سعيدٌ بكِ كمطرٍ متأخرْ …!!؟

  أحمد حيدر

أطلَّت ْعلى اطلاله ِ
كمطر ٍناعم ٍلمْ يكنْ يَتوقََعه ُ 
ولم ْيفكرْ به ِيوماً
كسؤال ٍمحرَّج ٍمجرَّح ٍ
في اختبارِالوردِ

أطلَّت ْ- فجأة- على سَمواته ِ
الملبدَّة بالحيرة ِ  
وأطيافَ الأحبة ِالذين َرحلوا
ولمْ يتركوا فرصة ًلمن ْفاتهُ وداعهم
دشنتهُ بالرغبات ِوالفردوس المفقود
واحتمالات ٍأكيدة ٍباللقاء
أطلَّت ْعلى إطلاله ِ
كهديرِنهرجَغجغْ
الذي جفَّ في أعماقه ِ
كصَدى آذان قاسمو
قبلَ صلاة الفجر
على عجل ٍيتردَّدُ في منفاه
أرختْ شالها الأبيض على ظلمة ِأيامه ِ
وَقارَها قبالة ركامهِ   
ذكرَّته ُباسمه ِ- أحمد حيدر-  
وهنا المأساة
ذكرَّته بهزائمه ِوارتباكه ِكلمّا مرّمن هناك
ما ضيَّعهُ قبلَ عشرين َسنة من غير ِمبرر
في قصص ِِالحبِّ الفاشلة والتسكع وشرب العرق والندم ومطاردة الأوهام
كبرتْ الدالية التي زَرعتها في الحوش وتدَّلتْ عناقيدها في الغربة   
غطتْ نباتات الزينة ِحيطانَ البيت – المزار – الذي كانَ يَحجُ إليه ِالشباب من الحارات البعيدة وسترت ْالشباك المطلِّ على زفرات ِالخائبين في عراكهم المستمر على نظرة ٍعابرة ٍمن خلف ِنظارتَّها أوابتسامة ٍتوقفُ خصومات روَّاد مرطبات كمال كوري ونزيف العابرين من شارع ِبيتها إلى الشقاء
كانتْ تستدرجُ البساتين المجاورة والشعراء وحرس الحدود والمدرسين والفنانين والطيوروبنات الحارة إلى هدأتَها على الرصيف ِأمامَ باب المزار- أقصدُ باب بيتها – فتتشاغلُ النجوم بوميضها وتتناقل المساءات ماتنطقه ُمن نشيد وفاكهة
مسحورون بصوتها خاصة في الهاتف الأرضي
أوحينما تدندن بأغاني الفنان محمد شيخو
مسحورون بقامتها وأناقتها وقصة شعرها ومشيتها وأحاديثها ورومانسيتها
تَغيرتْ ملامح المدينة كلَّها ولمْ تتغير ملامحها الطازجة  
نَبرتها الحزينة ترهقهُ تهدَّه ُتفرّقهُ تخرّبهُ تستفزه ُ
نَظراتَها تفتحُ أبواباً مجهولة ًفي سيرته ِالمضطربة
تَمنحهُ الأمانَ كمحطة ٍأخيرة في رحلة ٍشاقة
تَغيرتْ طبائع أهل المدينة ِولم ْتتغيرطبائعها باستثناء لون شعرها 
كانتْ شقراء تلفتُ انتباه الموتى حينما تلبسُ بنطال الجنس الضيق وبلوزة بيضاء
وتسيرُ بخطى ًواثقة نحوالأغاني كفراشة ٍتهيمُ حول َالضوء لكنها تعودُ فارغة اليدين منكفئةٌ في أحزانها وعلى كتفيها أعوامٌ من الوجع تندب ُحظها العاثر في هذا الزمن المدنس   
تسيرُفي جهة الملائكة كملاك ٍ صغير
وتسيرُالمدينة نحو مصيرالغرقى المحتوم
الكوليون تفرقوا في العواصم إلى غيرِ رجعة : برزان وفاضل وشيركوحندووأحمد ومحمود خطيب وأحمد عزت ومحمد صالح حاج حمو مات جنكو واحترق قرو في سجن الحسكة والأصح أحرقوهُ وبرزان حمو ترك الرسم ولا أعلم ماذا فعل بلوحاته وإبراهيم زورو الجدير بالحب لا يزال مصراً على خياره ِالخطيروالشاعرإبراهيم اليوسف استقر في الإمارات وهتافاته ُتتصدرُمسيرات الحرية ماتَ أغلب المسنين َفي الحارة واقتلعت أشجار سامقة من أعمارنا
النبعُ الذي كتبنا في عذوبته ِتواريخَ شَخصية وأسماءَ أحزاب وقادة وبنات خانت الخبزوالملح –للأسف- ترَّكنا في منتصف ِالطريق من غيرأيادي نلوَّح بها للمهاجرين توارى وراء الحدود وبقي طعم الخسّ الذي أكلناه بجانبه ِفي حلوقنا ولم يزلْ يتدفق بغزارة ٍفي أحلامنا وتزهرُ أعشاب (الدحل) في رئاتنا    
تخرَّج أولاد الجيران من الجامعات وصاروا أطباء وتجار وأصحاب مشاريع
بنيت عمارات ٍفي الشارع ِوبقي البيت ُعلى حال ِالعشاق ِراسخاً يَحتفظ ُبرائحة الغائبين وسط الحوش وينبعث ُمن الشباك ِالمطل ِّعلى زفرات ِالخائبين صوت
(نجاة الصغيرة) :عيون القلب ….
أطلَّت ْعلى اطلاله ِ- فجأة –
كمطر ٍناعم ٍلمْ يكنْ يَتوقََعه ُولم ْيفكرْ به ِيوماً
أجبرتهُ على الصلاة في مَعبدها – في حضتها الدافئ – كم يغويه ِالصلاة منذ ألف سنة ؟ كم يشتهي أن يعتكف َطوال عمره ِفي معبدها ؟
أطلتْ ولم يَخطرلها أن تعدَّ لهُ القهوة أو تشلحُ شالها الأبيض وتلبسَ الروب الزهري كي ينهي قصيدتهُ على ضوء ِزندها ويضع ُ حداً للموت الذي يلفُّ روحهما  
على شرف ِطلتها هذه الليلة المباركة
سَيرفعُ نَخبها عالياً

على شرف ِجرح ٍ قديم ْ…!!؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…