22 نيسان عيدٌ للهوية الكوردية

محمود عبدو عبدو
 
   يأتي الاحتفال السّنوي بإصدار أول صحيفة كوردية في 22 نيسان كاحتفال جمعي لكل الفنون الإبداعيّة والكتابيّة الكورديّة, فهو عيدُ الكتاب والشّعراء واللغويين والسّاسة والصّحفيين, فالصحيفة نشرت الكتابة الكورديّة, وسوّقت القصيدة والإبداع, وعرّفت باللغة الكورديّة, وشكّلت الرؤية السّياسية الوطنية والقومية الكوردية, ومكانا تجميعياً للتراث والفلكلور الكورديين.

   لذا هو عيدُ الهوية الكوردية ويحق لكلّ من ينبضُ كوردياً أن يقيم لها احتفالات الذكرى ومهرجانات التكريم, نقف اليوم على ارث عمره /114/ سنة من العمل وفي ظروف قاسية وقاهرة وضمن إمكانيات محدودة وواقع تسويقي سري وأفق ضيق من الحرية الكتابية والتحريرية والتوزيعية.
   ويكتسبُ الحديث عن الصّحافة الكورديّة و وتناول الإعلام الكوردي برمته صبغةً خاصة وإشكالية في آن, لأمورٍ عدّة أهمُّها فيما يصدرهُ الكورد في سورية يكادُ يكون وسيلتهم النضاليّة الوحيدة, ومُتنفسهم المحليّ والرّسمي والوطنيّ والقوميّ الوحيد, في ظلِّ غيابِ مُتنفّسٍ حكوميٍّ للكورد في الإعلام الرّسميّ السّوري, ناهيكَ عمّا يُمثّلهُ هذا الإعلام كونهُ حامل قضية أمة ودرعها الواقي, فالأفكار والكتابات تبقى –أبداً-مضادةً للرصاص, ويكتسبُ صبغتهُ الخاصة وأهميته القصوى أيضاً لكونه السّلطة الوحيدة التي يمتلكونها وليست السّلطة الرابعة كما عُرف عنها, لغياب السّلطات الثّلاث الأولى “التشريعية والقضائية والتنفيذية” ولهذا الاعتبار تأتي حتمية تفعيله ليقوم بأدواره مجتمعة, مُؤديّاً وظيفتهُ المهنيّة من جانب والقوميّة من جهةٍ أخرى.

   وللتخلص من الرتابة المناسباتية للحدث, كـ يومٍ للخطب الجوفاء وتمجيد الماضي, نرغبُ في أن تكون المناسبة دفعاً جديداً للصحافة نحو المهنية والرصانة وتخلصاً من عوائقٍ ومصاعبٍ جمّة تحيطُ بها كردياً أولا ورسمياً ثانياً, من خلال استحضارها حوارياً, والتي تمنعُ صحفييها من تقديم الأفضل, فلا يمكننا  الحديث عن صحافة يومية بعد, لعدم وجودها أصلاً, فما هو موجود أقربه “نصف شهرية” أو شهرية وحتى فصلية ومناسباتية/موسمية لدى البعض, وكأن المنشور مَحضُ ترف للبعض وطقساً حزبياً لا أكثر.
   المُنتج الكوردي –الحالي- تحت مسمى الصّحافة لا يرتقي إلى المُسمى والدلالة رغم توفر الكثير من الظروف المساعدة وسائل الطباعة والانترنيت وسرعة التواصل والمعلومة, رغم تقديرنا للمجهود “الشّخصي” للبعض, لكن العمل الإعلامي الكوردي لم يأخذ في سورية الطّابع المُؤسساتي والتّخصص بعد, فلا تجد مفهوم “المحرر” ولا الصّحفي المُختص بالشؤون التحليلية أو الثقافية أو الخبرية, ولا تجد هيئة تحرير متكاملة, يمتد كلامنا إلى الإعلام الكورديّ الالكترونيّ في سورية أيضاً, رغم قيمة وأهمية ما قدّمه لم يرتق أيُّ موقعٍ كورديّ سوريّ ليكون محط ثقة وكالات الأنباء أو المحطات, تستقي منها الأخبار الخاصة بالكورد السّوريين ومعاناتهم, وربما يمكننا التأكيد والجزم بأن مواقع الانترنيت شكلّت للكورد مُتنفساً وهرباً من “الحزبويّة” الضّيقة في المنشورات الكورديّة السّوريّة والاصطفافيّة ومصدراً –محليّاً- للأخبار والمكان الوحيد الذي يُسمع فيه الرأي والصوت الآخر.
   مع التأكيد في الوقت عينه على دور تلك النشرات والجرائد الحزبية في تعريف الكورد بقضاياهم القومية الكوردية والوطنية السّورية ضمن ظروفٍ أمنية وطباعية صعبة كصوت للواقع الكوردي ومعاناته وتعريفا بها سوريا وعربياً, والاحتفال بعيد الصحافة هو عرفانٌ بالجميل لكل من عمل وساهم ووزع وكتب في الصحافة الكوردية على مرِّ السنوات الـ/114/.
   وكي لا ننصاع لمقولة محمد الماغوط “الحزن يسكننا كأي مستأجر” والتشاؤم ومقولات النقد والتباكي راضخين لواقع لا نراه يعكس آمالنا, ليس للكردي إلا العمل, لذا نحنُ مُتفائلون بجيلٍ شاب “إعلامي” يعرف اللعبة الإعلاميّة ويُحسن استعمال أدواتها, مُستندين لتجارب كورديّة سوريّة-شخصيّة طبعا- جديرة وبمواقع كورديّة بدأت تُحسّن لغتها وصورتها وتبحث عن بدائل يومية للارتقاء برسالتها ومهنيتها بموضوعية وتخصص.
 وتبقى الصّحافة صانعة الرأي ونبض الشّعوب وخاصة للشعوب التي لا زالت تئن من الإقصاء والتهميش كشعبنا الكوردي.
mehmudabdo@gmail.com

