غاندي برزنجي
كانت لجملة من العوامل أثرها الكبير في صقل شخصية المناضل وأحد مؤسسي أول تنظيم كوردي في سوريا الدكتور نور الدين ظاظا، وأولها نشأته في عائلةٍ غنية ومعروفة في كوردستان تركيا تمتلك عشرات آلاف الدونمات من الأرض ومئات الرؤوس من الدواب هذا فضلاً عن مكانة والده يوسف والذي كان يعرف بين أبناء مدينته بالولي وإدراكه أهمية التحصيل العلمي وولعه بالأدب الكلاسيكي والفارسي، وشيئاً من الأدب الصوفي في وقت كانت فيه الأمية منتشرة بين صفوف الكورد في كوردستان تركيا وباقي الدول في المنطقة، كما كان والده رحيماً يعطف على الفقراء والمحتاجين وكريماً يستقبل ضيوفه ببشاشة في دار الضيافة ويكرمهم ويعطيهم بسخاء.
أما ثاني تلك العوامل فهي تأثير الأخ الأكبر الدكتور نافذ والذي كان أول شخص في مدينة مادن ـ meeden – مسقط رأس الدكتور نور الدين ظاظا ـ يحصل على شهادة الدكتوراه في الطب وكان الدكتور نافذ طبيباً مشهوراً استطاع أن يستحوذ على محبة الناس له، بفضل تفانيه وإخلاصه في مهنته ومساعدته للفقراء من الناس بالإضافة إلى حسه القومي وفضله الكبير في تطوير مدينته حين أصبح رئيساً لبلدية مادن بالإضافة لترؤسه لمشفاها والذي كان له الفضل في بنائها بعد أن منحه ابن قدري أفندي الرجل الوطني الذي أعدم بعد فترة في ديار بكر داره الكبيرة لتكون أول مشفى في مدينة مادن.
كان نور الدين طفلاً صغيراً حين كان الكورد في كردستان تركيا يتحدثون بلغتهم الأم بكل حرية في مدارس كوردية ويتمتعون بحقوقهم الثقافية أسوة بغيرهم من الترك والأرمن واليونانيين. وقد ساعد الكورد مصطفى كمال في هزيمة اليونانيين والفرنسيين والطليان فوعدهم بحكمٍ ذاتي ضمن إطار الدولة التركية لكنه انقلب عليهم بعد استبدال معاهدة سيفر بمعاهدة لوزان في عام 1923 م فأغلق جميع المدارس الكوردية ومنع التحدث باللغة الكوردية وسحب اسطوانات الأغاني التي كانت تمجد ببسالة الشجعان من الكورد وحل المجلس النيابي وتم طرد النواب الكورد منه واستبدالهم بالترك كما تم اعتقال البعض منهم ليقدموا بعدها إلى المحاكم العرفية مما مهد لتحرك بعض الوطنيين الكورد وحشدهم لأكبر عدد ممكن من الأنصار للقيام بالثورة وكان خالد بك جبري قائداً لها والذي حدد موعداً لانطلاقها في السادس عشر من آذار عام 1925م لكن انطلاق ثورة الشيخ سعيد بيران والذي كان قد اقسم يمين الولاء للزعيم خالد بك قبل الموعد المحدد غيّر مجرى الأحداث فقتل خالد بك غدراً وسحقت ثورة الشيخ سعيد وأعدم مع الكثير من الثوار شنقاً على الرغم من تفوقهم في عدد من المواقع.
يمكننا من خلال قراءة هذه المذكرات في قسمها المتعلق بالثورة استنتاج ما يلي:
أسباب الثورة:
1- نكث مصطفى كمال بوعوده للكورد في الحكم الذاتي.
2- استبدال معاهدة سيفر 1920م التي تضمنت حق تقرير المصير للشعب الكوردي بمعاهدة لوزان 1923 التي أنكرت عليهم هذا الحق.
3- عودة الشباب الترك إلى اعتناق الأفكار الطورانية التي تمجد القومية التركية وتدعو إلى صهر باقي القوميات ومنها الكوردية.
