حوار مع الكاتب والشاعر دهام حسن

الحوار – لوران خطيب

أنت تكتب المقالة والشعر الموزون .. فأين تجد نفسك.؟

لو سألتني هذا السؤال قبل أربعين أو خمسين سنة لأجبت على الفور وقلت دون تردد صهوة الشعر، أما اليوم وفي هذه السن فأني أميل إلى المتابعة والكتابة في الشؤون الفكرية والسياسية، ويبقى الشعر في إطار هوايتي، فأنا اليوم لا أقرأ الشعر بتاتا، وما أكتبه فهو من بقايا الزاد الوجداني القديم وما تراكم منذ أيام الصبا والصبوة والصبابة، وبالمناسبة فأنا بدأت النظم بالشعر العمودي، ثم في مرحلة لاحقة كتبت شعر التفعيلة، ثم الشعر الحر، لكن يبقى الوزن من أهم سمات الشعر الجيد الخالد برأيي ..
هل لديك طقوس خاصة أثناء الكتابة.؟

لا أبدا ليس لدي أية طقوس خاصة في الكتابة، لكن طقوس الكتابة ذات الطابع الفكري والصبغة السياسية تختلف عنها في الكتابة الوجدانية، ففي الكتابة السياسية والفكرية تكون في الواقع على الأرض، أما في الكتابة الوجدانية فقد تحلق في الفضاء وتسرح بخيالك مع السحاب وتمضي بعيدا بعيدا مع ما يراودك من أضغاث أحلام بعيدا عن الواقع الحقيقي الذي تعيشه، وأعتقد أن هذا ينسحب على كل كاتب أو شاعر..

هل تحدثنا عن بداياتك الشعرية؟ ما هي قصة القصيدة الأولى.؟

قدمت من الريف إلى المدينة بهدف متابعة تعليمي في المرحلة الإعدادية في عامودا كان هذا في عام 1960 فكانت الأجواء جديدة علي، بعلاقات تفرض نفسها على واحدنا، لكن الأكثر استحواذا على مشاعري من كل هذا أن أرى سرب الصبايا وهن يذهبن إلى المدرسة زرافات وأنا أتأمل ما يرتدين من ثوب مدرسي قصير الذيل إلى حدود الركبة قلت في أثوابهن وقتها شعرا (تعانق أذيالها كسر الركب) وبعد عقود من السنين كلما التقيت بشيخ عفيف الحسيني كان يردد هذا الشطر من شعري فقد أعجبه هذا الوصف، الأجواء الجديدة وربما إحساسي المرهف و وقده مشاعري حملاني من الواقع وحلقا بي إلى الخيال إلى الواقع المتخيل، لا أذكر متى جاء نظمي للقصيدة الأولى، وما هي قصة القصيدة الأولى لكن أذكر بعض المفردات من نص يرجح أنه ربما كان النص الأول فكانت تبعث على الضحك والخجل والسخرية وأنا أصف من أميل إليها بأوصاف أنكرها اليوم ولا أستطيع أن أعرضها الآن مع تدني المستوى الفني واللغوي وربما كان منذ ذاك ركبني الخيال فرحت أتخيل طالما الوصال غير ممكن تحقيقه في الواقع أو هو أشبه بالمستحيل، فلماذا إذن لا يترجم هذا الوصل في الخيال..! ولا أعلم إلى الآن هل هي علمت بغزلي عنها أم لا.. وفي سبيل الدعابة أذكر أن زميلا لي في ذات الصف والشعبة اسمه (جميل قوج) أذكره قال لي مازحا :(يخرب بيتك يا دهام ما بتعرف تحكي عربي شلون تكتب شعر)..

