حدّاد هل ينفعها الحِداد؟

نارين عمر
narinomer76@gmail.com

نبكي
وهل ينفعُ البكاءُ؟
نصرخُ, وما نفعُ الصّراخِ؟
نؤطّرُ القامة بوشاح الّليل
نجرّدُ الهامة من ريشها الكثيف
ونرشّ بذورَ الألم في صحراء الأكفّ
نبكي, نصرخُ, نؤطّر ونجرّد
هل نصبرُ على أنين أمّ تلملمُ غراسَ الرّحم

في بيداءِ العدمِ؟
هل نقدرُ على رؤيةِ دموع تخونُ عينيّ امرأةٍ
تناجي أشلاءَ رفيق دربها؟
مَنْ منّا يواسي فتى ينظمُ قصائد عويل
على حبيبةٍ ابتلعتها ثغورُ اللاعودة؟
في حدّاد تلتهمُ الاستحالة نبضَ الحقيقة
تنهشُ في أحشاء الواقع
حدّاد…
مزّقتْ كلّ الأوشحة والسّتائر
فهل ينفعها اليوم الحداد؟
حدّاد, ما عادَ ينفعها الحِدادُ
حدّاد تناجي الضّميرَ فينا
تنذرُ ما تبقّى لنا من بقاء:
-احبسوا دموعكم الجافة
هدهدوا صراخكم, خفّفوا من خفقان راياتكم الممزّقة
اجعلوني القربان لما تبقى لكم من الأيّام
ما عادَ في العمْرِ بقيّة لنبكي ونئنّ
يومكم…غدكم…ليلكم…نهاركم, كلّكم
رهائنُ بركاتِ ضميركم
أسرى صفاءِ قراركم
موتى تناحركم, خذلانكم
أحياءُ ودّكم, اتحادكم, نخوتكم
حدّاد تناشدكم البقاء

ما عاد ينفعها البكاء.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…