4- الإجراءات والمواقف العدائية من قبل مصطفى كمال تجاه الكورد.
أسباب فشل الثورة
1- اندلاع الثورة قبل موعدها المحدد إثر مناوشات بين مفرزة تابعة لسلطات أنقرة ورجال الشيخ سعيد.
2- عدم قدرة الكثير من الضباط والأطباء والمهندسين الكورد من الالتحاق بالثورة بسبب إغلاق أبواب ديار بكر الأربعة من قبل الجنود الترك.
3- اعتماد مصطفى كمال على رجل حازم وقاسي القلب هو عصمت أينونو والذي كان رئيساً للوفد التركي في لوزان والذي عرف عنه دبلوماسيته الممزوجة بالغدر والخيانة فاستطاع استدراج الزعيم خالد بك إلى أحد القصور بحجة مناقشة شؤون كوردستان وأمر الضابط المكلف برميه بالرصاص فسقط صريعاً.
4- قيام مصطفى كمال بضرب الكورد بعضهم ببعض واستغل الإسلام ليقنع زعماء كبرى العشائر للوقوف ضد الشيخ سعيد وأنه عميل لانكلترا وإغداق الأموال عليهم بسخاء وتسليحهم ضد الثوار.
5- تصالح مصطفى كمال مع فرنسا والتي سمحت بدورها للترك باستخدام الخط الحديدي بين سوريا وتركيا لنقل قواتها ومعداتها إلى أورفا وماردين.
6- تصميم الشيخ سعيد على فتح ديار بكر ذات الأسوار المنيعة وإنهاك قواته في هذه المهمة ومقتل المئات منهم بسبب حصانتها وتحكم الجنود الترك بهم من الأعلى على الرغم من أن الثوار كانوا قد حرروا وسيطروا على مدن صغيرة في ولايتي إيلازيغ وديار بكر كما أنهم قضوا على الفيلق الرابع الذي كان يشرف عليه مصطفى كمال شخصياً.
7- دخول عدد من العملاء الكورد والدساسين بين صفوف الثوار.
نتائج الثورة :
1- إعدام ونفي واعتقال الآلاف من الكورد وتعذيبهم بوحشية قلّ نظيرها ومن بينهم والد الدكتور نور الدين ظاظا وشقيقه الدكتور نافذ وابن عمه عثمان الذي قتل فيما بعد.
2- إعدام قادة الثورة ومن ضمنهم الشيخ سعيد البالغ من العمر ثمانين عاماً.
3- تقطيع العشرات من المثقفين والذين تعاونوا مع الثوار إرباً ووضعهم في أكياس وإلقائهم في بحيرة وان.
4- إحراق قرى كوردستان ومزارعها ومحاصيلها.
5- اختطاف المئات من النسوة والأطفال وقتلهم.
يقول الدكتور نور الدين: (كان علي صائب رئيس محكمة الاستقلال في ديار بكر يتباهى في المقابلات الصحفية بأنه زين المشانق بجماعة المتمردين …وكانت المحاضر القديمة وتقارير الشرطة والجواسيس تكفي لتصدر المحكمة حكمها بقطع رؤوس الأطباء والمحامين والشعراء وعلماء الدين.)
بعد عام ونصف أطلق سراح والد الدكتور نور الدين وشقيقه نافذ بعد أن قامت والدته بدفع أموال طائلة لتحقيق ذلك وعمدت السلطات التركية بإتباع سياسة تتريك الكورد فمنعت التحدث باللغة الكوردية وأجبر الطلاب والموظفون على إنكار هويتهم الكوردية وقولهم أنهم أتراك وكل ذلك الضغط لم يحقق لمصطفى كمال مآربه وأهدافه الشوفينية فعرض عليه مساعدوه من الساسة خطة بديلة لتتريك الكورد بعد أن أخفق الضغط والقوة في ذلك وفي عام 1927م عمل مصطفى كمال على دمقرطة البلاد بناء على عرض مساعديه وأجريت الانتخابات البلدية ورشح الكورد الدكتور نافذ وانتخبوه ليصبح رئيساً لبلدية مادن وعادت الحياة والحركة من جديد وتنفس الكورد الصعداء لكن الوضع تغير بعدة فترة وألغي تكليف رئيس البلدية وأغلقت المدارس الداخلية التي كانت مخصصة لأبناء الفلاحين الكورد وفي تلك الأثناء توفيت والدة نورالدين فأضطر إلى السفر إلى ديار بكر حيث شقيقه الدكتور نافذ ودخل إلى المدرسة.