ما هي أقرب قصيدة من قصائد دهام حسن إلى قلبك.؟ ولماذا.؟

لا أستطيع أن أقول هذا النص أو ذاك أقرب إلي من غيرها من النصوص..لأن نظمي للشعر جاء في مرحلتين، في مراهقتي، وهنا تركني الشعر بعد فصلي النهائي من المدرسة وأنا طالب في الثالث الإعدادي ثم عدت إلى النظم وأنا في الستين..ومع هذا أقول أعجبني نظم نص شعري مطلعه (ورحت أزورها يوما) وهذا النص قمت حديثا فأقحمته بأبيات جديدة فاستحال إلى نص جديد معروف ومنشور مطلعه (صباح الخير سيدتي ..ألا شاركتني القهوة) هذا النص القديم الجديد له نكهة خاصة عندي وله قصة هي تشرح لنا ظروف الزيارة.. وهنا توقفت عن نظم الشعر إلا فيما ندر، لكنني في المرحلة الثانية أي في كبري مع انتشار (النت) وكانت العودة من باب التحدي والامتحان لي.. حضرت كضيف مناسبة إحياء ذكرى الشاعر الكبير جكرخوين فتوالى على المنبر الشعراء يلقون ما نظموه من شعر بالكردية وبالعربية.. فصعقت لهذا المستوى الهابط المتدني لهؤلاء.. الذين تناوبوا على المنبر وصل عددهم نحو خمسين شاعرا وشاعرة، وما كان بمقدور واحدنا أن يسمع إلا من قلة قليلة منهم لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.. فانسحبت خلسة وعدت إلى البيت وانزويت في المطبخ لأمتحن قدراتي وأكتب بتحد نصا شعريا بعنوان ملفت هو (دولة الشعر..) اتبعت في نظمه سنن الأقدمين من الشعراء، وقد وردت فيه عدة أغراض شعرية، بالحقيقة وجدته نصا جيدا ..

رحلتك مع الدراسة كانت شاقة ومتعبة فصلت نهائيا من مدارس سورية واعتقلت لكنك نجحت في النهاية..كيف أثرت هذه الرحلة الشاقة مع الدراسة في حياة دهام حسن الشعرية.؟

فصلت نهائيا من المدرسة وأنا طالب في الثالث الإعدادي بإعدادية (المعري) في عامودا كان هذا في عام 1962 إثر كتابات ذات شعارات سياسية على جدران إعدادية أبي العلاء المعري باسم الشيوعيين فاعتقلنا، ومن الطرافة أنا كنا في السجن لما عاود هؤلاء الكتابة لكن هذه المرة باسم الأكراد للإيقاع بشباب الكورد في الإعدادية، على العموم أقر لاحقا من قاموا بهذا الفعل وعرفت ما هي دوافعهم، ومن كان وراء دفعهم للإساءة إلى الشيوعيين ثم الكورد، المهم فصلت نهائيا من المدرسة، ولم تستقبلني بعدها حتى المدارس الخاصة، أذكر كنت أنفرد مع نفسي ليلا فتنهمر دموعي، فها أنا في كنف قرية قاحلة بلا كتاب بلا ثقافة بلا بنات المدارس،  فلم يعد بيننا تكافؤ (فهن بنات المكتب) كما قلت وقتها في نص شعري، حقيقة الموقف كان صعبا علي، لا مفر لي أمام هذه الخيبة، لكني لاحقا فيما بعد عدت لأتابع تحصيلي الدراسي اعتمادا على نفسي بدراسة حرة، فبدأت رحلتي مع الإعدادية فالثانوية فالجندية ثم المرحلة الجامعية حيث أنهيتها متأخرا في عام 1980..
لما فصلت من المدارس لم أعد إلى نظم الشعر إلا فيما ندر، لكن بعد أن أنهيت التحصيل الجامعي عادت ثقتي بنفسي وعدت أكتب.. لكن فيما بعد رحت أقرأ بنهم نحو عشر ساعات في اليوم، وركزت على بعض المسائل الفكرية، ولم أعد أقتنع بمقال الرفيق مهما علا شأنه أصبحت قادرا على المحاكمة والفرز بين هذا وذاك ..
مازال ماركس هو المفكر الأول عندي وأدين له بثقافتي المتواضعة..أما الشعر فيأتي في هذا السياق التاريخي، كجوع روحي أو لشبع وجداني، أو تعويض عاطفي عما فاتني في بداياتي ..

