الملا شيخموس قرقاتي بداية إرهاصات اقتران القومي بالديني

  م. عبدالله كدو

المرحوم ملا شيخموس قرقاتي الذي يمر أربعون عاما على وفاته في 1/1/2013 تمثل ظاهرته علامة فارقة لمرحلة بدأ فيها الفكر الديني الإسلامي يقترن بالفكر القومي الكردي في سوريا ، فالقرقاتي المتتلمذ على يد الملا عبيد الله في بلدة عامودا يمثل الرعيل الأول من الشباب الكرد الذين استشعروا ضرورة إقامة تجمع قومي كردي يمثل إرادة الكرد السوريين فتحصنهم أمام الحملات التي تستهدف وجودهم وتوجههم سياسيا واجتماعيا وثقافيا ،
ولان الرجل كان إنسانا قبل كل شيء و كان مؤمنا متصالحا مع ذاته ملتزما بالتعاليم الدينية الداعية لخير الناس والعدل والمساواة ، وجد نفسه مدافعا عن حرية وكرامة شعبه في صفوف الحزب الشيوعي السوري في بداية خمسينيات القرن الماضي مستحدثا نموذجا خاص به واحتفظ بزي رجل الدين حتى وفاته ليجمع ما بين انتمائه الديني الإسلامي والسياسي الشيوعي والقومي الكردي  ليقول أستطيع أن أظل مؤمنا بديني وقوميتي و عضوا في حزب يعمل لتحرير الإنسان من استغلال أخيه الإنسان ، ولكن الرجل الذي ظن بأنه يختلف مع فكر حزبه حول أسبقية المادة للروح فقط وجد نفسه في صدام مع سياسة حزبه حول احترام حقوق المكون القومي الكردي في سوريا ، فقد دعا القرقاتي إلى التعامل مع العرب والكرد وغيرهم على قدر المساواة حيث رفض الحزب النشر بالكردية – مدعيا عدم توفر الأسباب الفنية اللازمة – فيما كان ينشر بالأرمنية إلى جانب العربية .
دعا ملا شيخموس القرقاتي و ملا شيخموس الهساري (جكرخوين) و غيرهما من معاصريهما في الحزب الشيوعي إلى تبني اللغة والثقافة الكرديتين وتقدير مشاعر الكرد ومساعيهم تجاه أبناء جلدتهم في مختلف أجزاء كردستان الأمر الذي كان متوفرا لغير الكرد في الحزب ، وجدير بالذكر بأن القرقاتي قد اصطدم بالموقف  السلبي للشيوعيين السوفييت الذين كان لهم دور كبير في رسم مواقف وسياسات الشيوعي السوري  حيث سمع من وفدهم بالروسية (كرد نييت أي لا وجود للكرد) وحينئذ ازداد إحباطا من حزبه وصرح على الملأ بأن الحزب الشيوعي كغيره من الأحزاب السورية لا يفي بالغرض اللازم كرديا و كأنه أراد أن يقول لا بد للكرد من تأسيس حزبهم أو حركتهم القومية بعد أن تنصل الجميع من طرح الحقوق الكردية ل بل شكك معظم التيارات والأحزاب السورية بولاء الكرد الوطني واتهمهم بالنزعة الانفصالية .
لا بد من التأكيد على أن المهتم بالتأريخ الكردي السوري  يلاحظ بأن القرقاتي يمثل بداية إرهاصات تجربة اقتران الديني بالقومي الكردي السوري ، هذه التجربة التي بدأت بالقرقاتي وتعمقت ونضجت في حالة المرحوم الشيخ محمد عيسى أحد مؤسسي الحزب الكردي الأول  في عام 1957 ، ثم حالة الشيخ الشهيد الدكتور محمد معشوق الخزنوي التي ظهرت في بداية العقد الأول من القرن الحالي ، ذلك للحصول على حركة قومية ديمقراطية متصالحة مع الفكر الديني في نسخة فريدة قريبة من قيم الجماهير وثقافتهم بخطاب مألوف يتلقفه الشارع الكردي بسهولة .
وعليه نستطيع أن نخلص إلى نتيجة مفادها أن القرقاتي بحسه الديني والقومي المخلص ترك أهم المسلمات في تاريخ الكرد الحديث وهو أن شعوب الشرق الأوسط المتعايشة مع الكرد ، شركاءهم في التأريخ والجغرافيا لم يبلغوا بعد درجة طرح القضية الكردية و المشاركة في حلها وكأنه ردد ما قاله القائد الشيوعي العراقي الشهيد فهد عندما علق على اسم حزب الأمل – هيفي – الكردي بأن الكرد بحاجة إلى حزب العمل وليس الأمل .
وفي الختام من المفيد القول بأن القرقاتي دعا إلى احترام حرية الإنسان وكرامته و اليوم في زمن ربيع الشعوب  تثور الشعوب العربية والكردية وغيرها في المنطقة لتحقيق حياة حرة كريمة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…