وفي عام 1930م بدأ فصل جديد في حياة نور الدين ظاظا وهو تأسيس جمعية خويبون أي (الاستقلال) وبواسطة مجموعة من المثقفين الكورد من تركيا والمتواجدين في سوريا وبمساعدة الكورد في سوريا وبطلب من ممدوح سليم وهو كوردي من (وان) واستطاعوا إرسال إحسان نوري وهو ضابط سابق في أركان الجيش التركي إلى آرارات وبضوء أخضر من فرنسا وشاه إيران لإزعاج السلطات التركية واستطاع الأخير جمع تأييد الكثير من العشائر والزعامات الكوردية لكن شاه إيران خذل بوعوده بمجرد حل مشكلة الحدود مع تركيا وسمح للقوات التركية بالدخول إلى الأراضي الإيرانية لتطويق الكورد من هناك كما نكثت فرنسا بوعدها بعد أن تصالحت مع تركيا وبدأت صفحة جديدة من صفجات التنكيل بالكورد فنفي الآلاف منهم إلى المناطق الغربية وصدر قرار بترحيل كل الموظفين الكورد ذوي المناصب الرفيعة من المناطق الكوردية إلى المناطق التركية وكان الدكتور نافذ واحداً منهم وقرر بدوره الهروب إلى سوريا ومعه شقيقه نور الدين.
بقي نورالدين في حلب حتى نهاية عام 1930م وتعلم في مدارسها ثم توجه برفقة شقيقه إلى دمشق فاستقبلوا بحفاوة من قبل أحد الزعماء الكورد في دمشق وهو علي آغا زلفو من حي الأكراد ويقول الدكتور ظاظا أنه وفي تلك الفترة تولدت عنده الروح القومية فتعلم اللغة الكوردية والتقى بشخصيات كثيرة منها الأمير جلادت بدرخان.
لاحظ الدكتور نور الدين ظاظا أن كورد سوريا يتمتعون بروح قومية إضافةً إلى حبهم الكبير لبلدهم سوريا ودورهم الكبير في التأثير فمثلاً قام علي آغا زلفو بترؤس أبناء حيه من الكورد لمقاومة المستعمر الفرنسي وتكبيده خسائر فادحة بدافع من حبه الكبير لبلده سوريا. أما أكرم جميل باشا فكان ميكانيكياً مبدعاً وهو أول من أدخل الجرار الزراعي إلى سوريا.
تابع الدكتور نور الدين دراسته في مدارس دمشق أما الدكتور نافذ فقد قدم خدمات لا تحصى لأبناء جلدته وغيرهم من خلال مهنته في كل من حلب ودمشق وعين ديوار والقامشلي وغيرها من المدن. ويرجع الفضل للدكتور نافذ باستقدام أشجار الفاكهة إلى عين ديوار وكذلك زراعة القطن التي أصبحت تشكل فيما بعد مورداً اقتصادياً هاماً للمنطقة.
عمل الدكتور نافذ على تخليص المناطق الكوردية من كثير من الأمراض القاتلة كما وقف في وجه بعض الأطباء الدجالين أمثال بوغوص الأرمني الذي مات على يديه الكثير من الآغوات الكورد أما نور الدين فكان يفكر بالحيلة التي تخلص شعبه من نير المستعمر الذي حرم آلاف الفلاحين من خيرات أراضيهم وكان معجباً ببعض المثقفين الذين يدعون الكورد للتخلص من أميتهم وجهلهم وبناء دولتهم الكردية أمثال الشاعر جكرخوين.
