21 آذار بداية السنة الكردية الجديدة, بداية ككل البدايات الأخرى تثبت بأن هذا الشعب العريق قد باشر ربيعه منذ أكثر من ألفين وستمائة عام وهو مرتكز البقاء البشري والمعبر الحقيقي عن صراع الانسان مع قوى الطبيعة تأسيسا ومع الانسان الآخر من أجل البقاء والاستمرار في هذا الامتداد الجغرافي – التاريخي المديد وأهم ما يمكن ملاحظته من اللوحة البانورامية لتاريخ هذا الشعب يكمن في:
أ – حروب الاسلام على أراضيه وفتوحاته تمر من هناك .
ب – كانت حروب الغزاة البربريين التتار والمغول تقام في سهوله الفسيحة ويدفع هو ضريبة انهزامات الجوار من دماء أبناءه ولا يستفيد شيئا من هزيمة أعدائه .
ج – صد لصوص أوربا والعقل الكهنوتي والفكر التوسعي لأمرائها ودوقياتها وامبراطورياتها عن أولىالقبلتين , وكان أبناء هذا الشعب حماة ثغور المسلمين ولكنهم لاحقا لم يستشيروا في أمر .
د – قاتلوا ضد عودة أوربا إلى الشرق الأوسط في القرن العشرين .
ه – قاتلوا مع جيرانهم ضد أعدائهم وشاركوا في ثوراتهم ولكنهم خرجوا في هذه القدسيات فقط بدمائهم وبكاء أطفالهم .
و – ساهموا في تطوير لغات جيرانهم وبقيت لغتهم مدانة, وطوروا الطب وبقي جرحاهم يئنون تحت جراحهم, وكتبوا في الفلسفة وهمشت فلسفتهم وعلومهم وكتبوا قصة وحكايا جيرانهم وبقيت قصتهم مشوهة في نظر جيرانهم….. وهكذا .
3 – لم يستفد الكرد من عصر الاسلام الأول ولم يستفيدوا من التطيف (الطائفية) الحاكم في بلاد المسلمين فهو لم يستفد من السنة (وهو بغالبيته سني المذهب) فقد حكم السنة بلاد الكرد مئات السنين ولم يلتفتوا إلى مطالبهم وعويل نسائهم في حروب السنة الأشاوس, وحكم الشيعة (وجزء من الكرد شيعة) جزء هاما من جغرافية كردستان وساهم الكرد في حروب الامامة والعمامة ولكنهم أخرجوا من الثورة الاسلامية كأعداء لها, ونحن على يقين بأن هذا التقسيم سياسي بالعمق وهو وهمي ومضلل للناس يهدف إلى ترسيخ السلطة السياسية بأدوات وايديولوجية متخلفة بيد الطغم الحاكمة والتي تعمل على تفتيت البنى الاجتماعية لتسهيل سيطرتها الدائمة.
4 – كل الأنظمة التي تحكم وتدير الشأن السياسي في كردستان تتشابه بالجوهر وغالبا بالشكل أيضا فكلها أنظمة فاسدة داخليا و ديكتاتورية بالمنطق السياسي وقومية شوفينية بالايديولوجيا وإن غلفت سياساتها بألوان أخرى فالسلطة التركية تسخر الدين الاسلامي (الطائفة السنية) خدمة ل :
-زعامتها التاريخية التي امتدت لأربعة قرون باسم سلطان الدين الاسلامي والخلافة العثمانية, حيث تحتفظ بتاريخ دموي ومتخلف إلى اللحظة, وتحتفظ بالمقابل ببعض تذكارات اسلامية في متاحفها مثل شعرة من رأس النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتي تستغل في حرب الطورانية التركية الخاصة وتقتل وتلغي نصف المكون الاجتماعي داخل كيان جغرافي يدعى (الدولة التركية) .
-وخدمة لتوجهاتها القومية الشوفينية التي لا عمق تاريخي لها فهي مجرد قبيلة صغيرة مهاجرة رسخت أقدامها في المنطقة بالخيانة والقتل والتآمر . ونظام الملالي في ايران القائم على فكرة العصمة للأولياء وولاية الفقيه الدخيلة على الاسلام ذاته والتي حملها إليهم الشيخ الكركي من لبنان إلى ايران خدمة للدولة الصفوية هذه الدولة التي شوهت التاريخ الاسلامي وادخلت عليه تشوهات فكرية مضلة وتسخر الشيعة كاتجاه سياسي انبثق عن صراع على الخلافة داخل الكينونة الاسلامية خدمة للفارسية الأولى وهم لن ينسوا كيف اختلف عمر وعلي أثناء فتح بلاد فارس وأخذ بنات كسرى سبايا وكيف دافع علي عن (حرائر فارس) والديكتاتور صدام حسين ألغى كل بطولات صلاح الدين الكردي وباسم حماية البوابة الشرقية للأمة العربية استدعى جحافل الغزاة إلى العراق , والنظام السوري الحالي يتبنى نفس النهج الإلغائي ضد الجميع ويسخر الجميع لخدمة القومية العربية التي جعلها المفكرون القوميون العرب ملازمة للاسلام فلا ثقافة عربية إلا بالثقافة الاسلامية ولا تاريخ للعرب إلا بالتاريخ الاسلامي وهذا التزاوج (الأرضي – السماوي) يتطابق بالممارسة بين الحاكم الفرد والاله الفرد فكلاهما فرديان وكلاهما حاكمان بقدسية خاصة ( أعوذ بالله) .
وهكذا نام الاسلام في حضن العروبة والأنكى من ذلك أضحى الاسلام والقومية خدمة لحالة من الحكم أوصل البلاد إلى أزمة وجود تهدد كل كيان الدولة السورية, وعلى العموم فإن حكام الأمر الواقع في كردستان طغاة بالوراثة ورافضيون بالمذهب وفاسدون بالطبقة وفاشيون بالقومية وقاتلون بالحكم ومتخلفون ومخربون اجتماعيا أي أنهم لا يصلحون أبدا أن يكونوا حكاما على شعب وحضارة حيث يلفظهم التاريخ بحكم طبيعته التطورية وهم رجعيون لأنهم يفرملون عجلة التقدم الاجتماعي .
إن 21 آذار صرخة من أعماق التاريخ تدعوا إلى الانفلات والانفلات من حكم الطغاة سواء كانوا اسلاميين أو قوميين أو طبقيين……..لذلك فإن التاريخ القادم سيكنس أولئك الذين يعرقلون التطور الموضوعي للمجتمعات الانسانية والكرد يشكلون جزء من المكون الانساني العام وهو جزء حيوي لأنه متجذر في التاريخ أولا ولأنه يتطلع لكتابة تاريخه الحديث من جهة أخرى . فنوروز له قيمه وله معانيه ولكن المهم أن نعرف كيف نكون بمستوى هذه المعاني بالذات وأن نجسدها واقعا وممارسة على الشكل الفردي والجمعي بدء من رغبة المحرر (كاوا الحداد) في التحرر العميق من خلال ثورته ومن خلال أخلاقه في لم شمل القوى الراغبة بالتغيير .
22 – 3 – 2012