شخصية «الدسَاس» في الأدب

إبراهيم اليوسف

عالج الأدب، قديمه وجديده “لاسيما في حقول الملحمة والأسطورة و القصة، والرواية” تفاصيل الكثيرمن الشخصيات السلبية في الحياة الاجتماعية، وسلط الضوء عليها، وبين واقعها و ممارساتها، ودواعي هذه السلبية، وكيفية التعامل معها، وغيرذلك مما يخص كل شخصية منها على حدة.

والشخصية السلبية، في الفنون الأدبية على أنواع، ومن بين هذه الأنواع غاوي الجريمة، والجبان، والكذاب، والنمام، والدساس، وغيرها من الشخصيات غيرالسوية التي تشكل عالماً خاصاً بها، وهي موجودة في الحياة، كما هي موجودة في الأدب.
كما أن كل شخصية سلبية، يمكن أن تصنف من حيث دائرة تأثيرها على غيرها إلى صنفين، حيث هناك الشخصية السلبية التي لاتسيء إلا لنفسها كما حال شخصية الانطوائي ، بيد أن شخصيات مثل النمام، أو الدساس، أو الكاذب، تتعدى درجة إساءاتها الذات إلى الآخر، ولعل في العودة إلى التاريخ ما يجعلنا نقع على أمثلة كثيرة، إذ استطاع بعض هذه النماذج الأخيرة المشارإليها أن يشعل الحروب والفتن والمعارك، ليس في حدود أسرته، ومحيطه، بل على مستويات واسعة. إلى تلك الدرجة التي يمكن القول:” إن خلوأي مجتمع من أمثال هذه النماذج يعني عافيته، وإن ابتلاءه بأضراب هؤلاء يعني وهنه، وجعله عرضة للخلافات البائسة التي لا مناص منها البتة”.

وتعد شخصية الدّسّاس إحدى أخطرالشخصيات السلبية في الحياة، لأن وجودها بين ظهراني أي مجتمع، يعني أن هناك احتمالاً دائماً من قبل هذه الشخصية لممارسة دورها الخطير، سواء أكان ذلك ضمن البيت، أو القرية، أو الشارع، أو الحي، أو المدينة.  وسيغدو الدورأشد خطورة، في ما إذا توافرت لهذه الشخصية مكانة ما، من خلال إمساكها بزمام الأمورفي مؤسسة كبيرة، حيث سيكون الضررالناشىء أكبر، بل ستبلغ الخطورة حدها الأقصى، وذروتها، إذا كانت هذه الشخصية تملك منبرها الذي تنفث من خلاله بذورالشر، في أوسع الأمداء.

ولقد تناولت ملحمة مم وزين الكردية  التي كتبها الشاعرالصوفي الكبيرأحمد خاني وترجمها محمد رمضان البوطي، شخصية الدساس”بكو”، الذي رسم من خلال حنكته في اللؤم والدسيسة النهاية المفجعة بين  زين وحبيبها مم، ليموتا كمداً وحزناً، دون تحقيق زواجهما، وكي يكون مصيره القتل، والغريب أنه تم دفن العاشقين، في مرقد خاص بهما في مسقط رأسيهمافي جزيرة”بوطان” أو ابن عمرو” ومعهما بكونفسه.

ومؤكد أن شخصية “الدساس” الأكثرسلبية وخطورة، مدعاة شفقة ورحمة عليها، وإن من واجب المحيط الأسري، أو الاجتماعي لمثل هذه الشخصية دراسة الأسباب التي أدت بها إلى هذه الحالة التي يرثى لها، والمبادرة الفورية للحيلولة دون ممارسة عدوانيتها تجاه الآخرين، بسبب، أو من دون سبب، لأنها شخصية مريضة، ترى في انتشار الحب والوئام بين الآخرين خطراً عليها، ناهيك عن أنها تعد انتصارات الآخرين هزيمة لها، وهي تهدروقتها، وطاقاتها، من أجل زرع ثقافة الكراهية، ومن هنا، فإنه يتوجب على محيط هؤلاء المرضى الاستعجال لمعالجتهم مما هم فيه، وإقناعهم بخطورة ما يقومون به، ضد سواهم، حيث يمكن القول وباطمئنان “إن جميع أحقاد العالم وفتنه  من صنع هؤلاء المرضى تحديداً”.
elyousef@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…

شكري شيخ نبي ( ş.ş.n)

 

والنهد

والنهد إذا غلا

وإذ اعتلى

صهوة الثريا وابتلى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا جرى في الغوى… !

 

والنهد

اذا علا

حجلين اضناهما

الشرك في اللوى

او حمامتين

تهدلان التسابيح في الجوى… ؟!

 

والنهد

اذا غلا

عناقيد عنب

في عرائش السما… ؟

توقد الجلنار

نبيذا في الهوى… !

 

والنهد

اذا غلا

وإذ اعتلى صهوة الثريا والنوى

تنهيد في شفاه التهنيد…؟

كالحباري

بين مفاز الصحارى

اضناه

مشاق اللال والطوى… !

 

والنهد

اذا علا

وإذ اعتلى كالبدر وارتوى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا وقع في شرك…