سمحت السلطات الفرنسية للأمير جلادت بدرخان بإصدار جريدة هاوار في دمشق لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر وثلاثة أيام لكنها منعتها فيما بعد وقامت فرنسا بملاحقة الكورد واعتقال المثقفين منهم ونفيهم إلى تدمر ودمشق بسبب مساندة الكورد للقوميين السوريين في نضالهم من أجل استقلال سوريا.
لم يكن الهم الكوردي السوري هو الوحيد الذي كان يشغل بال الدكتور نور الدين بل الأحداث والمآسي والويلات التي تجري في كوردستان تركيا فقد قمعت مجموعة من الانتفاضات والثورات في ساسون وديرسم وكان الدكتور ظاظا يترأس وفود الطلبة في الثانوية الفرنسية في دمشق لتقديم مذكرات إلى السفارات وكانت هذه الأنشطة هي بداية تشكيل الجمعية الطلابية الكوردية (هيفي) أي الأمل في نهاية عام 1937م، والتي ضمت خمسة عشر عضواً ولم تستمر إلا عاماً ونصف العام ولكنها أيقظت الشباب الكورد في سوريا وحثتهم على ضرورة أن يكون لهم تنظيم يجمعهم ونوادي أدبية وثقافية ورياضية وحزباً سياسياً يدافع عن حقوقهم وهكذا وضعت اللبنة الأولى لتأسيس أول حزب كوردي في سوريا فيما بعد وهو الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا والذي ولد بعد سنوات طويلة من العمل الوطني بين صفوف الجماهير الكوردية من قبل الدكتور ظاظا وعدد من الوطنيين والذين لم يلقوا التأييد والدعم إلا بشق الأنفس وفي عام 1939م تم تشكيل فريق رياضي لكرة القدم باسم (فريق كردستان)والذي أثار إعجاب الكورد وزاد عدد مشجعيه واشترك بمعظم الدوريات وحصل على البطولة عام 1940 وذاع صيته في الصحف والمجلات مما أثار حفيظة تركيا التي ضغطت على السوريين والفرنسيين من أجل منع أي نشاط فأوقف الفريق كما قامت تركيا بإرسال عملائها إلى المناطق الكوردية في سوريا لبث روح التنازع والفرقة بين الكورد ونجحت في منطقة (كرداغ ، عفرين) حين أرسلت ضابطاً تركياً متخفياً بلباس رجل دين فقام الأخير بحبك المؤامرات بين الكورد فاحترقوا بلهيب الحرب المدنية التي استمرت عامين ( 1939-1941م) قتل خلالها أكثر من عشرة آلاف كوردي.
عمل الدكتور ظاظا منذ عام 1942 بالزراعة ليكون قريباً من أبناء جلدته وكان قد سمع بتأسيس تنظيم سياسي في كوردستان العراق وفي مدينة السليمانية عام 1943 م باسم (هيوا) فأراد التعرف إلى أعضائه وكذلك مقابلة الزعيم الملا مصطفى البرزاني وفي محاولته للوصول إلى كوردستان العراق اعتقل وبقي في السجن عاماً كاملاً وعند عودته إلى سوريا قرر السفر إلى بيروت لدراسة العلوم السياسية فالتقى هناك الأمير كاميران بدرخان الذي عرض عليه العمل كمذيع في إذاعة بيروت في قسمها الكوردي بدلاً عنه وهكذا واصل ظاظا نضاله في خدمة قضية شعبه في ظروف عصيبة حيث همّ الكورد في إيران بإعلان جمهورية مهاباد الكردية واستعد الإنكليز لمحاربة البرزاني ومقاتليه وإلى جانب ذلك كان ظاظا يعلّم الفتيات الكرديات في بيروت اللغة الكوردية واستمر في عمله حتى ألغت السلطات في بيروت القسم الكوردي وبقي ظاظا في بيروت حتى أتمّ دراسته وحصل على الإجازة في العلوم السياسية ثم سافر إلى سويسرا لتحضير رسالة الدكتوراه.
