مرحبا برواز حسين … صوتي لك

فوزي الاتروشي 

   الحظ لا يطرق بابك مرتين , هذا ما عملت به الموهوبة المكتنزة بالأمل والطموح (برواز حسين) التي غدت بلمح البصر برعما تفتح بسرعة البرق في قلوب الناس قبل ان تصبح معلما شهيرا في مدن اربيل والسليمانية ودهوك والعالم العربي الذي استمتع بفن كوردي قادم من الجبال حاملا معه رسالة سلام ابلغ من كل الخطب والمقالات والكلام الكثير .

إن برواز حسين مؤشر و رسالة و ظاهرة , فهي تؤشر لتقاسيم الجيل الجديد في كوردستان الذي يتحدث و يغني و يفكر بالكوردية ، بعد ان ذاق الحرية وخرج من تاريخ الدم والدموع والكوارث والمحن، و تؤشر أيضا لعنفوان شبابي ذكي وناضج غادر محطات الماضي وهو يسرع نحو المستقبل مستفيداً من اكثر تجارب العالم إضاءة وشهرةً .
وهي رسالة تقول ان الانتقام والثأر والتخندق ضد الآخرين لن يخلف سوى المزيد من الأحقاد والحـفر العميقة التي تفصل بين الإنسان وأخيه الإنسان  وان الحل هو الاندماج مع الآخرين والتآلف دون نسيان الهوية طبعاً، هوية اللغة والثقافة والتاريخ التي كانت دائما كردستانية صلبة لا تنحني أمام العواصف . و برواز حسين كرسالة تقول لنا جميعا انه يمكن ان نصفق لها ونصوت لها ونعجب بها دون أن تمارس علينا سوى نفوذ الإبهار والاندهاش وهذا ما كان.
ونقول لكل اللذين استاءوا من حملها لعلم كوردستان ان هذا العلم دستوري و قانوني في العراق فما العجب ! حين قالت إنها من كوردستان العراق وان علمها جزء من هويتها ضمن العراق الديمقراطي ألتعددي البرلماني وهذا هو تعريف العراق الجديد.
إن في ألمانيا ( 15 ) علما إضافة إلى العلم الاتحادي وكذلك في أمريكا لكل ولاية علم، مثلما هناك علم اتحادي يجمع الجميع . و هكذا الأمر في كل الدول الفدرالية في العالم وهي نحو ( 25 ) دولة تضم كبرى الدول مثل الهند .
برواز حسين ظاهرة كما قلنا , ومعنى ذلك إنها تمثل كل جيل الشباب في كوردستان العراق وتطلعاته وأماله وهي إذ تحصد أصوات الملايين الذين لا يعرفون لغتها، ولكنهم يدركون مغزى كلامها المنطوي على اكبر كمية من الحب و الضوء و الآمل والنقاء و الرغبة والطموح . و كل الذين صوتوا لها صوتوا لحقيقة لا تنكر هي انه كم العالم جميل حين يكون بالوان متعددة ومتناسقة كما الطبيعة بتضاريسها المتنوعة ترسم اللوحة الأجمل في تاريخ البشرية، أما من لم يصوت لها فان له أسبابه وقناعاته التي ينبغي ان تحترم ، ولكن من تخندق ورفض التصويت بسبب لونها القومي وانتمائها المختلف ورفعها لعلم كوردستان، فإننا نقول لهم إن حاضر البشرية ألغى الحدود والسدود والفوارق  واجمع إن الإنسان بحد ذاته هو المهم والاهم في بناء الحضارة بمناءى عن اللون والقومية والدين والطائفية والأرض التي ولد فيها. وان المستقبل لكل المؤمنين بمبدأ ان لا شئ أكثر أهمية من فضاءلت الإنسانية التي تجمعنا على هذه الأرض.

أذا مرحباً برواز حسين فصوتي لك ضمن أصوات الملايين فأنت فائزة في كل الأحوال وشكرا لنجوم الفن العربي أحلام وراغب علامة ونانسي عجرم لأنهم بعواطفهم الحارة تجاه برواز حسين دمجوا فعلا بين الخارطة الفنية العربية والكودية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…