بين الذاكرة و الحاضر الثقافي ..

محمد ملا

قد يجد المرء من الصعوبة بمكان أن يشرح ما يختلج في صدره من آهات و تنهدات و حسرات على ما آلت إليه الثقافة الكردية و المثقفون ..؟؟! من مراوحة في المكان وما قد آلت إليه وضع الثقافة والأدب وحتى الفن بمعناه المجدي على المدى البعيد و القريب.. فقد شاركنا الشعوب في بناء الحضارات واندمجنا فيها بلا وعي.. كما نحن لم نندمج في ذاتنا و حضارتنا العريقة منذ أيام نبينا زرادشت المرسل من عند الله و قد نظنه فيلسوفاً كما قد يتخيل للبعض..؟؟! أو قد نصبح ابناءاً للجن كما ذهب إليه بعض المؤرخون العنهجيون والمتوارون خلف أنانيتهم الضيقة فيختلقون أكاذيب بعيدة عن الواقع و المنطق السليم..
 من ميديا إلى لورستان.. والدولة الأيوبية بقيادة السلطان العادل صلاح الدين الأيوبي الذي لم يقل يوماً أنا كردي و لم يبحث في الذات وضيق الأفق بل انشرح صدره في ان يساهم في بناء حضارة إسلامية ممتدة الأطراف وأن يكون الأكراد هم الركيزة الأساسية في هذا البناء الشامخ الذي بقيت آثارها تشهد بذلك .. لقد شاركنا وشاركنا.. ونشارك.. و لكن هل سألنا يوماً أهل نحن ننظر في المرآة لنرى انفسنا يوماً.. و لو للحظة.. ماذا قدمنا لأنفسنا ..؟؟! أهل عرفنا قيمة أدبنا و ثقافتنا الغنية والخصبة.. أهل عرفنا قيمة أدبائنا و شعرائنا و فنانينا ..اهل عرفنا ماذا قدم لنا أحمد الخاني و ملا الجزري و الحريري و هژار و جكرخوين و تيريژ وملا أحمد بالو ..و .. و حجي محمد البوطي

والمرحوم المناضل أكرم سليمان(ابو لقمان).. و المرحوم المناضل رمضان فارس (أبو مسعود)..و.. أهل عرفنا قيمة هؤلاء في حياتهم أم سنعرفها بعد مماتهم ..؟؟! و هل عرفنا مير جلادت بدرخان و ما قدم للغة الكردية ما لم يقدمه أحد لنا في التاريخ القديم و الحديث ..و قد يتخيل لنا أن نبقى كالفيل الأحمر أسير عاداتنا البالية و أنانيتنا البغيضة و لا نغير من ذوات أنفسنا ..فالإنسان قابل للتغيير و التجديد و لكن لم لا نحرك ساكناً ..و عندما يريد أحد الأشخاص البحث في الذات و الابداع نقوم بمحاربته بأشد أنواع الأسلحة الفتاكة و نضع آلاف الجدران أمامه كي يبقى في مكانه و لا يتجاوز الخطوط الحمر التي وضعوها لمصالحهم و تمجيد شهرتهم التي لا يتعدى سوى الإسم فقط و يبقى شخصياتهم هي في مرأى الأعين كالمرآة و ووسائل الإعلام المرئية و الأنترنيتية كي يبقوا هم يحافظون على كراسيهم غير المتحركة و الجامدة …كفى بنا تحطيماً للذات و للثقافة و الابداع و الأدب و الوطنية و الفن ..و كفى تجارة استيراداً و تصديراً لها من سلع باتت مكشوفة للعيان .. لا بد من التغيير في عصر المتغيرات و التكنولوجيا المتسارعة ..حتى أننا لم نفهم من التكنولوجيا شيئاً سوى أن نبتعد عن قراءة الكتب و نتصفح لا المواقع الغنية بالثقافة و العلم بل الفيسبوكية الكلاسيكية فقط ..؟؟! و بعض مواقع الدردشة و الهروشة و نغني صفحاتنا بالصور و الألواح الزاهية من صور الفنانات و الراقصات .. و بعض من الطنين النثري اللاشعري عن جمال فتاة أبهرت أعيننا أو أغنية لفنانة فاقت تصورات البعض و نصفق لها بدون معرفة محتويات الأغنية ..و يا ليتنا عرفنا محتويات أفكارنا الضيقة و السطحية و كم عانينا من الجمود و الهرولة في المكان و أصبحنا عبيداً للمادة الجامدة لدفاتر.. الليرات … و الدولارات…و يا ليتنا أنفقنا من بعض ما ..على الفقراء و المحتاجين و المهجرين من أبناء شعبنا ..؟؟! لقد تعودنا على إنفاقه في الحانات و مجالس الشهرة و مسح الجوخ و مسارح الراقصات المبرجات .. و اأسفاه … على حضارتنا الثقافية الحالية و المستقبلية قد تنذر بالأسوأ..إذا ما بقينا على حالة الفيل اليائس الأحمر و إن تم فك وثاقه .. ليصبح حراً طليقاً .. و هو يظن أنه ما زال مكبلاً بالقيود و الأغلال .. فإن لم نغير أنفسنا ..فهل سنتغير..؟؟!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…