يوم الصحافة يوم الحقيقة

  أحمد اسماعيل اسماعيل
    
لا شك أن الاحتفاء بيوم الصحافة الكردية يتجاوز اليوم مجرد الاحتفال بذكرى صدور جريدة كردستان الرائدة التي دخلت عامها الرابع عشر بعد المائة، وتخليداً لذكرى مؤسسها الرائد مقداد بدرخان الذي استطاع، وفي

ظل ظروف سياسية وتاريخية وحضارية متخلفة أن يوصل جريدته بصفحاتها الأربع ومضامينها المتنوعة، من سياسة وأدب وعلم، إلى قارئه الكردي في مناطق وأماكن قد نعجز اليوم أن نصل إليها رغم كل ما نملكه من أدوات ووسائل اتصال حديثة.
إن هذا العمر الزمني غير القصير للصحافة الكردية والحافل بالأحداث الجسام على كافة المستويات الوطنية والقومية والعالمية، لم يصاحبه حقيقة نضوج فكري وفني ومهني مناسب، هذا التناقض بين العمرين الزمني والفكري يستدعي منا وفي مثل هذا اليوم بالذات، تلمس أسباب هذا القصور بغية النهوض بهذه المهنة والمهمة الانسانية العظيمة، وتحقيقاً لغاية هذا الرائد من تأسيسه لصحيفته الذي كتب في العدد الأول منها (لا أبغي من صدور هذه الجريدة، ولو من بعيد ، سوى خدمة مصالح شعبي وسعادته ورفع المستوى الثقافي لبني جلدتي)
 لا شك إن عوامل عدم تحقيق أهداف هذا الرائد كثيرة، وسيشكل الحديث عما هو ذاتي ، وبمعزل عما يتعرض له الصحافي من قهر ومعاناة سياسية وغير سياسية، نوعاً من التقريع وجلد الذات. بيد أن التذرع بهذا السبب أيضاً هو نوع من التنصل من المسؤولية وخاصة في ظل الثورة الاعلامية الجبارة التي أسقطت كل الجدران وأزاحت كل الستائر عما يحدث على مسرح الأحداث أنى وجدت. فلم يعد الإعلام مجرد نقل خبر بل أصبح يؤثر على أساليب التفكير لدى الأفراد والتدخل في صياغة الأمزجة والقرارات والقناعات.
لم يعد الاعلام السلطة الرابعة كما كانت عليه الصحافة زمناً، بل هو السلطة السائدة التي تخشاها كل السلطات حتى الديمقراطية منها. ويمكننا القول قياساً على ذلك: إن شعباً بلا إعلام حقيقي شعب أخرس، والاعلام الذي لا يعكس نبض الشارع بطريقة عصرية ومهنية إعلام ميت، وما أحوجنا اليوم، وفي ظل الأحداث الجارية وثورة شعبنا في كل أرجاء الوطن، إلى إعلام  لا يخذل شعبه ويحقق أهداف الرائد مقداد بدرخان من إصدار صحيفة كردستان، وسيكون احتفالانا بيوم الصحافة الكردية في كل عام ونحن متلبسين بجريمة التشهير والكذب والنفاق والتخلف المهني والقصور المعرفي .. والخطاب المتخلف ..سيكون كلاماً أجوفاً.
فتحية لروح مقداد بدرخان وكل البدرخانيين الخالدين رواد الثورة الثقافية الكردية ،الذين رسموا للكرد ملامح هويتهم المغيبة. وتحية لكل الصحافيين الكرد في يوم عيدهم، وتحية لشهداء الكلمة الحرة الأحياء منهم والأموات.    
     a.smail1961@gmail.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     ألقيت في الاحتفال الذي أقيم في مدينة قامشلو بمناسبة يوم الصحافة الكردية يوم الأحد 22 / 4 / 2012

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…