التقليد وما التقليد

  دليرى كرد

أكثر من مرة قلت في محاضراتي وأمسياتي ، وأوضحت للحضور وذوي العقول النيرة ، بأن التقليد ليس ثوباً يرتديه المرء كما يشاء ، وليس كل من هب ودب يستطيع أن يقلد وأن يحسن التقليد ..
أحياناً نسمع آراء بعض الهمجيين يقولون :

إن خيرو عباس قد غنى أغنية الفنان محمد شيخو أفضل منه ، وأن نارين فقه هي أيضاً غنت للفنان محمد شيخو .. وأبدعت في أدائها ..
هذه مقولة خاطئة وخرافية ورأي فاشل , قد يكون المقلد ناجحاً ولكن ليس أفضل من صاحب الأغنية نفسه , دائماً الشاعر له وقته والملحن له مزاجه .. والاثنان يلتقيان في حدث واحد .. قد يكون مؤلماً وقد يكون مفرحاً , وبإحساس رقيق نابع من ضمير حي ووجدان سليم ينطلقان إلى دنيا الإبداع والإنسانية .
إن الفنان محمد شيخو عندما كتب ولحّن أغنيته .. كان فقيراً لا يملك في جيبه قرشاً واحداً , وأطفاله الصغار يتضورون جوعاً وحرماناً , وانطلاقاً من حالته تأثر محمد شيخو وأحس بإحساسه المؤلم الذي لا يوصف , وجرحه الذي لا يندمل عصوراً .. وببكائه المر غنى وأيقظ الملايين من سباتهم , وملأ الأنهار والوديان بدموعه وآهاته وحسراته ..
فهل بإمكان أي مقلد أن يحس ويؤدي بإحساس محمد شيخو , ربما أبالغ في وصفي ولكن هذه حقيقة لا مفر منها ..
لا أنكر بأن خيرو عباس سيغني وربما يجيد في غنائه , ولكنه يعيش في أوربا وفي جنة النعيم .. وجيباه مليئتان بالدولارات , والذي يصبح ملكاً لا يحس إلا بإحساس الملك , والذي يشبع لا يحس بجياع الآخرين ..
ومعنى ذلك أن خيرو عباس لن يتقمص شخصية الفنان محمد شيخو , ولن يتقن دوره حسب المطلوب , ومهما ازداد عدد المقلدين فإنهم لن يفيدوا بشيء .. ولكن أقول لهم :
كل من يود أن يقلد فله الحرية المطلقة وله حرية الاختيار, ولكن بعيداً عن التكبر والغرور الشخصي والانتهازية الحاقدة .. والفنان محمد شيخو سيبقى الجبل الأشم في ضمير كل كردي مخلص , في تاريخ المناضلين الشرفاء, في عيون أمهات الشهداء , في دفاتر الأطفال التعساء, في سجل الخالدين .. إلى أبد الآبدين ..

  دليرى كرد _ Dilêrê Kurd   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تُعتبر الصحافة مرآة تعكس حياة الشعوب وتطورها، ولا يقتصر دورها على نقل الأخبار والأحداث فحسب، بل تتجاوزه لتكون أداة أساسية في بناء الثقافة، وصون اللغة، وتشكيل الهوية.

بالنسبة للشعوب التي لا تمتلك كياناً سياسياً مستقلاً كالشعب الكوردي، تكتسب الصحافة أهمية مضاعفة، إذ تتحول إلى وطن متنقل لمثقفي الأمة ومنبر رئيسي للحفاظ على إرثها الثقافي ونهضتها الفكرية.

وفي…

بنكين محمد
شعبٌ إذا أراد أن يتكلم،
يصمت العالم ليعرف ماذا سيقول.
وإذا أراد أن يغضب…
ترتجّ الأرض تحت أقدام الذين اعتادوا رمي الحصى من قاع الجُبِّ نحو قممنا العالية.يقولون: نشوّه صورتهم
فليجرّبوا.
فالماءُ لا يتسخ من يدٍ غارقة في الوحل،
والجبلُ لا تنال منه صيحاتُ من يعيش في ظلّه.نحنُ قومٌ
لم نتاجر بخوف طفل،
ولم نُسقِط امرأةً تحت سيف،
ولم نُلَبِّس تاريخنا ثوباً ليس…

ا. د. قاسم المندلاوي

توفي يوم الاربعاء المصادف 24 نوفمبر 2025 احد ابرز نجوم موسيقى وغناء الكورد الفيليين الفنان ” خليل مراد وندي خانقيني ” عن عمر ناهز 78 عاما … وبرحيله تخسر كوردستان عامة و خانقين ومندلي وبدرة و خصان ومنطقة كرميان خاصة صوتا قوميا كورديا كلهوريا جميلا في الغناء الكلاسيكي الكوردي الاصيل نسئل الله الباري…

حيدر عمر

الخاتمة

تضمنت الدراسة سبع عشرة حكاية شعبية تنتمي إلى شعوب آسيوية هي الشعوب العربية والأوزبكية والجورجية والكوردية والفارسية والروسية واللاتفية، بالإضافة إلى واحدة ألمانية، وكانت متشابهة إلى حدّ بعيد في الأحداث والشخصيات، التي هي في أغلبها من الحيوانات، مدجنَّة أو غير مدجنَّة، ولكنها جميعاً تنتمي إلى البيئة الزراعية، ما يعني أن جذورها…