الحظ العاثر للثقافة في البلدان المتخلفة

محمد قاسم ” ابن الجزيرة “
m.qibnjezire@hotmail.com

من حظ الثقافة العاثر في المجتمعات المتخلفة..أن الحوارات فيها لا تجري في وضح النهار، وفي المراكز المختصة بها؛ وبحرية تكفل للفكر حيوية وقّادة ،وتعبيرا عن ما يعتمل في الضمائر حقيقة – صحيحة كانت أم خاطئة –
فالخطأ من خصائص البشر –أيا كان-

“كل ابن ادم خطّاء وخير الخطّائين التوابون” الحديث.
وسواء أكنا مؤمنين أو لم نكن كذلك، فالقاعدة تبقى صحيحة علميا ومنطقيا وتجريبيا..
في هذه النقطة بعض من أسباب المشكلة فيما نريد البحث فيه.
كنتيجة لذهنية وسيكولوجية في الشخصية، وأفضل الجمع بينهما في مصطلح “الثقافة”. فإن القوي يرى نفسه دوما الأوعى، والأكثر تأهيلا لقيادة المجتمع –في أية صيغة كانت –  منذ العشيرة والقبيلة –باعتبار القبيلة اكبر من العشيرة بحسب السيد حميدي دهام الهادي..
وبالتالي يغيب الحوار المتكافئ في مختلف تجليات النشاط البشري في هذه البلدان..
هذا الواقع يفرز ثقافة لا تتبنى التكافؤ والتعايش ،بل الممارسة هي غالب ومغلوب، مستبد ومسلوب الإرادة..حاكم يحتكر مقاليد ومقدرات البلاد،ومحكوم يعاني من الجوع والحركة والحرية.. مما يورث الحقد والتوجس والرغبة في الانتقام كفلسفة وثقافة في المجتمعات المتخلفة والمستبدة خاصة.
وعلى الرغم من وجع مثل هذه الممارسة الاستبدادية البعيدة عن روح المشاركة في الحياة العامة ..في مستوياتها المختلفة،والسياسية أعلاها ..فإن بعض تفسير تاريخي قد يجعلها مألوفة..نوعا ما..بتجاوز.
المشكلة هي في مفرزات مثل هذه الثقافة التي نسجتها السياسة منذ زمن طويل ،واستطاعت الشعوب المتقدمة وان تتجاوز الكثير من سلبياتها، فيما الشعوب المتخلفة – سلطاتها وسلطانها خاصة- تجهد لتكرس هذه السلبيات وتحيلها فلسفة ثقافية –اجتماعية..بابتداع وسائل لها وتعزيزها بكل الممكنات التي تجعلها قادرة على تكريس  هذه السلبيات ..
من هنا نلاحظ أن بعض مثقفينا ومنهم كورد..بل واخصهم أكثر..ينساقون مع هذه الروح الاستبدادية..ويبدو أن ذلك ربما انعكاس لممارسة في الأحزاب الكردية ولا تزال ..وغالب هؤلاء المثقفين خرجوا من تحت عباءة الثقافة ا لحزبية،وبدلا من التوقف والتأمل لفترة يستعيدون فيها توازن ثقافة تسكن ذهنيتهم وسيكولوجيتهم.. ليتلافوا ما يمكن تلافيه..نراهم يستعجلون، ممارسة الخطأ ،بل ويضيفون إليه بعض ما يتاح لهم عبر تحرر نسبي من المسؤولية الحزبية ذات الطبيعة الجماعية الضابطة  نوعا للآراء… فينفردون بأفكار تتقد شررا أو ربما بعض حقد مجرور من مكبوتات في حياتهم هنا أو هناك..والأحسن فيهم هو الذي يخطئ من حيث لا يدري..
فالناس كما تقول الحكماء ثلاثة أصناف:
– صنف يعرف ويعرف انه يعرف فهذا حكيم تعلموا منه.
– صنف يعرف ولا يعرف انه يعرف فذكروه ..
– صنف لا يعرف ولا يعرف انه لا يعرف ..لا أمل فيه..
ومن مؤسفات الأمور أن الكثيرين ممن يكتبون على أساس أنهم يعرفون ،لا ينتبهون إلى أنهم لا يعرفون، ويستخدمون أدوات التفكير والتنوير بطريقة لا تنفع بقدر ما تضر..وتمثل حالة الانفعال لديه لا خلاصة تفاعل مع الحياة والتجربة والوعي الجاهد لترك بصمة مفيدة في  الحياة  تخلد ذكره ايجابيا، وينتفع به أولاده وأحفاده وأجيالهم.
الكثيرون منهم –للأسف- من الصنف الذي لا أمل فيه .لأنه لا يقبل أن يستفيد…
ربما هذه الحالة  أشبه بحالة مرضى نفسيين لا يعترفون بمرضهم..ولا يستطيع الأطباء – بحسب علم النفس- أن يساعدوهم في المعالجة..
هذا المرض في الثقافة يعود – بتقديري – إلى هيمنة الإدارة السياسية –عبر الحالة الحزبية،أو الحالة السلطوية ،خاصة في النظم الأيديولوجية –المتأثرة بالدين أو الماركسية أو غيرها من المؤثرات الأيديولوجية المحتكِرة-بكسر الكاف- للحقيقة على صعيد السياسة والاجتماع خاصة..
وهنا أنا أقصد الجانب الثقافي حصرا ..لا الجانب السياسي الذي يحمل في كل الظروف ايجابيات بدرجة ما،  كما يحمل سلبيات –وهي أكثر في المجتمعات المتخلفة.لكنها هل تكون كافية؟
 وهل هي نابعة من تفاعل اجتماعي على مختلف مستوياته ليكون عائدا ايجابيا على حياة المجتمع..؟
عندما تهيمن السياسة على الثقافة بحيث تصبح هي المنتجة لها فعلى الثقافة السلام.
وأعني حرية البحث ،وكفاءته،وشفافيته،وموضوعيته..لأن السياسة لا ترضى بهذه الخصائص جميعا،خاصة في الشرق المتخلف ومنه العالم العربي والشعوب الأخرى .وبشكل أخص، متعبدوا الأيديولوجية.
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

