حين تخون الكلمات

 


بقلم توفيق عبد المجيد

يندفع الكاتب أحياناً
للكتابة
يجهز العدة ، يغلق الغرفة ،
يقطع كل اتصال مع الحياة
للكتابة
يرتشف من فنجان القهوة رشفات خجولة
صباحية كانت القهوة أم مسائية أم ليلية
يضع القلم بين الأنامل والأفكار على الطاولة
للكتابة

يضغط على الدماغ
يعتصره بهدوء
يسود الورقة البيضاء بالألغاز
بالطلاسم ومختلف الأشكال
لتكون مصدات للرياح والأعاصير
أيضاً للكتابة
ماذا يكتب ؟
ولماذا يكتب إذاً ؟
مادامت الكتابة مسؤولية
قد تعجل بصاحبها فترميه في سجن
أو تسبب له جرحاً عميقاً
أو تعرضه لنقد لم يتعود على تقبله
لم يتعلمه 
في بيت أو مدرسة أو حزب سياسي
أو تؤمن له زيارة مستعجلة إلى زنزانة أو منفردة
أو تلف حول عنقه حبل
المشنقة 
أجل يكتب !!!
رغم هذا وذاك يكتب
ففي الكتابة شفاء للنفس
وفي الكتابة دواء للروح
وفي الكتابة بلسم للجروح
واجب عليه أن يكتب
ليعبر عن مشاعره بأمانة
وعن أحاسيس الغير التي يستشفها بحدسه الإنساني
لأنهم يقولون له بالإشارة أو الإيماءة
اكتب
يجب عليك أن تكتب
فنحن نتوقع منك أن تكتب
لأن الكتابة مسؤولية وأمانة
حسناً لقد وصلت الرسالة
وفهمت الإشارة
ولكن عندما حاول أن يكتب شيئاً 
خانته الكلمات
وتمردت عليه الذاكرة
فلم يستطع إلا كتابة صفحة واحدة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…