أنت شاعر ومشاكس في عشقك للمرأة وتتخلل قصائدك جرأة في وصف حال العشق، فأين تكون جرأة دهام حسن الحقيقية، هل في القصيدة فقط أم في الحقيقة أيضا.؟ 

هذا سؤال ذكي لكنه غير بريء وبالنسبة لي لا أجد حرجا في الجواب عليه، أنا أتخيل، أشتهي، أركـّب أصطنع عوالم غير موجودة إلا في الواقع المتخيل لإرواء رغبتي، فالقلب وما يشتهي، هذا في أجواء القصيدة، أما في الواقع فلا.. أنا جدا خجول، كثير الحياء عفيف اليد واللسان، لست بصورة شعري أبدا إلا في الخيال، وقد قلت هذه الحقيقة شعرا في نص بعنوان (مذهب في الحب) كرد لتساؤل مشابه للصديق الشاعر جميل داري يمكن العودة إليه..

وصفك البعض بـ(نزار الكوردي) فهل أحببت هذا الوصف.؟

لم أسمع بهذا الوصف إلا منذ أيام قليلة عندما أسمعني أحد الأصدقاء هذا اللقب، ومن لا يفرحه أن يرقى إلى مصاف العمالقة الكبار كما شأن نزار قباني.. لكن نزارا شاعر كبير وصاحب مدرسة فأول مجموعة له – إذا أسعفتني ذاكرتي- كانت في عام 1944 أي قبل أن أولد.. وأنا لم أعرف إلا في وسط ضيق قبل بضعة أعوام قليلة.. أرى هذا الإطار أو الهالة كبيرة عليّ واسعة فضفاضة لا تناسب مقامي، ولا يمكن لمثلي أن يقارن نفسه بنزار قباني..

في هذا الزمن المتغير (زمن العولمة) ما هو دور الشعر برأيك.؟

باعتقادي أن الشعر يبقى له دوره ومكانته، لكنه في كثير من النشاطات يلعب الدور المساعد لأن الدعوة للتغيير والديمقراطية أخذت تتسلم دور القيادة فيها وسائط الاتصالات والإعلام المختلفة، التلفاز والنت بالتكامل والتواصل مع الحركات الجماهيرية الاحتجاجية المعارضة الواسعة، والشعر حتى في هذه الحالات تلعب دوره المؤازر بنفثات وجدانية لها الدفع والتأثير في النفوس، والشعر الجيد في أية مناسبة لا بد أن يتأثر به الناس ويتناقله بعضهم جراء ذلك جيلا بعد جيل..

هناك كتاب وشعراء أكراد يكتبون باللغة العربية ، كيف تنظر إلى تجارب هؤلاء.؟ وهل هناك أسماء لفتت انتباهك.؟

بالتأكيد أنت تقصدين واقع الكتاب الكورد في سوريا.. كل من عاش ويعيش في سوريا لا يمكن له أن يصبح كاتبا أو شاعرا مرموقا إذا لم يقرأ بالعربية وربما إذا لم يكتب بالعربية أيضا، طبعا لا بأس من تعلم لغات أخرى فزيادة الخير خير.. سوف يعترض علي بعضهم. أذكر أن الشاعر جكرخوين قال في منتصف الستينيات من القرن الماضي على الأرجح والنصيحة كانت موجهة لي، أنا لو لم أقرأ بالعربية والتركية وربما ذكر الفارسية إلى جانب الكوردية لما سهل علي النظم اليوم بالكوردية..
في ساحتنا السورية والجزيرة حصرا نستطيع أن نقول أننا حديثون على الكتابة، صحيح أنه كانت هناك محاولات كتابات أدبية سياسية ربما في الثلث الأول من القرن العشرين لكنها لم تتبلور كاتجاه أدبي سياسي فكري يمكن أن يعتد به، واليوم انتشرت الكتابة بطريقة غريبة مع انتشار النت وتواجده في كل بيت، لن أقف عند أي اسم ممن دخلنا عالم الكتابة في هذه الفترة سوى اسم  إبراهيم محمود الذي سبقنا جميعا في هذا الميدان واحتراف الكتابة، لكن مؤلفاته تبقى مثيرة للجدل في موضوعاتها من حيث المنحى والجودة والأهمية والفهم والغموض ومستواها على العموم .. لكني الآن لست بصدد تقييمها..