رغم أن مجتمعات الشرق: سنغافورا وهونج كونج والصين وتايبيه وكوريا الجنوبية وفيتنام والنمور كلها قد تمكنت الآن من الافلات من قبضة التاريخ ودخلت في منافسة ناجحة مع الغرب إلا أن هذا الافلات جاء متأخِّرًا نسبيا …..

وتبقى الفلبين البلد الوحيد الذي يتميز أفراده بالكفايات المهنية بالانضباط والاتقان والطاعة لكن هذا المجتمع لم يوفَّق بقيادة سياسية…

محمد إدريس

 

احبك في زرقةِ البحر
وفي خُضرةِ الشجر
احبك في حُمرةِ الورد
وفي ضحكةِ القمر .

أحبك نِسمةً.
لعوباً ..
في تمايل الورود
أحبك لَحنا..
طروباً..
في تثني القدود
أحبك أغنيةً جذلى..
في عيون الصبايا ..
وعلى الشفاه ..
وفي الخدود .

أحبك أبعدَ مما تتخيلين ..
أحبك أكثرَ مما تتصورين ..
أكثرَ من قيس
وأكثرَ من كل المغرمين .

أحبك حين تنطقين
أحبك حين تصمتين
وإن ضحكت ..
يا الله ..
فلاً تنثرين ..
يا شذى الورد ..
ويا…

كتابة: إبراهيم اليوسف

 

على أية صورة أخيرة

أغمضت عيناالشاعر

في هذا المساء

الباهت

حيث جسرتنسى ذاكرته الجهات

حيث قارة تتدرحرج على الرصيف الخجول

حيث صراخ يحتاج إلى ترجمان غيرمحلف

حيث كردية باهظة الدم

باهظة الأساطير

باهظة التواريخ

باهظة الاسئلة

حيث سماء تتكوَّم عند باب شقة مرتبكة

حيث قصائد في منتصف الحبر

مسجّل صغير

وطاولة

ومناديل مؤجلة الورد

حيث رفيقة درب الشاعر

تهتدي إليه في “هامبورغ”

مع السرب المتأخرعنه

قليلاً

حيث درباسيته

ذاتها

تشيرإلى نياشين في أحمرالدم

أسماء شهداء

قريبين من…

شعر: محسن قوجان

الترجمة من اللغة الكوردية: محسن عبدالرحمن

 

في مواعِدِك،

مابينَ المَنارةِ و القِبَب

ثعلبٌ

أكلَ هويتي

هذا الموعدُ

أغنيةٌ غير مكتملة،

في حلق الطفولةِ متعثرة.

لم تبقَ قوةٌ

في أضلاع الصخور لتخرجَ

وتركُضَ تحتَ الحالوبِ،

خلفَ هويتي

على فضلاتِ الرغباتِ الهشًة.

يرعى التيسُ البريٌ

ذات موعدٍ قلتِ لي: لاتتغافل

ليس لجبل كارة(1) الوقت لأن يناقش وادي سبنة(2)،

أو أن يهرب من هجوم الحالوب.

لذلك سبنة دائماَ زعلان،

ونحو البحر يتجه.

في فترة مبكرة،…