الصحافة والانترنيت

كفاح محمود كريم

     بعد ما يقرب من ثمانين عاما توقفت النيوزويك الأمريكية الواسعة الانتشار والأكثر شهرة عالميا، عن الصيغة الورقية لتظهر على شاشات الكومبيوتر عبر الانترنيت كصحيفة الكترونية، ربما ستحقق انتشارا مضاعفا وأرباحا أكثر مما كانت تجنيه وهي صفحات ورقية، في إشارة إلى بلوغ العولمة إلى مستويات أفقية واسعة، وانتشار استخدام وسائلها بشكل كبير جدا في كثير من أرجاء العالم، وهذه بتقديري هي النقطة الأهم في الموضوع، فكلما زادت مساحة الوعي الحديث باستخدام الانترنيت وانتشار أجهزة الحاسوب، توسعت معها دائرة الاتصال والتواصل بين البشر أفرادا أو مؤسسات،
 ولذلك ازعم تماما بأن كثير من الصحف والمجلات ستتوقف عن صيغتها الورقية لتفعل ما تفعله نيوزويك الآن، وربما كانت إيلاف السباقة إلى هذا العالم فاختصرت الطريق منذ البداية لكي تكون اليوم الصحيفة الناطقة بالعربية الأكثر انتشارا من كل الصحف المطبوعة في معظم الدول العربية والأوربية، فهي في متناول القراء في أي لحظة مع تحديثاتها على مدار الساعة، على غير ما تقدمه الصحف المطبوعة التي تأتي بأخبارها فجرا أو مساءً، بينما تنفرد الالكترونية بخاصية التحديث الفوري على مدار الساعة ومع الحدث مباشرة.

     ورغم ذلك يزعم الكثير إن للورقيات نكهتها الخاصة لا تقل بتقديري عن نكهات الألحان والأغاني القديمة لجيل معين بينما لا يتذوق جيل آخر تلك النكهة ويصر على إنتاج مرحلته، ورغم اختلاف الشأنين هنا إلا أن الحنين إلى ممارسة تقليب الصفحات واعتبارها أرشيفا أو وثيقة أو تقليدا صباحيا معينا ما يزال يدغدغ مشاعر الكثير تجاه الصحف والمجلات المطبوعة، رغم انه في مقدور أي شخص إعادة طبع أي صفحة من صفحات الجريدة أو المجلة الالكترونية وبالألوان أيضا متى شاء.

     ازعم إن انحسارا سيصيب الكثير من الصحف والمجلات الورقية، وستنتشر أكثر مما هو عليه الآن الصحف الالكترونية، بل إن تطورا نوعيا أيضا بدأ يظهر في العديد من تلك الالكترونيات التي انتشرت بسرعة مذهلة خلال سنوات قليلة، ورغم إن مستويات الكثير منها لا يرتقي على مستويات شقيقاتها الورقية التي غمرت سوق الصحافة في فورتها سواء هنا في العراق أو بقية بلدان ما يسمى بالربيع العربي، إلا أن تطورا واضحا بدأ يلوح في أفق الصحافة الالكترونية، ورغم ذلك تبقى الأمور معلقة بالمساحة الأفقية لانتشار استخدام الكومبيوتر والانترنيت لدى قطاعات واسعة من الناس، فكلما اتسعت تلك المساحة بين الأهالي، أي تقليص نسبة الأمية الحضارية، كلما انتشرت أكثر وسائل الإعلام الالكتروني من صحف ومجلات ومراكز معلومات، ومنابر التعبير عن الرأي وشبكات التواصل الاجتماعي، بما يحول عالمنا هذا فعلا إلى قرية متحضرة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…