من تلميذ إلى كاتب

أمين عثمان

 نتعرف على شخصية الكاتب من خلال أسلوبه ،
 فـ (الأسلوب هو الإنسان نفسه) كما يقول المفكر الفرنسي (بوفون) .
إلى توكيد صلة الأسلوب بصاحبه: “الأسلوب هو الرجل عينه”؛ صورة لصاحبه، تبرز مزاجه وطريقته في التفكير ورؤيته فالأسلوب صورة الروح.
 اسلوب الكاتب, مرأة عاكسة لشخصه وشخصيته…
صارت كتابة الشتم والسب والقذف واهمها التجريح الغير اخلاقي, هواية الكثير
الغريب ان هذا الاسلوب المقزز والمؤسف اصبح حوار اليوم, علما ان الكثير من اولئك الذين ينشرون غسيلهم البيتي الذين تعلموا فنونه التي تعبر عن واقعهم المريض..
ما هذه الثورة الجديدة من الشتم والسب واطلاق الكلمات النابية وغيرها من اساليب يقشعر لها البدن , ما ان اختلفت مع اخر حتى اتهمك اتهامات باطلة ولايتورع البعض حتى اتهامك بوطنيتك و بشرفك..؟؟
أما الآدهى منها , يكون الرد بالشتم والقذف واستعمال كلمات لم نعرف مكانها وقواميسها وحتى مصادرها وغيرها مما نقرأه في صراع بيزنطي بين مثقفينا
مايشدنا ويؤلمنا ,
يتذكر الكثير منا كيف يقرأ لهذا وذاك من الكتاب المخضرمين الذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير ونتمنى ان نكون بمستوى ثقافتهم واخلاقهم العالية..
وفي العادة هناك الكثير من المثقفين والادباء الذين تركوا بصمه في واقعنا ,.. وواجب احترامهم وتكريمهم ايضا.
أسلــوب الكاتب ، هو مفتاح شخصيته ، ومفتاح شخصية نصه
تفعل ما تشاء .. فهل يأس الكاتب وبطل القصة حينما يقول : سأطلق الشتائم في جميع الإتجاهات والقدح والذم والبكاء، هل هو يأس يعوضه بالشتائم واللعب بالالفاظ ، أو هو فسحة من الحرية يلتقي فيه الكبار مع الصغار بعد ابتعاد وفرقة أو يريد قول أن الجميع مسؤول عما نحن فيه لهذا سيطلق اليأس في جميع الأتجاهات .. أي سيكون سعيداً بذلك أو سيكون لاهياً أم ماذا ..؟؟
 التساؤلات عديدة وإجاباتها في أذهان كل متلقي وقد تختلف وجهة نظره مع وجه نظر متلقي آخر سواء أكان طالباً أم أكاديمياً أم ناقداً أم فرداً عادياً. في المواقع الإعلامية في بعض المقالات بدأت أساليبهم في الحوار.. أو تصرفاتهم في المواقف.. تزداد شراسة وتخطيا للروح الرياضية.. والالتزام الذي يفرض عليهم جميعا الحفاظ على سوية الخطاب .
ويفترض أن يكون باسلوبه قادرا على تأكيد حضوره المشرف.. ولغته الجميلة.. وحواره الحضاري.. في الواجهات الحضارية.. أما السقوط في التحيز المكشوف.. والإساءة والسخرية من المنافسين.. والخروج عن دائرة المنافسة الشريفة..؟؟
هل يكون  مشرفا.. متزنا.. مدركا لمسؤولياته.. وأدواره.. بعيدا عن التصعب.. ومسك العصا والتلويح بها في وجوه الآخرين انطلاقا من الغرور والعنجهية !
الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .. احترام الرأي الآخر وإن كان لا يتفق مع رأيهم، وينبغي عدم الإساءة إلى الغير أو استخدام الكلمات الجارحة أو الألفاظ المؤذية .. بل لابد من وجود المودة والترابط مع الأخرين .. والبعد عن الهجوم ويجب التركيز فقط على نقد الفكرة مجردة عن كاتبها .
و لابد أن تكون المواضيع مكتوبة بأسلوب راقٍ بعيداً عن الإسفاف والمهاترات أو السخرية غير المبررة أو التهكم والنقد السلبي الذي يضر ولا يفيد

أن ما يحدث اليوم يتجاوز مناقشة الأوضاع إلى خروج عن النص، وانحراف عن مبدأ الرأي المجرد الناقد المعزز للإيجابيات، الكاشف للسلبيات، أما الذي يجد هجوما لاذعا خارجا عن المألوف معززا باتهامات غير مثبتة،
فكم من العلاقات الإنسانية القريبة والبعيدة تفقد رونقها وجمالها ومصداقيتها بسبب الأساليب التي نستخدمها مع من حولنا إنّ المعيار في قيمة الفعل الأخلاقي هو ان يكون مبنيا على اساس حب الآخرين لاعلى اساس حب الذات

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبحي دقوري

 

مقدمة

تمثّل قراءة جاك دريدا لمقال والتر بنجامين «مهمّة المترجم» إحدى أكثر اللحظات ثراءً في الفكر المعاصر حول الترجمة، لأنّها تجمع بين اثنين من أهمّ فلاسفة القرن العشرين

— بنجامين: صاحب الرؤية «اللاهوتيّة – الجماليّة» للترجمة؛

— دريدا: صاحب التفكيك والاختلاف واللامتناهي لغويًا.

قراءة دريدا ليست شرحًا لبنجامين، بل حوارًا فلسفيًا معه، حوارًا تُخضع فيه اللغة لأعمق مستويات…

ماهين شيخاني

 

المشهد الأول: دهشة البداية

دخل عبد الله مبنى المطار كفراشة تائهة في كنيسة عظيمة، عيناه تلتهمان التفاصيل:

السقوف المرتفعة كجبال، الوجوه الشاحبة المتجهة إلى مصائر مجهولة، والضوء البارد الذي يغسل كل شيء ببرودته.

 

كان يحمل حقيبتين تكشفان تناقضات حياته:

الصغيرة: معلقة بكتفه كطائر حزين

الكبيرة: منفوخة كقلب محمل بالذكريات (ملابس مستعملة لكل فصول العمر)

 

المشهد الجديد: استراحة المعاناة

في صالة…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.
رفوف كتب
وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف…

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…