الصحافة الكردية وتاريخٌ من القمع

  صبري رسول

أقيمَ حفلٌ خاصٌ بمناسبة انطلاقة الصحافة الكردية قبل مئة وستة عشرة سنة، في مدينة قامشلي القاعة الملكية (دجلة سابقا) بالتعاون بين رابطة الكتاب والصحفيين الكرد وجمعية بدرخان الثقافية ولهما كلّ الشّكر والتقدير

لن نستعرض مسيرة الصحافة الكردية التي لاقت الملاحقة والتنكيل والمنع والمصادرة من قبل السلطان الجائر عبدالحميد العثماني، ومروراً بأنظمة الحكم الاستبدادية في الدول المقتسمة لكردستان (تركيا وإيران والعراق وسوريا) حتى الآن.
الحفل الخاصُّ بالصحافة أدارَه مَنْ لا علاقة له بالصّحافة، لا منْ حيث الاختصاص (كمؤهّل علمي) ولا من حيث الصّنعة (كممارسة فعلية) وهذا بحدّ ذاته مؤشّر على مدى المستوى المتدني للسلطة الرابعة لدينا، التي تقود البشرية في عصر الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا، كما قام بالرّصد الإعلامي كثيرٌ مَن لاعلاقة له بهذه المهنة الشاقة والخطيرة، وأجروا مقابلاتٍ تلفازية مع مَنْ لاعلاقة له بهذا العيد.
بدأ الحفل بموسيقى كردية جميلة كنسمة الرّوح المنعشة، وكلمات عدة منها: الهيئة الكردية العليا ألقاها أحمد سليمان، وكلمة بعض المجلات الكردية ألقاها الأخ نواف، وكلمة الرابطة الراعية ألقتها شهناز شيخه.
أينما وجدتَ استبداداً وجدْتَ كردياً يهبّ في وجهه كناشط، وأينَما وجدتَ ظلماً وجدتَ منشوراً كردياً يتنقّل بخفاء من مكان إلى آخر.
الصحافة الحزبية كانت تنقل النشاط الحزبي وتفضح ممارسات الاستبداد أكثر مما كانت تنشر الوعي والمعرفة، وكانت تسجّل الانطباعات الشخصية أكثر مما تدخل في التحليل وقراءة المستقبل، نتيجة الظروف القاهرة في حياة الكرد.
قبل واحدٍ وثمانين عاماً كانت مجلة (هوار الكردية 1932) التي أصدرها الأمير جلادت بدرخان (من أمراء بوطان) في دمشق تنشر الثقافة الكردي، لغة وشعراً وتاريخاً أكثر من بعض الصحافة الحزبية في آخر عشر سنوات في سوريا، ولاننسى أن غالبية الحزاب الكردية لا صحافة لديها.
أجمل مادتين في هذا الحفل باقة من الأغاني والموسيقى الكردية المنعشة، قدمتها فرقة موسيقية كردية، وعبارات كتابية للراحل الشهيد مشعل التمو من خلال شاشة الحائط التي شهدت فيلماً خاصاً عن تاريخ الصحافة الكردية.

كلّ عام وكلكم بخير وسلام.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

في حضرةِ الشعر، حيث يتناسلُ المعنى من رمادِ الكلمات، وحيث يشعلُ الحرفُ فتيلَ الوجود، يولد هذا الديوان: جحيم الأمل.

ليس عنواناً عابراً ولا استعارةً تلقى على عتبة الصدفة، بل هو صرخةٌ تتناوبُ فيها النارُ والندى، وتتعانقُ فيها خيبةُ التاريخ مع شغفِ الإنسان الذي لا يعرفُ الاستسلام.

“جحيم الأمل” انعكاسٌ للروح حين تلقى في أتونِ الأسئلة الكبرى، في…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

يَقُولُونَ

: لِمَاذَا تَكْتُبُ قَصَائِدَ حَزِينَةً

دَمْعُ هُمُومٍ مَآسِي رَهِينَةٍ

قُلْتُ : مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ

مَنْ جَمَعَ الْبَشَرَ عَلَى السَّفِينَةِ

قَالُوا : حِكَايَاتٌ رِوَايَاتٌ

قُلْتُ : تَوَارَثْنَا الْعُرَى

نَمْشِي عَلَى أَرْضٍ جَرْدَاءَ قَرِينَةٍ

هَذَا الْوَطَنُ

كُورٌ فِيهِ كُلُّ الْأَجْنَاسِ رَغْمَ أَنِينِهِ

عَرَبٌ أَكْرَادٌ مَسِيحٌ تُرْكْمَانٌ صَابِئَةٌ

بِأَلْوَانِ بَنَاتِهِ وَبَنِينِهِ

مِنْ حَضَارَاتٍ ذَهَبٍ وَصُولْجَانٍ

وَفُرْسَانٍ وَقَادَةٍ

تُخْرِجُ الْأَسَدَ مِنْ عَرِينِهِ

………….

ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُ الْمَآذِنِ

دُقَّتْ أَجْرَاسُ الْكَنَائِسِ

وَتَجَلَّتْ أَلْوَاحُ السَّمَاوَاتِ

طَافَتْ وَهَبَّتِ الْفَيْضَانَاتُ

عَلَى الْخَنَاجِرِ…

سيماف خالد محمد

في المطبخ كعادتي كل يوم استيقظتُ على فنجان قهوة أُحاول به أن أفتح عينيّ وأمنح نفسي شيئاً من التركيز قبل أن أبدأ بتحضير الغداء.

بينما كنتُ منشغلة بالطبخ أفتح هذا الدرج وذاك، دخلت أختي مايا تحمل لابتوبها جلست أمامي، فتحت الجهاز لتعمل عليه وكأنها أرادت أن تؤنس وحدتي قليلاً وتملأ صمت المطبخ بأحاديث خفيفة.

لم…

فراس حج محمد| فلسطين

تثيرني أحياناً في بعض الكتب عتباتها التمهيدية، من الغلاف وتصميمه، وما كتب عليه في الواجهة وفي الخلفية (التظهير)، والعتبات النصيّة التمهيدية: العنوان، والإهداء، والاقتباس الاستهلالي، وأية ملحوظات أخرى، تسبق الدخول إلى عالم الرواية أو بنيتها النصيّة.

تقول هذه العتبات الشيء الكثير، وتدرس ضمن المنهج البنيوي على أنها “نصوص موازية محيطة”، لها ارتباط عضوي…