«أرحل عن دمنا يا عيد» إن سوريا تنزف

 كريمة رشكو

يذكرنا الشاعر المتنبي مرة أخرى بالعيد :” عيدّ بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد ” , فهاهو العيد يعود إلينا ثانية ويذكرنا للمرة الرابعة  بأنه  مازال  يبحث  عن  الفرح والمستقبل , ولكن طاغية دمشق موجود , يقتل ويقتل فينا كل معاني الفرح والسرور , ويأتي  العيد والوطن  يعتريه الحزن والسواد , ويأتي العيد ليس بمذاق الأعياد السابقة , اقصد أعياد ما قبل اذار 2011 يأتي العيد بلا صخب ولا مارة , والتحضيرات غائبة , وحركة الأسواق مشلولة.
في كل الأوطان العيد تبدد لهم الحزن الذي في وجوه الأطفال , أما في سورية فالحزن في عيون الكل كبارا صغارا أطفالا رجالا , حتى الأشجار تبكي والغيوم سحابة من حزن عميق .
في سوريا  كل شيء على غير عادته ومنها العيد ايضاً.
في سوريا تقدم أرواح الأطفال قرابين العيد , وتتزين الشوارع بدم الشعب من درعا إلى حمص وحلب الشهباء ودير الزور …. إن أجمل ما يحمله العيد للسوريين هو سماع المآذن فجر العيد (الله اكبر الله اكبر لا اله إلا الله) ولكننا في سوريا نضيف أيضا لتكبيرات العيد : (لا اله إلا الله والشهيد حبيب الله).
في العيد تمتد الأيادي للتحية والسلام , في سوريا فإنها تمتد لترفع جنازات الشهداء , الذين يقتلون بيد البطش الذي لا مثيل له في تاريخ العالم , وتحيي الشهيد بالزغردات الصارخة ” حيو الشهيد , حيو البطل ”
عذرا أيها العيد, فكل أطفال سوريا راحلون , والباقون قلة , وهم أصبحوا خارج أسوار الوطن يبكون والشوق إلى سوريا تقتلهم والحزن يمزقهم.
في الأردن يبكون سورية وأيضا في لبنان يبكون سورية في كل الدول يبكون والوطن سورية .
عذرا أيها العيد ……هاجر هذه العصفورة الجميلة رحلت , حمزة الخطيب هذا العصفور الجميل رحل , أصبحوا يمثلون صرخة الثورة.
أيها العيد :ما أكثر شهداؤنا …..رحل مشعل , فلم يعد لنا من يشعلنا ثورة غاضبة في وجه القمع والطغيان.
عد أدراجك أيها العيد , إلى بلادِ أخرى.

فنحن حزينون , لا تأتينا أيها العيد ونحن لن ننتظرك , لان أحبتنا غائبون عنا ودمنا يسيل كالأنهار ولا احد يبالي بجراحنا أيها العيد الحلم الذي في عيون أطفال سوريا ستصنع سوريا جديدة , وعندها سيكون عيدنا عيدُ.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…