ياسر سيدو.. وداعاً .. صديقي الشهيد

  عمر كوجري

في هذا الوطن الطاعن في الألم، لم يعد هناك ما يثير العجب العجاب، ففي أية لحظة على روحك أن تكون مُهيّأة لتلقي الطعنات، وعينيك لتهطال الدمعات على عزيزين أكارم نفتقدهم كل يوم دون أن تكون لنا قدرة لفعل شيء لهم، قد نشهد اللحظة الأخيرة لوداعهم، وهم يلوّحون لنا بأصابعهم الحنونة، وبابتسامتهم التي تفيض حلاوة لا تضاهيها حلاوة.

كلّما سمعت، أو رأيت انفجاراً وقعَ، هبط قلبي من الحزن، لأني أعلم أن عزيزاً لأهله قد قضى، ظهر يوم الاثنين 29-10 سمعت عن تفجير جرمانا، هذا الحي الذي يشبه سوريا كثيراً بجمال فسيفسائه الإثني والقومي، كالعادة ينقبض القلب، يتعكر المزاج، لكن سرعان ما تمضي الحياة.
اليوم كان صديقي الرائع والساحر والهادئ ياسر رمضان سيدو، ضمن قافلة الحزن الذي صدَمَ جرمانا.
أعرف ياسر الفقيد.. الشهيد منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، بعد الجيش، ظل في دمشق ليعيل أسرته الكبيرة في مسقط رأسه « سري كانييه» رأس العين، وتنقّل بين مهن وأعمال كثيرة، وكان مثال الشاب الكردي الطموح .
 رغم ظروفه وانشغاله لم ينقطع عن تثقيف نفسه بالمطالعات، وانخرط في لجة النضال السياسي بهمّة وحيوية، ورأى أفكاره قريبة من معين حزب اليسار الكردي في سوريا الذي اكتمل فيما بعد تحت اسم حزب آزادي الكردي في سوريا، ونظراً لضغط ظروفه المعيشية، وعمله كمرشد سياحي متنقل بين دمشق وبيروت، فترت همّتُه الحزبية لكنه كان يرى نفسه قريباً من السياسة والساسة في كل لقاء.
 في آخر زيارته لي في الموقع الالكتروني الذي كنت أعمل فيها صحفياً قبل أن” يغلق وإلى الأبد” بسبب وضع البلد، كان بصحبة صديقة خريجة إعلام، ولا تجد عملاً، فقلت له إننا ” نضبُّ” أغراضَنا، وسنغلقُ المكتب، فتألم كثيراً لحال صديقته الصحفية، وأكثر من مرة هاتفني إن كان بمقدوري تأمين عمل لها في مجال الإعلام.
هكذا كان ياسر بسيطاً .. خدوماً يحب أصدقاءه بلهفة كبيرة، لا يتأخر عن تقديم أية خدمة لكل أصحابه.
ياسر، صديقي الشهيد، وروحك هناك ترفرف عالية، كم تمنيت لو كنت بيننا الآن!! ولكن؟؟ ألا بترت أيدي القتلة من أية طيينة عفنة جبلوا، ومن مستنقع أيّ حقد تمرّغت جسومُهم النّتنة..
الرحمة عليك يا ياسر.. السلام عليك يا صديقي.. السّلام لكلّ قطرة دم سورية تنزف، وتهدر في غير الأوان وغير المكان!!

في الأمس.. واليوم.. وغداً…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…