ليتني كنت شاعراً لأرد على مليكة مزان هذه الأمازيغية المنفلتة !

بقلم: م . محمد أمين محمد *

قلت لها ذات يوم بل الأصح كتبت لها ذات يوم بعد قراءتي لأول قصيدة لها وقعت بين يدي قلت لها : كم أود سيدتي لو كنت شاعراً لأرد على جمال قصيدتك بما هو أجمل … ! نعم كم أود اليوم سيدتي لو كنت سليم بركات الكوردي لأرد على المليكة / المتنبية الأمازيغية المنفلتة من كل عهور الكون بقصيدة تكون الأحسن .  
كانت رغبة وأمنية لا حدود فيهما للتحدي والمبارزة والسباق بأي مقاس أو معنى ، واليوم و بعد اطلاعي على ديوانها الجديد : ˝ متمرداً يمر نهدكِ من هنا ˝ ( اعترافات في منتهى العهر ) فإن تلك الرغبة قد تضاعفت بما لا يقاس وباتت أكثر من رغبة ، لقد باتت حاجة لا بد منها لأرد على هذه الأمازيغية الشاردة في دروب الحرية والسمو إلى ما لانهاية …
إنه فعلا يوم المنى يوم أستطيع الرد على هذه الأمازيغية الجميلة ، الرائعة ، الأقوى من كل جبروت الكراهية ، ومن كل آلام الأسلاك الشائكة التي تحيط بعقولنا ، وأحلامنا ، وخيالنا ، وحبنا ، وعشقنا ، قبل أن تحيط بأوطاننا الممسوخة ؛ هذه الأمازيغية المنفلتة من كل عقال الاستبداد الداخلي والاستبداد الذاتي ومن كل أوثان الإنسان المقهور في ذاته حتى النخاع !
إنها منفلتة من كل تلك الأوثان ، ومن كل ذاك العهر الداخلي الذي يتغلغل فينا .. نحن الدمى الباهتة في زمن منقلب على كل شيء سوى العهر والدجل والكذب والنفاق والقبح وأشياء أخرى لا يحترق بنارها سوانا .  
إنها أمازيغية منفلتة مولودة هكذا إلى أقصى آفاق الحرية والكرامة والإنسانية وبرغبتها ورضاها وإرادتها وإصرارها وعن سابق تصور وتصميم !
إنها مدانة وليست متهمة ، إن الواقعة مثبتة باعترافها وإمضائها وإشهارها على الملء ، ودون خوف أو خشية أو استحياء . إنها هكذا تتحدانا جميعا ودون استثناء ، نحن الفقراء ، نحن المساكين ، نحن القابعين في زنزاناتنا الأزلية ، في أقفاصنا الصدئة ، في قبورنا اليومية ، في ذلنا ، في قهرنا ، في موتنا الخالد ، في نفوسنا ، في أفئدتنا ، في ما يسمى بعقولنا … !
إنها تصرح لكم جميعا ، ودون استثناء و تتحداكم جميعا .. أنتم القضاة ، وأنتم الادعاء العام ، وأنتم المدافعون عن الخصم ، وأنتم الشهود على الواقعة ، وأنتم الضحايا ، وأنتم الجناة ، وأنتم اللامبالون لا بالواقعة ولا بالقصة و ˝ لا هم يحزنون ˝ !
إنها تصرح لكم جميعا ، وتعلن عن اعترافات في منتهى العهر ، ومن لا يقبل فليتفضل إلى المنازلة الجديدة ، إلى المنازلة القادمة لعهد جديد ، وعصر جديد ، وعهر جديد ، إنه عصر المتنبية الأمازيغية مليكة مزان ، إنها فخر لهؤلاء المنسيين في أعماق تاريخ قديم جدا ، وجغرافيا واسعة جدا ، وثقافة متنوعة وغنية جدا ، وآفاق رحبة جدا جدا ، إنها فخر لكل الحالمين في هذا الكون بالحرية ، إنها فخر لنا جميعا .
ــــــــــ
*محمد أمين محمد : كاتب كردي / سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…