غسان جان كير
لسعات البرد تخترق ألبسة تحمل أسماء لماركات عالمية , غير مُبالية بالإعلانات المُروّجة لتلك الماركات , ولا لأسعارها المُرتفعة التي دفعت بمُقتنييها الأوائل للشعور بالتمايز , و المواظبة على الاحتفاظ بذاك التمايز بمواكبة آخر الموديلات لتلك الماركات , والتخلص من قديمها (بطراً) حتى قبل أن تظهر عليها علامة تدل على قِدمها , فنتلقّفها من محلات الألبسة المُستعملة بغبطة وحبور مَن وجدَ مُعيناً على برد الشمال .
عند مُنتصف الليل تكون حُفر الطرقات – التي باتت مألوفة – قد تشكّلت جليداً , فتحمله رياح الشمال سياطاً على مَن تجرأ وخرج من البيت , ليس ثمة مُتململ يحتمي بالمَثَل الكُردي ” حتى الذئب الجائع لا يخرج من وكره في هذا الجو ” فلانطباع السائد أنّ المسروق لا يُعوّض لا بمسروقاته ولا بجملة ( العوض على الله ) فالكساد بات السمة المُميزة لقوة العمل , يُرافقه ارتفاع شبه يومي لأسعار المواد الاستهلاكية .
ولئن كانت النظريات و الوقائع العملية تؤكدان بحدوث الانحرافات في البيئة التي تكثر فيها البطالة و الغلاء , فقد تنبّه أخيار الشباب في عامودا لهذه المُعضلة , مُستلهمين مقولة ( ما حكّ جلدك إلا ظفرك ) من التجارب المريرة التي عاشوها أباً عن جَد , فسارعوا لتشكيل مجموعات حراسة تُغطي مُعظم شوارع عامودا , مُتسلّحين بالهمّة والإرادة قبل العصيّ .
بالأمس مررت على الكثير من نقاط الحراسة , أردتُ أن أُقبّل جباههم , فمنعني تدثّرهم بلباس ذكّرني برجل الاسكيمو , نسألهم عن حاجاتهم من السكر أو الشاي , فيُطالبون بالبيل الكهربائي , نسألهم عن حاجتهم من المازوت , فيطالبون أيضا بالبيل الكهربائي , فيغدو من السذاجة أن نسألهم عن شعورهم بالبرد , إذ لم يتركوا فراشهم الدافئ إلا لخدمة يقدموها لمدينتهم .
نسألهم عن ملاحظاتهم , فيردون بان عناصراً من الشرطة يُطالبونهم بإزالة نقاط الحراسة ,
الكلاب في المدينة أمست ذليلة , وقد كانت شوارع عامودا المُقفرة قبل أيام مرتعا لها , والكلابُ كانت تتشكّل في مجموعات تستمد منها التجرؤ على المارة يُساعدها انقطاع الإنارة في المنازل والشوارع , فتفرض ما يُشبه حظرا للتجوال على كامل المدينة , وهذا الانجاز وحده يكفي للرد على رجال الشرطة الذين يُطالبون نقاط الحراسة بحلّها .
مرحى لشباب عامودا المُتظاهرون في النهار , وحُراس مدينتهم في الليل .
Ghassan.can@gmail.com
ولئن كانت النظريات و الوقائع العملية تؤكدان بحدوث الانحرافات في البيئة التي تكثر فيها البطالة و الغلاء , فقد تنبّه أخيار الشباب في عامودا لهذه المُعضلة , مُستلهمين مقولة ( ما حكّ جلدك إلا ظفرك ) من التجارب المريرة التي عاشوها أباً عن جَد , فسارعوا لتشكيل مجموعات حراسة تُغطي مُعظم شوارع عامودا , مُتسلّحين بالهمّة والإرادة قبل العصيّ .
بالأمس مررت على الكثير من نقاط الحراسة , أردتُ أن أُقبّل جباههم , فمنعني تدثّرهم بلباس ذكّرني برجل الاسكيمو , نسألهم عن حاجاتهم من السكر أو الشاي , فيُطالبون بالبيل الكهربائي , نسألهم عن حاجتهم من المازوت , فيطالبون أيضا بالبيل الكهربائي , فيغدو من السذاجة أن نسألهم عن شعورهم بالبرد , إذ لم يتركوا فراشهم الدافئ إلا لخدمة يقدموها لمدينتهم .
نسألهم عن ملاحظاتهم , فيردون بان عناصراً من الشرطة يُطالبونهم بإزالة نقاط الحراسة ,
الكلاب في المدينة أمست ذليلة , وقد كانت شوارع عامودا المُقفرة قبل أيام مرتعا لها , والكلابُ كانت تتشكّل في مجموعات تستمد منها التجرؤ على المارة يُساعدها انقطاع الإنارة في المنازل والشوارع , فتفرض ما يُشبه حظرا للتجوال على كامل المدينة , وهذا الانجاز وحده يكفي للرد على رجال الشرطة الذين يُطالبون نقاط الحراسة بحلّها .
مرحى لشباب عامودا المُتظاهرون في النهار , وحُراس مدينتهم في الليل .
Ghassan.can@gmail.com