………………………………………………………………

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مسلم عبدالله علي

قبل يومين، كنا عائدين من العمل. وقبل أن ننطلق، أوقفنا شابٌ مصريّ كان يعمل معنا في نفس البناء، فأردنا أن نوصله في طريقنا.

ما إن صعد السيارة، حتى انهالت عليه الأسئلة من كل حدبٍ وصوب:

ـ أين تقع الأهرامات؟

وقبل أن يجيب، أضاف أحدهم: هل زرتها؟

ابتسم وقال: ليست بعيدة تبعد ساعة فقط عن منزلي، أمرّ بها…

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي

يبحث عن أرجوحة

صنعت له أمه

هزّازة من أكياس الخيش القديمة…

ومصاصة حليب فارغة

مدهونة بلون الحليب

ليسكت جوعه بكذبة بيضاء.

 

شبل بعمر الورد

يخرج كل يوم…

حاملًا كتبه المدرسية

في كيس من النايلون

كان يجمع فيها سكاكر العيد

ويحمل بيده الأخرى

علب الكبريت…

يبيعها في الطريق

ليشتري قلم الرصاص

وربطة خبز لأمه الأرملة.

 

شاب في مقتبل العمر،

بدر جميل،

يترك المدارس…

بحثًا عن عمل

يُجنّبه الحاجة إلى الآخرين

ويختلس بعض النقود

من…

إدريس سالم

تتّخذ قصيدة «حينما يزهر غصن الألم»، موقعاً خاصّاً، في الحقل النثري الوجداني المعاصر؛ لما تنطوي عليها من إعادة تعريف للعلاقة بين الذات والأنوثة والحياة؛ إذ تقدّم الشاعرة والمدوّنة الكوردية، ديلان تمّي، نصّاً يتأسّس على ثنائية الاعتراف والتمرّد، ويتراوح بين الحنين والجرأة. ليغدو الألم في تجربتها هذه مادّة جمالية قابلة للتشكّل، وغصناً يُزهر بدلاً من…

إبراهيم محمود

“الذاكرة هي أولاً وقبل كل شيء عملية انتقاء حيوية بين الذكريات والنسيان ، بين ما يجب أن يحتفظ به الوعي وما سوف يتجاهله أو يُعاد قسريًا بشكل مؤقت أو نهائي”. إنه “يؤسس انتقال الأجيال ، بنى البنوة ، الروابط الأسرية والاجتماعية لأنها جزء من جماعة”

هنري روسو

تحرّكٌ

في الذهاب إلى الكتاب، نمضي إلى التاريخ بكل تأكيد،…