أكثر محطات حياة أبي نيرودا، بعد عملنا في مجال التعليم، أعرفها، واحدة تلو أخرى، فقد عاشرته منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث عملنا معاً، في مجال التربية، لأراه آية في الحلم، والطيبة، والوطنية، بسيطاً، شفافاً،إنساناً. ولا أخفي، أنه عندما أعلمني بأنه بحاجة إلى بعض المراجع، حول الإعلام، موضحاً أنه ترجم حلمه القديم في متابعة الدراسات العليا، فقد فرحت، واعتبرت ذلك تحدياً كبيراً منه لكل الظروف التي منعته و أمثاله، من متابعة مثل هذه الدراسة، بل هي دليل رغبة كبرى في التضحية، من أجل خدمة رسالة الإعلام التي ظهر خلال السنوات الأخيرة كأحد الصحفيين الذين تركوا لمساتهم، في مجالها، على نطاقنا الكردي، والسوري، بعيداً عن أي ادعاء، لأن هاجسه خدمة أهله، لا زعم الإعلان عن الخدمة، لاسيما وأننا نجد بعد السقوط العملي لشوكة الرقابة، من بات يلهث لتقديم نفسه، في صورة البطل المنقذ، وهوالذي دأب رفع يدي الاستسلام، في امتحانات كثيرة……
وإذا كان صديقي أبو نيرودا، قد استحصل شهادة الماجستير، باذلاً، لذلك جهوداً كبيرة، فإنني كأحد أصدقاء هذا الكاتب، والإعلامي الكردي الأكثر وفاء، أجد أن هذه الجهود لابد وأن تتضافر، من أجل نيل شهادة الدكتوراة، لاسيما وأننا أحوج إلى عطاءات غيارانا الأكاديميين، في المجالات كافة، وبخاصة في عالم الإعلام، لأن المرحلة المقبلة، ستشهد حضور إنساننا الكردي، للعب دوره، بعد أن سعت قوى الظلام والإظلام، على مدى مسافة زمانية شاسعة، لتغييبنا، وصهرنا، في البوتقة التي تريد، بيد أن التاريخ أكد عظمة إنساننا الذي وقف ضد كل هذه المخططات، ببسالته، وحكمته، مسترخصاً روحه، من أجل خصوصيته التي لم ولن يفرط بها البتة.
ونيل صديقي أبي نيرودا، لشهادة الماجستير، في مجال الصحافة، عشية احتفالنا، بيوم عيد الصحافة الكردية، تدعوني إلى أن أهنئه مرتين: مرة كزميل صحفي، عامل، ومناضل، في يوم عيدنا…..، ومرة لحصوله على هذه الشهادة، وهو في سن التقاعد، وبحماس من هو في ربيع عمره، وسأظل في انتظار أن تكتمل فرحته، في الحصول على الشهادة” الأم” في المجال الذي تخيره، واعداً أن أكتب عنه-آنذاك- بما يليق بروحه، ونظافة قلبه، في هذا الزمن الذي يحاصرنا صدؤه من كل الجهات..!.
الشارقة