وفي سويسرا قام ظاظا بشرح القضية الكوردية من خلال المحاضرات والتقى عدداً من السفراء واستطاع الوصول إلى الأمم المتحدة وانشأ رابطة الطلاب الكورد في أوربا في كانون الثاني عام 1949 ونشرت الرابطة جريدة بعنوان صوت كوردستان باللغات الانكليزية والكوردية والفرنسية.
في عام 1956 م عاد الدكتور نور الدين ظاظا إلى سوريا بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في التربية.
وفي أثناء وجود الدكتور ظاظا في أوربا شهدت سوريا مرحلة من الانقلابات أهمها انقلاب حسني الزعيم عام 1949م وكان الحزب الشيوعي السوري بقيادة خالد بكداش (الكوردي الأصل) يستحوذ على شعبية كبيرة في سوريا واستطاع بكداش النائب في البرلمان السوري وبدعم من رئيس الوزراء عام 1956 م خالد العظم من إقامة علاقات تجارية وعسكرية مع السوفييت لبناء جيش سوري قوي ولم يكن لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي أسسه ميشيل عفلق مداً جماهيرياً إلا في أوساط الطلبة وكان يقابل بالازدراء بين أوساط الطبقة العاملة وعندما شعر حزب البعث بضعفه تحالف مع جمال عبد الناصر وقامت الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958 م وأصدر ناصر قانوناً بحل الأحزاب السياسية رفضها الحزب الشيوعي السوري و قبلها باقي الأحزاب، أما الكورد فقد شعروا بالغبن والخطر يتهددهم فمن جهة يسعى حزب البعث القومي لصهرهم ومن جهة أخرى فقدوا الثقة بالحزب الشيوعي الذي كان يدافع عن القومية أمام العرب وعن الأممية أمام العالم وكان الكوردي الشيوعي يدافع عن قضية فلسطين ويجمع التبرعات للجزائر ويقرأ جريدة حزبه بالعربية وغير مسموح له أن يتطرق إلى القضية الكوردية.
وفي نهاية عام 1957م ولد الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا وانتخب الدكتور ظاظا رئيساً له وانتخبت لجنة تنفيذية مؤقتة له تعمل من أجل عقد المؤتمر التأسيسي. وكانت أهداف الحزب تتلخص في الحقوق القومية والثقافية والإدارية للكورد في سوريا.
كان السبب الرئيسي لولادة الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا هو انتهاج معظم الأنظمة المتعاقبة على الحكم في سوريا في مرحلة الانقلابات نهجاً عنصرياً تجاه الكورد وخاصةً بعد ظهور حزب البعث في الساحة حيث بدأ بفصل الطلبة والموظفين والمعلمين والضباط الكورد من وظائفهم وتم منع نشر أي شيء باللغة الكوردية وتعرض الكورد الذين يخالفون تلك السياسة إلى الاعتقال والتعذيب الوحشي وتم التخطيط لانتزاع أراضي الفلاحين الكورد وتجريد الآلاف من الكورد من جنسيتهم السورية وقد تم تنفيذ تلك المخططات الشوفينية.
فيما بعد أصدر الحزب عدداً من المنشورات لشرح أهداف الحزب وسياسته ومواقفه باللغتين الكوردية والعربية وتوسعت قاعدته الجماهيرية فشعرت السلطة بخطره فلاحقت أعضائه واعتقلت قيادته ومن ضمنهم الدكتور ظاظا عام1960م وقد تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ووجهت إليهم تهم كثيرة كالخيانة والاتصال بأعداء الأمة والعمل عل اقتطاع جزء من سوريا وضمها إلى دولة أجنبية والعمالة …الخ
وقد دافع ظاظا ورفاقه عن قناعاتهم دفاعاً شرساً وقاوموا التعذيب والقهر وحكم عليهم بالإعدام ثم خفف بفضل المحامين ونشاط الرفاق والأصدقاء في أوربا إلى ( 7-9 ) سنوات ثم إلى عام ونصف.
