قويق.. يا نهر الشهداء!!

عمر كوجري

البارحة، بان كسلي في علم الجغرافيا.. لم أنتظر ما اسم النهر الذي استقبل ماؤه بألم شديد جثث شهداء عليين إلى أعلى السماء..
لم يكن مهماً أن أعرف اسم النهر إن كان اسمه” قويقاً” أو غيره..
من حروف القويق يبدو القهر.. والألم.. والحزن الكبير..

من حروفه، شعر النهر أنه ربما يفيض يوماً بكل هذه الأرواح معاً..
 في لحظة واحدة يعلن كل هذا البكاء إلى حد أن مياهه غاصت في الأرض، ورفضت أن تكون في ضيافة بطون هؤلاء الأعزة..

قويق.. كان مجرّد نهر ينشط في الشتاء جراء عشقه للمطر، وفي الصيف تتبخر مياهه كما حال الكثير من الأنهار التي تحمل معها موتها أثناء الولادة…
الأنهار الصغيرة مخلوقات تحت رحمة وأمام مرمى نيران أعداء كثر.. ألدّها : الشمس..!!
قويق.. كان نهراً عادياً.. ولم يكن اسمه يحمل ذلك البريق والجرس الموسيقي والصدى الفضي ..
الآن قويق، صار يليق باسمه.. ببلسم فرحه رغم أن دموعه كانت أكثر من كثيرة وهو يتطلع على زهرات سورية تقطف وتدعس وتمعس في غير أوانها .. زهرات مرميات على ضفافه الحمراء..
قويق الذي كان يعاني القلق، ويسمع سكرات موته..،  صار
لأول مرة نهراً.. مجيداً.. عظيماً
قويق .. غداً لن يخاف الصيف.. لن يخشى من لسع الشمس. سيتحدى الحر.. سيتحدى كل ركام الموت.. وسيكون عنوان الحياة التي سنركض إليها جميعاً..
قويق الآن أكثر من نهر.. وأجمل من بحر.. وأروع من أية قصيدة يفكر باقترافها شاعر عاشق..
قويق.. الحبيب..
غداً لن تحتاج لتتبخر في قسوة صيف.. لن تفكّر أن تكون نهايتك وخيمة في مصب ماء مالح لبحر مالح..
غداً ستفكّر البحار أن تتوجّه إليك.. سترجوك البحار، وستقبّل يديك لترضى بها.. لتتطهر في قدسية مائك الرقراق..
قويق يا حبيبي…!!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: إدريس سالم

تنهض جميع نصوصي الروائية دون استثناء على أرضية واقعية، أعيشها حقيقة كسيرة حياة، إلا إن أسلوب الواقعية السحرية والكوابيس والهلوسات وأحلام اليقظة، هو ما ينقلها من واقعيتها ووثائقيتها المباشرة، إلى نصوص عبثية هلامية، تبدو كأنها منفصلة عن أصولها. لم أكتب في أيّ مرّة أبداً نصّاً متخيّلاً؛ فما يمدّني به الواقع هو أكبر من…

ابراهيم البليهي

منذ أكثر من قرنين؛ جرى ويجري تجهيلٌ للأجيال في العالم الإسلامي؛ فيتكرر القول بأننا نحن العرب والمسلمين؛ قد تخلَّفنا وتراجعنا عن عَظَمَةِ أسلافنا وهذا القول خادع، ومضلل، وغير حقيقي، ولا موضوعي، ويتنافى مع حقائق التاريخ، ويتجاهل التغيرات النوعية التي طرأت على الحضارة الإنسانية فقد تغيرت مكَوِّنات، ومقومات، وعناصر الحضارة؛ فالحضارة في العصر الحديث؛ قد غيَّرت…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

الخَيَالُ التاريخيُّ هُوَ نَوْعٌ أدبيٌّ تَجْري أحداثُه في بيئةٍ مَا تَقَعُ في المَاضِي ضِمْن ظُروفِها الاجتماعية ، وخَصائصِها الحقيقية ، مَعَ الحِرْصِ عَلى بِناء عَالَمٍ تاريخيٍّ يُمْكِن تَصديقُه ، والاهتمامِ بالسِّيَاقاتِ الثقافية ، وكَيفيةِ تَفَاعُلِ الشَّخصياتِ مَعَ عَناصرِ الزَّمَانِ والمكان ، ومُرَاعَاةِ العاداتِ والتقاليدِ والبُنى الاجتماعية والمَلابس وطبيعة…

فواز عبدي

يقال إن الأمثال خلاصة الحكمة الشعبية، لكن هناك أمثال في تراثنا وتراث المنطقة باتت اليوم تحتاج إلى إعادة تدوير عاجلة… أو رميها في أقرب سلة مهملات، مع بقايا تصريحات بعض المسؤولين. مثال على ذلك: المثل “الذهبي” الذي يخرجه البعض من جيبهم بمجرد أن يسمعوا نقداً أو ملاحظة: “القافلة تسير والكلاب تنبح” كأداة جاهزة لإسكات…