غادرنا (عادل إبراهيم) ولما يزل (ميتان هوري) حي يرزق؟؟!!

  المحامي محمود عمر

بالأمس كنا ثلة قليلة ـ وللمرة الأخيرة ـ في ضيافة عادل إبراهيم في قريته الوادعة (غيبي), التي طالما كره أن يهجرها, لنرافقه إلى مثواه الأخير حيث ضمت تربة (دياري كيلي) ـ وطوبى لها ـ جسده الطاهر, ودعناه بغصة وألم وصوره الجميلة تزين صدورنا, ولن تبق معنا سوى ذكريات هذا الإنسان الخلوق, المناضل, الهادئ ,الصامت, , وحين كان يضطر لأن يخرج عن صمته فإن ابتسامته الخجولة كانت تطفي على حديثه القليل لونا وطعما آخر.
ثنائية الفقر والظلم تكفي إحداها لكي تهد جبلا, فكيف إذا تحدتا في آن ضد شخص واحد, الفقر هذا الشبح الرهيب, الذي قال فيه سيدنا علي: مارست كل شيء فغلبته مارسني الفقر فغلبني ـ قبل عدة قرون, بقي أبا زيان يكافحه طيلة سني عمره , يركض خلف الرزق يمنة ويسرة, شمالا وجنوبا سعيا وراء لقمة العيش لأولاده ولكن أنُ له ذلك , فقد ظل الفقر مطبقا على أنفاسه ممسكا إياه بكلاليبه طول الدهر, ولكنه مع ذلك لم يكل أو يمل أو ييأس, الآن فقط قد ارتحت من هذا الحمل الثقيل المرعب.
الظلم توأم الفقر في تحالفه ضدك, أجبرك على أن تخفي خوف الحريص, العديد من الأمور ومن جملة ما أخفيت هو أسمك, الذي تحول إلى ميتان هوري, وعالم هذا هو عالم آخر, يختلف تماما عن عالم  شخص  ذاك الإنسان الخجول الهادئ , يتحول ميتان هوري في عالمه ـ حين يمسك اليراع إلى فارس ـ  لا يشق له غبار والى كاتب من الطراز الرفيع, لا يكتب عن الأمس لا يذم أو يقدح أو يشتم أو يكتب نقدا هداما , بل وببصيرة المثقف الواعي يبحث في كتاباته عن الحلول للمشاكل وما يجب عليه أن يكون الغد , يتناول مقدمات جيدة يفسر يحلل ثم يصل إلى نتائج صحيحة ومرضية, هذا هو باختصار عالم (ميتان هوري) المثقف الذي سيظل بنتاجاته حيا يرزق بيننا نعود إليه كلما دعت الحاجة , لذلك ما أحوجنا ـ وهذا نداء إلى رفاقه في هيئة تحرير جريدته الوحدة ـ إلى أن تجمع كتاباته في كراس صغير يحمل اسمه وان يشار إلى إن صاحبه (ميتان هوري) الحي بكتاباته, هو ذات الشخص (عادل إبراهيم) الذي يرقد الآن في (ديارى كيلي) وبذلك  فقط ربما يعاد له جزء من حقه الذي أغتصب منه حال حياته بعد مماته.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…