك الحاقدون الحاسدون
بعثروا وكراً في جمجمة ذكر من الحجل
وفي دوّامة الأحداق
تعقبوا أثر الدماء…
وأمام صقيع عواطفي
أوقدوا قناديل أفئدتهم
إزاء نوافذ أزمنتي
درسوا أزمنة بيادرهم
وعلى أجنحة أحلامي
ندفوا أحلامهم
وأمام غابات وواحات أمنياتي وأفكاري
زرعوا حقولهم و “بساتينهم”.
وإزاء دفء أفواه كلومي “جراحاتي”
جففوا جثث عبراتهم
وعلى موسيقى آهات دمي
أداروا كؤوس الراح.
أما أنا
فعلى رنين الكؤوس
تعقبت الأثر.

في خضم المنفى
في الأماسي المتهرئة
في النداءات الطليقة
في الجبل الأشم
تحررت ذكور الحجل
من الأغلال والأصفاد التي علاها الصدأ.
وأعدت مزاميرها وسوّتها
ثم أعلنت بلحنٍ جديد وصوت جديد
وبقلب حر عن البشارة
بقبلة القمر التي جلبتها معها.

5/2011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مسلم عبدالله علي

قبل يومين، كنا عائدين من العمل. وقبل أن ننطلق، أوقفنا شابٌ مصريّ كان يعمل معنا في نفس البناء، فأردنا أن نوصله في طريقنا.

ما إن صعد السيارة، حتى انهالت عليه الأسئلة من كل حدبٍ وصوب:

ـ أين تقع الأهرامات؟

وقبل أن يجيب، أضاف أحدهم: هل زرتها؟

ابتسم وقال: ليست بعيدة تبعد ساعة فقط عن منزلي، أمرّ بها…

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي

يبحث عن أرجوحة

صنعت له أمه

هزّازة من أكياس الخيش القديمة…

ومصاصة حليب فارغة

مدهونة بلون الحليب

ليسكت جوعه بكذبة بيضاء.

 

شبل بعمر الورد

يخرج كل يوم…

حاملًا كتبه المدرسية

في كيس من النايلون

كان يجمع فيها سكاكر العيد

ويحمل بيده الأخرى

علب الكبريت…

يبيعها في الطريق

ليشتري قلم الرصاص

وربطة خبز لأمه الأرملة.

 

شاب في مقتبل العمر،

بدر جميل،

يترك المدارس…

بحثًا عن عمل

يُجنّبه الحاجة إلى الآخرين

ويختلس بعض النقود

من…

إدريس سالم

تتّخذ قصيدة «حينما يزهر غصن الألم»، موقعاً خاصّاً، في الحقل النثري الوجداني المعاصر؛ لما تنطوي عليها من إعادة تعريف للعلاقة بين الذات والأنوثة والحياة؛ إذ تقدّم الشاعرة والمدوّنة الكوردية، ديلان تمّي، نصّاً يتأسّس على ثنائية الاعتراف والتمرّد، ويتراوح بين الحنين والجرأة. ليغدو الألم في تجربتها هذه مادّة جمالية قابلة للتشكّل، وغصناً يُزهر بدلاً من…

إبراهيم محمود

“الذاكرة هي أولاً وقبل كل شيء عملية انتقاء حيوية بين الذكريات والنسيان ، بين ما يجب أن يحتفظ به الوعي وما سوف يتجاهله أو يُعاد قسريًا بشكل مؤقت أو نهائي”. إنه “يؤسس انتقال الأجيال ، بنى البنوة ، الروابط الأسرية والاجتماعية لأنها جزء من جماعة”

هنري روسو

تحرّكٌ

في الذهاب إلى الكتاب، نمضي إلى التاريخ بكل تأكيد،…