هل هناك من أديب أو شاعر ترك أثرا في شخصية دهام حسن.؟

ليس هناك من كاتب أو شاعر محدد ترك بصمة في حياتي لا في كتاباتي ولا في شعري.. لكني قرأت لعدد من المبدعين الكبار وانتزع بعضهم إعجابي، أعجبت بلغة طه حسن قرأت لنجيب محفوظ تأثرت برواية توفيق الحكيم عودة الروح، قرأت للمنفلوطي واتبعت أسلوبه في قصة ماجدولين تحت ظلال الزيزفون، أي كتابة النص الروائي على شكل رسائل وكان لي مخطوط في هذا لم يعد موجودا.. قرأت لناظم حكمت، أعجبت بالشعر العربي القديم، المتنبي في المقدمة، أعجبت بنص لمالك بن ريب وهو يرثي نفسه وذرفت عليه بعض الدموع وأنا أتخيله وهو يموت في بلاد الغربة، كان عمر بن أبي ربيعة شاعر الغزل الأول دون منازع  يبز الجميع في وصفه، أعجبت به جدا، أثر فيّ شعره وربما مع آخرين، وأعجبت بجرأته وهو يتعرض للنساء عند مناسك الحج فيتغزل بهن عند رميهن للجمرات كان هذا في حقبة الخلافة الأموية حيث يقول :
فو الله ما أدري وإن كنت داريا
بسبع رمين الجمر أم بثمان .؟
لكنني مع هذا السبب ورغم ما ذكرت من أسماء فأنني لا أستطيع أن أقف عند اسم واحد محدد كان له التأثير المباشر علي، حقيقة تأثرت بأكثر من واحد سواء في الكتابة أو الشعر..

ما هو مدى علاقتك بالحركة السياسية الكوردية.؟

بداية أقول أنحني احتراما أمام تاريخ الحركة الكوردية، الحركة التي تجاوز عمرها نصف قرن من النضال، وقدمت الضحايا في مراحل مختلفة، لكن بالمقابل أقول أندب حظ الجماهير الكوردية أن تكون الحصيلة أمثال هؤلاء القادة، والكلام هنا للغالبية وليس للجميع، وقد بدا ذلك واضحا عندما اجتمعوا كالأيتام على مأدبة الإقليم، فكل منتفع تستر على ما أعطي، ثم تنكر وأخفى عن أعضاء المجلس وعن رفاقه في الحزب الواحد إلا واحدا فضح أمرهم، هذا كان في أول امتحان لهم، فكيف يمكن أن تبنى العلاقات مع هؤلاء، فهم لن يصمدوا أمام أي إغراء أو غنيمة، وبالتالي فلن يقبلوا مني أو من أي مثقف آخر أي نقد، فهم تعودوا على المثقف المصفق الامتثالي..
وكتجربة شخصية فقد عوتبت كثيرا في بداياتي في الكتابة من المهتمين والمخلصين لأنني في كتاباتي لا أتطرق للقضايا الكوردية، وعندما استجبت قلت في أول مقالة أعلم في تناولي هذا للقضايا الكوردية، قلت كأني أسير في حقل للألغام، وفعلا ثارت ثائرة بعض الأحزاب عليّ، وبعضكم ربما تابع.. وتصور لجهلهم وسلفيتهم.. فأكبر تهمة لي هي كانت من أنني أنتمي أو أنحدر من مدرسة ماركسية، فتصور هذا الجهل وهذه الأمية السياسية، لن أثير المواجع اليوم ولن أمضي أكثر… هناك حقيقة لي علاقات جيدة مع أطراف كوردية، حقيقة نتناقش في كثير من القضايا نتفق ونختلف لكن المهم أن يبقى الاحترام سيد الموقف.. سوف ترين في جوابي على السؤال التالي ربما المزيد مما قلناه..

