التوأم.. اقصوصة

أحمد اسماعيل اسماعيل

ولدا برأسين وبطنين وظهر واحد.
أكلا، شربا، فرحا، حزنا.. وحلما معاً.
ومعاً لقيا العذاب والقهر. في إحدى مساءاتها، شدّ أحد الرأسين الجسد ناحيته.
فجذب الرأس الآخر بعصبية الجسد كله ناحيته.

استمرّ الشدُّ والجذب طويلاً، فأصبح الجسد يئن وهو يتمزق حتى أمسى لألمه جذور وأزهار سوداء.
حينها أيقنا بأن التوحد قدرهما، فعادا إلى العيش معاً بوئام.
هلَّل الجميع لذلك:
-سيكونان قويين لأنهما عرفا نفسيهما.
وعاشا سعيدين وقويين لسنوات برز فيها لكل منهما مخلب ونبت له ناب.
وفي إحدى مساءاتهما
أنشب أحدهما مخلبه في وجه الآخر،
فتوجعا،
وغرز الآخر نابه في وجه صاحبه..
فتألما،
وفي كل مرة كان يوجه فيها أحدهما ضربة لصاحبه يصرخا معاً:
–        آآآخ.
لحظئذ صاح برعب كل من أحبهما:
–        حذار، ستموتان معاً. فقلبكما واحد
(نشرت هذه القصة في صحيفة خبات التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني- العراق) العدد738 -17-8-1994 أبان الاقتتال الأخوي في كردستان العراق، ولأن التاريخ يعيد نفسه كردياً دائماً، مرة مأساة ومرة مهزلة كما قال ماركس ذات مرة، وها هو الحدث ذاته يعيد نفسه هنا، في سوريا هذه المرة لذلك ارتأيت إعادة نشر هذه الأقصوصة القصيرة جداً مرة أخرى دون تدخل مني لإعادة الصياغة أو حتى مجرد التنقيح. ولقد تناول الكاتب الأستاذ علي الجزيري هذه القصة بالتحليل في مقال له نشر في مجلة (الحوار) العدد23-ربيع 1999)
بعنوان:
 (مقاربة الهم الكردي إبداعياً( وأقصوصة التوأم نموذجا)
يمكن العودة إليه في العدد المذكور من المجلة أو نشره في النت من قبل الأستاذ علي الجزيري.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

الآن… هي هناك، في المطار، في دولة الأردن. لا أعلم إن كان مطار الملكة علياء أم غيره، فما قيمة الأسماء حين تضيع منّا الأوطان والأحبة..؟. لحظات فقط وستكون داخل الطائرة، تحلّق بعيداً عن ترابها، عن الدار التي شهدت خطواتها الأولى، عن كل ركن كنت أزيّنه بابتسامتها الصغيرة.

أنا وحدي الآن، حارس دموعها ومخبأ أسرارها. لم…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

فَلسفةُ الجَمَالِ هِيَ فَرْعٌ مِنَ الفَلسفةِ يَدْرُسُ طَبيعةَ الجَمَالِ والذَّوْقِ والفَنِّ ، في الطبيعةِ والأعمالِ البشريةِ والأنساقِ الاجتماعية، وَيُكَرِّسُ التفكيرَ النَّقْدِيَّ في البُنى الثَّقَافيةِ بِكُلِّ صُوَرِهَا في الفَنِّ، وَتَجَلِّيَاتِها في الطبيعة ، وانعكاساتِها في المُجتمع، وَيُحَلِّلُ التَّجَارِبَ الحِسِّيةَ، والبُنى العاطفية ، والتفاصيلَ الوِجْدَانِيَّة ، وَالقِيَمَ العقلانيةَ ،…

إبراهيم اليوسف

الكتابة البقاء

لم تدخل مزكين حسكو عالم الكتابة كما حال من هو عابر في نزهة عابرة، بل اندفعت إليه كمن يلقي بنفسه في محرقة يومية، عبر معركة وجودية، حيث الكلمة ليست زينة ولا ترفاً، مادامت تملك كل شروط الجمال العالي: روحاً وحضوراً، لأن الكلمة في منظورها ليست إلا فعل انتماء كامل إلى لغة أرادت أن…

أعلنت دار الخياط – واشنطن عن صدور رواية جديدة للكاتب والباحث السوري مازن عرفة بعنوان «نزوة الاحتمالات والظلال»، لتضاف إلى سلسلة أعماله الأدبية التي تجمع بين العمق الفكري والخيال الجامح، وتفتح أفقاً جديداً في السرد العربي المعاصر.

وتطرح الرواية، التي جاءت في 190 صفحة من القطع الوسط، عالماً غرائبياً، تتقاطع فيه نزوات الطغاة مع رغبات الآلهة،…