كلمة للتاريخ

توفيق عبد المجيد

كأحد المؤسسين لرابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا ، ولكي أسرد  على حضراتكم بأمانة  وموضوعية محترماً ومقدراً جهود أولئك الجنود المجهولين الذين وضعوا اللبنات الأولى لبناء هذه الرابطة التي تحتفل اليوم بهذه المناسبة ، سأذكر لكم السبب المباشر الذي جعلنا نفكر جدياً في إنشاء تجمع يؤطر أنشطتنا في خدمة قضايا شعبنا الكردي وبلدنا سوريا وفق رؤية عصرية جديدة.
لقد كانت أحداث آذار 2004 إرهاصات فرضت نفسها وبقوة على المشهد السياسي الكردي ، وأوجبت خلق إطار يجمع الأقلام الكردية المبعثرة ليصب مدادها في خدمة قضايا الشعب الكردي المظلوم ، والمسلوب الحقوق ، والمحروم من كل شيء ، بعد المجزرة الاليمة التي حصدت أرواح عشرات الشباب في أحداث الملعب البلدي ، عندما دافعوا بكل شجاعة عن رموزهم القومية التي حاولت الشوفينية البغيضة النيل منها وإهانتها مستخدمة كل ما لديها من شحنات الحقد والكراهية لتطرحها رصاصاً قاتلاً بحصد أرواح الأبرياء من الشباب الكردي الذي ضحى بالدم والروح وتصدى للمؤامرة الفتنة .
أقولها للتاريخ ولأول مرة سأسرد على مسامعكم حقيقة المشاهد التي رأيتموها عبر الفضائيات ، وعلى المواقع الألكترونية ، وفي الصحافة العالمية ، ولكن لم تطلعوا على آلية نقل الحدث مدعوماً بالصورة والصوت وعلى أشرطة الفيديو وأقراص السي دي ، فقد كان أولئك الجنود المجهولون يعملون كخلية نحل نشطة وفي أمكنة بعيدة عن الرقابات بمختلف انواعها ، ويعرضون أنفسهم لشتى المخاطر لينقلوا لوسائل الإعلام الصورة الحقيقية لما جرى في مدينة قامشلو في تلك الأيام العصيبة التي مرت على شعب أعزل إلا من الإرادة والتصميم على وأد الفتنة  والتصدي لها وفضح مرتكبيها وكشف حقيقة المخطط الانتقامي وقتل الشباب الكردي بدم بارد .
باختصار أيها الحضور الكريم أقول لكم وللمرة الأولى إن شبابنا استطاعوا نقل الحدث الدموي إلى العالم مخترقاً كل الموانع حيث كانوا يتسللون تحت جنح الظلام إلى أقرب نقطة من الحدود التركية ويسلمون اقراص السي دي لشبان كانوا ينتظرونهم على الجانب الآخر منها ، وفي حالات أخرى كانوا يقذفونها باليد لتصل الأراضي التركية ، ومن هناك توزع بالسرعة القصوى على معظم الفضائيات ووكالات الأنباء .
هذه الأحداث وتلك الآلية دفعتنا للتفكير في ضرورة إنشاء إطار يضم أولئك الشباب الغيارى ليكونوا في خدمة الشعب الكردي وقضيته العادلة في الأزمات ، ولا أخفي عليكم أننا أخفقنا في مسعانا عندما اقترحنا علىٍ مجموع الأحزاب الكردية ليكون لها مكتب إعلامي واحد ينطق باسمها ، ولذلك كثفنا جهودنا وتابعنا لقاءاتنا الكثيرة بعيداً عن الحزبية والتحزب منطلقين من قضية الشعب الكردي العليا ، حتى تكللت أخيراً بالنجاح وكانت ولادة رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا في الثاني والعشرين من نيسان 2005 ثمرة لتلك الجهود ، ولا أبوح بسر إذا قلت لكم إن الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي كان واحداً من مؤسسي الرابطة وكذلك الشهيد مشعل التمو والاستاذ ابراهيم اليوسف ، وبكل تواضع كاتب هذه المقالة .
تحية إلى كل من ساهم وشارك في الصحافة الكردية وفي مقدمتهم المرحوم مقداد مدحت بدرخان .

20/4/2013 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…