ما حقيقة العلاقة الحميمة بين دهام حسن وحركة الإصلاح.؟

أرجح أن هذا السؤال حمّل إليك من جهة ما..على العموم لا يهم فأقول أجل تربطني بحركة الإصلاح فعلا علاقة حميمة، فأنا مع التغيير والإصلاح في الحركات السياسية والتنظيمات الحزبية عموما، وضد التفرد والاستبداد وتأبيد القادة، ونبذ ممارسة العمل الحزبي بعقلية زعيم العشيرة، هذا ما تعلمته من خلال قراءاتي الماركسية، فمثلا كان ماركس وإنجلز يعنفان في الكلام من يقوم بالإطراء عليهما فيريان بأن الدور هي للجماهير للشعوب لا للأفراد دون أن يغمطا حق الفرد كما يلزم…
بعض رموز الإصلاح حاولوا إصلاح حزبهم من الداخل بتلك العناوين التي أتينا عليها للتو، فعاجلهم القائد الأول في غفلة بالضربة القاضية وهي الفصل عن سابق تصور وتخطيط، فامتثل للقرار كل من كان في (الحوزة) صاغرين دون أي تساؤل أو استفسار عن السبب فلم ينبس واحدهم ببنت شفة..
لكن الحقيقة ودفعا لأي التباس، وحتى لا ألام بأني وقفت أو أقف مع طرف ضد طرف، أقول لهؤلاء .. أنا لم أحشر نفسي في خلافات التقدمي بل دافعت عن نفسي عن وجهة نظري قبل انشقاق التقدمي الأخير، أي لما كان التقدمي لم يزل موحدا، فالذي حصل أنني في إحدى الندوات الثقافية في ضيافة التقدمي طرحت بعض الأفكار من بينها العلاقة بين السياسي والمثقف، ظاهرة تأبيد قادة الحركات السياسية الكوردية، فكان ردهم أن لا أحضر ندواتهم مستقبلا، وأن الرجل الأول على استعداد أن يجالس جميع المثقفين بشرط أن لا أكون موجودا.. من هنا أقول للأخوة الذين عاتبوني أنني حشرت نفسي في النزاع  بين طرفي التقدمي، فالتقدمي هو الذي رفض تواجدي في منتدياتهم وبسبب خلفيتي الماركسية، فحاول أحدهم أن يجردني من هويتي القومية مثلما فعل عنصر من البارتي لاحقا من باب ضغط العقلية القومية الضيقة، كان هذا قبل انشقاق التقدمي الأخير.. والقوميون أولا وأخيرا هم قوميون بعقلية ضيقة، لكننا كماركسيين لا نساوي بين قومية حاكمة وأخرى محكومة.. بيد أن النزعة القومية تبقى في إطار الاستعلاء تحت ضغط العقلية البرجوازية الصغيرة تفعل فعلها ولن ترضى من يكن ذا رأي فهم يفتشون عن الأمعة والمثقف المطواع الامتثالي..

القامشلي مدينة جميلة هل لها نصيب بين قصائدك.؟

القامشلي بلدة جميلة بأهلها، لكنها أيضا بائسة بهجرة هذا الكم الهائل من سكانها دونما توقف، سواء في الهجرة للداخل السوري، أم إلى خارج الوطن، سكان القامشلي يعيشون أغلبهم حالة فقر وبؤس، أتمنى أن ترقى المدينة أكثر جمالا وأنسا وأمنا وأمانا ووفرة في المعيشة.. وليتني امتلكت القدرة وأوتيت من الإلهام ما يمكنني من التغني بها لأنشدها قصيدة تناسب تاريخها فترقى بقافيتها إلى تلك القامة الباسقة..

السيرة الذاتية للكاتب والشاعر دهام حسن:

