محنة الغريق في البحث عن الشريك

غسان جان كير

حدثنا العطّال البطّال قال : لمّا أُزريَت بيّ الحال , ولازمَني فُقرٌ تخُرّ له الجبال , وتعطّلت بيّ السُبل في الاشتغال , وكثُرت عليّ مطالب الأطفال , يُضافُ إليها نقيق أم العيال , فيممت وجهي شطر (النت) , أسلو به عن همّ البيت , و ما يتداوله أفراد الأسرة عن غلاء السكر والزيت , فطاف بيّ (النت) على المواقع الإخبارية , بسرعته السلحفاتية , ألا تبّت يد (الجمعية السورية للمعلوماتية) , التي لا تأبه بحق الإنسان في الحصول على المعلومات بحُرّية , من مصادر مُتنوّعة كي يُساهم في إبداء وجهات نظر نقدية , بل تقوم بحجب المواقع , مُستثنية تلك المُشوّهة للواقع , التي تُعنون أخبارها بكل ما هو فاقع , و تخلو قصصها الخبرية من المنافع , وهي تُسمى في علم الصحافة بالصحافة الصفراء , فجّة في مضامينها تستهتر بالقراء , تُسلّط الضوء على ما يُناسب سياساتها من الأنباء , وتُعتّم ما لا يُحابي ميولها بغباء , وبجهدٍ جهيد تُفسّر الماء بالماء .
ولمّا أعياني البحث عن المواقع المحجوبة , ونالنيّ ما نال مَن فارقته المحبوبة , فزرتُ المواقع التي تجعل الوقائع مقلوبة , و ترى في المُتلقي أحاسيسه معطوبة , فإذا أنا بموقع (سانا) , الذي ينطبق عليه المثل ” دخانك عمانا وخيرك ما جانا ” , فيه خبر يتصدّر الأخبار الدولية , القصد منه التغطية على الأخبار المحلية .    
والخبر يقول : ” توفيت سيدة بحرينية أمس جراء استنشاقها الغازات الخانقة التي ألقتها قوات الأمن البحرينية على البيوت والمنازل والأحياء المكتظة بالسكان في سياق قمعها للمحتجين البحرينيين في مختلف أنحاء البلاد “.
فترحّمت على السيدة البحرينية , وتأسّفت عليها انطلاقا من المشاعر الإنسانية , ودعوت الله أن يشلّ يد كلّ ذي نزعة حيوانية , ويمنع الناس التمتعّ بالحرّية.
فَبَيْنا أنا في حالة الغصة , خطرت ببالي هذه القصة , عسى أن يعتبر بها سفيه أو عرصة . قال العطال البطال : أنّ العنزة لمّا عجزت عن ستر عورتها , وأصبح الناس يتداولون بالقبيح سيرتها , و بالمُقابل يمدحون النعجة في عفَّتها , ترصّدت للنعجة بمكيدة , واصطحبتها إلى جداول هي للقرية غير بعيدة , وطلبت من النعجة أن تقفز من فوق الجدول , وأومأت للنساء والرجال , فارتفعت إليتها , وبانت عورتها , فانفضحت النعجة المسكينة , وصاحت عليها الشاة : أن استري عورتكِ يا بهيمة.
Ghassan.can@gmail.com  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…