هل أضاع اللقاء شذاه? .. قصة قصيرة

  ثائرة شمعون البازي

‏ كانتْ متوترةً بعد ليلةٍ لم تغفُ فيها إلا قليلاً.. ليلةٍ أمضتها تفكرُ كيف حملـَها عشقـُها بأتجاه صوتٍ كان يناديها .. ربما تلتقيه .. او هكذا تخليت. كانت قريبةً جداً منه.. قربَ منزلهِ , سارت في المنطقة التي تحيطُ ببيتهِ .. جلست عن بـُعد تتأملُ ذلك المكان .. كم حدثها عنه, حتى كادت تسمعُ خطواتـِه وهو يقتربُ ويمدُ يدهُ مصافحاً فقط… بخـل عليها بقبلةٍ على الجبين. استنشقت عطرَه …العطر الذي اهدته له , لكنها تمالكت نفسها ككل مرةٍ  لتعود الذاكرة إلى آخرِ حديثٍ  بينهما…
كان غاضباً جداً وهو يقول لها…انظري إلى نفسِك , ها أنتِ  وحيدة ٌ الآنَ  بسبب مواقفِك , انظري إلى نفسِك !!!  انتِ  مريضةٌ نفسيا ومعقدة ..  عالجي نفسك اولا.
ـ ماذا!! هل سكبتَ حقيقتك , ام كان همـُّكَ ان تخرجَ  من الموقفِ منتصرا  كما هو الحال في كل حالات غضبك.؟!!
…أصبحت تجاريحُك تراكمات , ايها الحبيب…ما كان يجدرُ بكَ أن تصدمَني بعباراتٍ جارحةٍ والعصبية تملكتك. كم من مرةٍ  قلتها لك لا تجرح لانك  لن تلومَ الا نفسَك , فقل لي كيف كنت تريدني إذن أن أكون كي لا أكون معقدةً.. ألست أنت حقاً من ركبتهُ موجة ُ التعقيد؟
فجاءةً وقفتْ لتنفضَ الغبارَ عن ملابسها وهي تتمتم (يا إلهي.. مالذي جنيتُه ليحدثَ كل هذا, أنا لم أشأ سوى حبـِّه..!!) ..  مدت يدَها الى شُجيراتِ الآس  بالقرب منها  .. قطفت منها ماقطفت وسارت خطواتِ العودة وهي تنثرُ اوراقـَها على مدى المسافة التي سارت بها وهي تبتعدُ عن بيته.
‏ (قبل اللقاء كان الترقبُ والانتظار.. حتى ضاعت كلُ الرغبات في التفكير لأجل صباحٍ مشمسٍ جديد..  كانت الكلماتُ وسيلتنا للبوح بما لا يُستطاع البوح به , كنا نعيش اللحظاتِ لنكشفَ عمّا يختلجُ في النفوس… لذلك جئتُ اليه بعد ان لملمتُ أجزاءَ  نفسي المبعثرة.. بعدَ أن انتزعتُ أقنعةَ الخوفِ والتردد. وها انا الان انظرُ حولي  والبرودة نفذت إلى قلبي , لابقى صامته).
مرت الايامُ  وكان خوفـُها يصلُ إلى حدِّ الرُّعب , فقد انتظرت هاتفا منه لتطيرَ فوراً إليه , لكنه لم يشأ أن يتصل فالغضب تمكن منه , وهي لم تعد قادرة أن تستجديه من جديد لتسحبَ االكلمات منه وتساله …هل مازلت تحبني؟

وأردفت وكأنها تحاول الوصول إلى طوق ما للنجاة تخشى أن يفلت منها فاختنقت الكلمات في حلقها.. ماذا ستقول بعد؟… لاشيء , فقد انتهى الكلام.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…