– كتب الشعر وهو في الإعدادية ، كما  كتب القصة القصيرة … لكن هذه الموهبة سرعان ما جاء وأدها  في سنه المبكرة ، نتيجة ظروفه الخاصة لاسيما فصله من  المدرسة .
– التحق بصفوف الحزب الشيوعي السوري في سن مبكرة في عام 1960 – درس في إعدادية المعري في عامودا، ويقيم الآن في مدينة القامشلي .
– اعتقل عام 1962 وهو طالب في الثالث الإعدادي لأسباب  حزبية  سياسية ، وعلى أثر ذلك تم فصله نهائيا من المدرسة وكان آخر عهده بها
– تابع دراسته خارج المدرسة (دراسة خاصة = حرة) .
– شهد حريق سينما عامودا عام 1960 ووقف على الجثث المتفحمة .
– بدأ بالكتابة في الشؤون الفكرية والسياسية متأخرا ، تميز  بكتاباته النقدية ومعالجاته الفكرية في تناوله للتجربة الاشتراكية السوفيتية ،  وبقراءة جديدة للفكر الماركسي ..
– يعد كاتبا  ذا ثقافة ماركسية  دون  تزمت منفتحا للآراء .. من أنصار التجديد في الفكر، والانطلاق من الوقع في التحليل, وكثيرا ما يستشهد بالمقولة الماركسية: (التحليل الملموس للواقع الملموس)..
 ــ يعد نفسه من الداعين المحبذين لفكرة التوفيق بين الليبرالية السياسية من جهة والماركسية من جهة أخرى ولو كمرحلة أولى  ..
– ينزع إلى العلمانية ، وفصل الدين عن الدولة..
– مواليد 1946 إجازة  في اللغة العربية (ليسانس)
– مدرس محال إلى التقاعد حاليا .
ــ متزوج وله ثلاثة أولاد..

الحب والسياسة  (نص نقدي ساخر)

حرت أنا كعادتي
أمران دوما فيهما، أعلن عن خسارتي
في الحب تارة وتارة من السياسة

إذا غرمت بالتي أردتها  حبيبة
سرعان ما تصدمني بهجرها..
أما أنا..
أجرّ  ذيل خيبتي  بمنتهى  التعاسة

لكنني  بداخلي أقولها صراحة
يلفحني فيض الهوى
فلم  تزل شهيتي تأججا تقلق دوما راحتي
ولو درت  حبيبتي  من حبها  تهافتي
لما العناد جاءها ..
ثم تعو د سكرا.. وأشفقت لحالتي

إذا التقينا وحدنا تمسكني من ياقتي
تشدني.. تشدني
وفي يديّ قطعة من حليها
قد نظمت  سلسلة من ذهب
أجرّها.. أجرها ..
فتنحني بهزة كالقصب
وما ارتوت من شفتيها شفتي

صالحتها لنلتقي..
في موعد بعد العشا بساعة
لكنها حقيقة تفرّ من جسارتي
كذا أموري في الهوى..!

جربت حظي بعدها  في محفل السياسة
فلم أجد غير  الغوى لسان حال الساسة
مجلسهم تكاذب والعين في الأمانة
قائدهم لا يرعوي في حبكة الدسائس
بين يديه نفر.. يا ويلهم  من آفة

ترى قطيع هؤلاء، أم ترى هم بشر..!
حثالة  بذلة  واحدهم  يأتمر

كالببغاء حوله كدأبهم
يرددون كلهم  بلهجة واحدة (نعم نعم)
فصوتهم مثل ثغاء  من غنم
وليس فيهم خبل ولا سقم
كأنه وليهم.. كأنه سيدهم
كذا مليك الغابة

زلّ لساني مرّة قلت له يا مفتري
شرائع تسنّها..
في السوق أنت أم ترى..
تبيعهم  وتشتري
فهكذا البازار كان واردا  في  زمن النخاسة

تصوري  هناء يا حبيبتي  تصوري
قد طير بي .. إثر وشاية له  للمخفر
سياطهم تلهب نعلي فكأني شبح  أو تتري
تصوري حبيبتي ..
كيف يحال قائد لمخبر..!

فكن  نظيفا  مرّة  ولا تكن  للضرر
غدا  توارى في الثرى
ولم تدع من أثر
مقولة طيبة خير له  من رميه بالحجر

لي خلة  تعذلني..إذا انشغلت سادتي
أو أخذتني غفلة مقالب السياسة
تقول لي:
كما فشلت في الهوى.. تفشل في السياسة

لكنني في حالتي  سأنزوي في طفر
عن الهوى .. أيضا عن السياسة
وحينها  بداخلي أقولها براحة
إذا انزويت عنهما
تشفع  لي مقالتي

*********

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…