هل على الناجحين أن يدفعوا ضريبة نجاحهم؟
هل النجاح عدو للبعض ( وإن كانوا هم أيضاً ناجحون في الحياة)؟
لماذا تخسر أناساً تحبهم عندما تصبح ناجحاً؟
أليس من المتوقع أن يشاركك هؤلاء الفرحة وتقوى العلاقة بينكم أكثر؟
أحياناً يتسبب نجاحك في الحياة بفقدك لأشخاص تحبهم لأن نجاحك يثير غيرتهم وحسدهم ،
وإذا كان الإنسان يلقى ذلك من إخوانه ورفاق دربه!! فما عساه أن يلقى من أعدائه ؟
نعم ( كلما ارتفع الانسان تكاثرت حوله الغيوم والمحن)
فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، قال تعالى {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } [النساء : 54]
ولكنك تتألم لفقدهم وللفراغ الذي تركوه في نفسك ، ولأيامك السعيدة معهم ، فلا تملك أن ترضيهم إلا بأن تتخلى عن نجاحك وإبداعك وتذل نفسك لهم ، فذلك يرضي غرورهم ويريحهم ويعيد المياه إلى مجاريها.
إن الأعمال الجميلة والمميزة تغيظ البعض..!!
ورحم الله الشاعر أبو الأسود الدؤلي حينما قال:
حَسَدوا الفَتى إِذ لَم يَنالوا سَعيهُ فَالقَومُ أَعداءٌ لَهُ وَخُصومُ
كَضَرائِرِ الحَسناءِ قُلنَ لِوَجهِها حَسداً وَبَغياً إِنَّهُ لَدَميمُ
وَالوَجهُ يُشرُقُ في الظَلامِ كَأَنَّهُ بَدرٌ مُنيرٌ وَالنِساءُ نُجومُ
وَتَرى اللَبيبَ مُحسَّداً لَم يَجتَرِم شَتمَ الرِجالِ وَعَرضُهُ مَشتومُ
وَكَذاكَ مَن عَظُمَت عَليهِ نِعمَةٌ حُسّادُه سَيفٌ عَليهِ صَرومُ
فاِترُك مُحاوَرةَ السَفيهِ فَإِنَّها نَدمٌ وَغِبٌّ بَعدَ ذاكَ وَخيمُ
وَإِذا جَريتَ مَع السَفيهِ كَما جَرى فَكِلاكُما في جَريهِ مَذمومُ
وَإِذا عتِبتَ عَلى السَفيه وَلُمتَهُ في مِثلِ ما تأَتي فَأَنتَ ظَلومُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ عارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلتُ عَظيمُ
ابدأ بِنَفسِكَ وَانَهها عَن غِيِّها فَإِذا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكيمُ
والحاسد له تصرفات غريبة .. فكلما سنحت له الفرصة انتقص من شخصك أو عملك ، مسكين لا يدري ماذا يفعل؟!
ولو أنه شجع وأثنى لما نقص من قدره شيء ، ولارتاح قلبه وسكنت نفسه من هذه المعاناة البغيضة..
كما أنه لا يحادثك ولا يرغب في الحوار معك عندما تحاول التودد إليه فهو يتجاهل وجودك..!!
وهل وجود الأزهار في الحديقة يؤذي؟
ومن يبغض الزهرة لأن رائحتها زكية؟
إلا إذا كان في أنفه عطب.. أو في نفسه خلل يدفعه إلى قطف الأزهار وسحقها بقدميه ليتلذذ وترتاح نفسه..!!
يعيش بيننا أناس يعانون من مشكلات نفسية لا يشعرون بوجودها وهم بحاجة ماسة للعلاج النفسي حتى لا يؤذوا أنفسهم ويضروا غيرهم ويخسروا آخرتهم..
اترك الحسد فبه تمرض جسدك ، وتكدر أيامك وتشغل بالك وتنسى الاهتمام بمصالحك وما ينفعك وتفقد حسناتك وتضيع عمرك، وتجلب لنفسك القلق والحزن، وتحرم نفسك من التمتع بنعم الله الكثيرة التي عندك لانشغالك بالتفكير بغيرك ..
فهل هذه حياة؟؟
هل الغيرة والحسد شيء مريح وسعيد ؟
هل هذه طريقة سليمة نقضي بها أيامنا في الدنيا؟
هل تعترض على القضاء والقدر الذي قدره الله للناس من نعمة ورزق ؟
قال الشاعر :
يا حاســــــــــداً لي على نعمتي — أتدري على من أسأت الأدب؟
أسأت على الله في حكمه — لأنك لم ترض لي ما قد وهب
فأخــــــــزاك ربي بأن زادني — وســـد عليـــك وجوه الطـــلب
إن كل الشرور منبتها من الحسد فالإنسان إذا حسد ارتكب الكبائر:
يسرق ، يكذب ، يغتاب ، يسحر ،يظلم ، يقتل …
يقول عمر بن عبد العزيز “رحمه الله” ، في مقولة هي اقرب إلى النصح والإرشاد في مثل هذه الأمور :
(إن استطعت فكن عالما ، فإن لم تستطع فكن متعلما ، فإن لم تستطع فأحبهم ، فإن لم تستطع فلا تبغضهم ).
وأخيرا واجه أعداء النجاح بسبعة نصائح:
إذا كنت تصادف في حياتك الدراسية أو المهنية أو الوظيفية ، فأنصحك بسبعة أمور عليك التقيد بها:
1-· ثق بنجاحك وانجازاتك أولا ، ولا تعر اهتماماً لهم .
2- قابلهم بمحبة وود ، وتأكد أنك الأفضل بما تقدمه لحياتك الشخصية والاجتماعية.
3- لا أحد يستطيع أن يخفي شروق الشمس ، فاستمر في تحقيق أهدافك.
4- حاول أن لا تدخل معهم في نقاشات أو تعليقات ، فأنت أكبر من ذلك ، واجعل طاقتك للجديد من أعمالك وطموحاتك.
5- لا تنتظر الاعتراف بشخصيتك المتميزة ، فالزمان والوقت كفيل بإثبات حقيقة انجازاتك.
6- دائما توكل على الله ، وأخلص في ما تقدمه من أعمالك .
7- لا تجعل كلمات النقد وتحطيم وتكسير الذات من اهتماماتك ، وسخر جهدك ووقتك لصناعة انجازاتك.
لننتهي جميعاً عن الحسد ولنحب لبعضنا ما نحب لأنفسنا ، ولنبدأ الآن بالتوبة والدعاء لأناس آذيناهم كثيراً في حياتنا لعل الله أن يتجاوز عنّا ويخلصنا من حقوق العباد ويرحم ضعفنا.
* عضو الاتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية NLP