ما بين عجرم وعيد…

بسام مصطفى

استقبل إقليم كردستان العراق خلال الأيام الماضية كل من المثقف والمعارض السوري وصديق الشعب الكردي الاستاذ عبدالرزاق عيد، والفنانة اللبنانية نانسي عجرم. وكما أن البون شاسع بين عيد وعجرم، كذا كان استقبالهم في الإقليم. وشتان ما بين الاستقبالين! إستقبال فنانة إعترفت في مؤتمرها الصحفي بأنها لا تعرف عن الكرد شيئا لا من قريب ولا من بعيد وقالت أنها المرة الأولى التي تتعرف فيها على شيء إسمه الفن والفنانين الكرد! وإستقبال مثقف عربي صديق للشعب الكردي ناصره في أغلب قضاياه وعرف بدفاعه عن الكرد، ليس في سوريا فحسب، بل في العراق أيضا.
لقد استقبلت نانسي عجرم في اقليم كردستان استقبال الملوك، ونزلت في إحدى أفخم الفنادق في العاصمة أربيل وكانت محط انظار الصحافيين وكافة وسائل الاعلام المقرؤة والمكتوبة والمسموعة التي استعدت لاستقبالها منذ الصباح… وكانت لها بالمرصاد، حتى أن فنانتنا تفاجأت من هذا الاستقبال العارم وذهلت من هذا الحب الكبير والحفاوة التي لقيتهما من الكرد الذين لا يفقه أغلبهم كلمات أغانيها. ولم تخف دهشتها هذه في مؤتمرها الصحفي ممزوجا ببعض الاستخفاف سيما من قبل منظمي المؤتمر ومرافقيها.
أما إستقبال الدكتور عبدالرزاق عيد، وما تعرض له في مطار اربيل الدولي ومنعه من دخول الاقليم التي أثارت ضجة كبيرة ولغطا بين أوساط المثقفين والمهتمين الكرد والعرب، وسبب نفورا لدى الجميع إزاء المشهد الذي تعرض له عيد في ذات المطار الذي استقبل بكل حفاوة نانسي عجرم.
لا شك ان الانفتاح على العالم وفي كافة المجالات الفنية والاقتصادية والتجارية وغيرها شيء يبعث على السعادة فكلنا نتمنى الخير لاقليمنا هذا، رغم أن نانسي لا تنتمي إلى كوكبة الفن الأصيل لتلقى كل هذه الحفاوة. ومعلوم أن الفن، سيما الأصيل منه، جزء لا يتجزء من الابداع الانساني محل التقدير والاحترام لدى الكل، لكن هنا يجدر بنا ألا ننسى أهمية وثقل الثقافة وتأثيرها على تطور المجتمعات، خاصة مجمتعنا الكردي الذي أحوج ما يكون إلى الثقافة ليزدهر ويتطور، فالبناء الأهم ليس بناء العمارات والبنايات الشاهقة، وإنما بناء العقل وبناء الانسان الذي يتم عبر الثقافة.
لا بد من القول أن مثقفا مثل عبدالرزاق عيد لا يقارن بفنانة “استعراضية”، فقد كتب وخط الكثير عن الكرد وقضاياهم ومسائلهم المختلفة، وما كان يستحق أن يلقى هذا الاستقبال. وهذا ما يقودنا الى الاستفسارعن قيمة الثقافة والمثقفين في مجتمعاتنا حيث ان هناك الكثير من المثقفين والأدباء والشعراء لا سيما من سورية يمنون أنفسهم بتلقي دعوة ما تكون سببا لزيارة الاقليم والمشاركة في المجالات والمناسبات الثقافية، لأن مجيئهم يتطلب دعوة رسمية من قبل الاقليم.

يا أستاذ عيد، أما لو كنت فنانا تتقن الغناء، لكنت لقيت إستقبالا أكثر حفاوة وأبهة مما لقته نانسي عجرم، في أربيل والتي باءت حفلتها بالفشل رغم كل ذلك الاستقبال.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…