أمضى ظاظا بعد ذلك عدداً من سنوات حياته بين النفي والسجن والإقامة الجبرية وخاصة بعد انقلاب 8 آذار عام 1963 حين سيطر البعثيون على مقاليد الحكم وسافر إلى تركيا ومن هناك غادرها إلى سويسرا عام 1970م فاستقبل بالحفاوة والتكريم وتزوج عام 1972م من فتاة سويسرية أنجبت له طفلاً وحصل على الجنسية السويسرية عام 1978 وأمضى بقية حياته هناك.
كان نور الدين طفلاً صغيراً حين كان الكورد في كردستان تركيا يتحدثون بلغتهم الأم بكل حرية في مدارس كوردية ويتمتعون بحقوقهم الثقافية أسوة بغيرهم من الترك والأرمن واليونانيين. وقد ساعد الكورد مصطفى كمال في هزيمة اليونانيين والفرنسيين والطليان فوعدهم بحكمٍ ذاتي ضمن إطار الدولة التركية لكنه انقلب عليهم بعد استبدال معاهدة سيفر بمعاهدة لوزان في عام 1923 م فأغلق جميع المدارس الكوردية ومنع التحدث باللغة الكوردية وسحب اسطوانات الأغاني التي كانت تمجد ببسالة الشجعان من الكورد وحل المجلس النيابي وتم طرد النواب الكورد منه واستبدالهم بالترك كما تم اعتقال البعض منهم ليقدموا بعدها إلى المحاكم العرفية مما مهد لتحرك بعض الوطنيين الكورد وحشدهم لأكبر عدد ممكن من الأنصار للقيام بالثورة وكان خالد بك جبري قائداً لها والذي حدد موعداً لانطلاقها في السادس عشر من آذار عام 1925م لكن انطلاق ثورة الشيخ سعيد بيران والذي كان قد اقسم يمين الولاء للزعيم خالد بك قبل الموعد المحدد غيّر مجرى الأحداث فقتل خالد بك غدراً وسحقت ثورة الشيخ سعيد وأعدم مع الكثير من الثوار شنقاً على الرغم من تفوقهم في عدد من المواقع.
يمكننا من خلال قراءة هذه المذكرات في قسمها المتعلق بالثورة استنتاج ما يلي:
أسباب الثورة:
1- نكث مصطفى كمال بوعوده للكورد في الحكم الذاتي.
2- استبدال معاهدة سيفر 1920م التي تضمنت حق تقرير المصير للشعب الكوردي بمعاهدة لوزان 1923 التي أنكرت عليهم هذا الحق.
3- عودة الشباب الترك إلى اعتناق الأفكار الطورانية التي تمجد القومية التركية وتدعو إلى صهر باقي القوميات ومنها الكوردية.
4- الإجراءات والمواقف العدائية من قبل مصطفى كمال تجاه الكورد.
أسباب فشل الثورة
1- اندلاع الثورة قبل موعدها المحدد إثر مناوشات بين مفرزة تابعة لسلطات أنقرة ورجال الشيخ سعيد.
2- عدم قدرة الكثير من الضباط والأطباء والمهندسين الكورد من الالتحاق بالثورة بسبب إغلاق أبواب ديار بكر الأربعة من قبل الجنود الترك.
3- اعتماد مصطفى كمال على رجل حازم وقاسي القلب هو عصمت أينونو والذي كان رئيساً للوفد التركي في لوزان والذي عرف عنه دبلوماسيته الممزوجة بالغدر والخيانة فاستطاع استدراج الزعيم خالد بك إلى أحد القصور بحجة مناقشة شؤون كوردستان وأمر الضابط المكلف برميه بالرصاص فسقط صريعاً.
4- قيام مصطفى كمال بضرب الكورد بعضهم ببعض واستغل الإسلام ليقنع زعماء كبرى العشائر للوقوف ضد الشيخ سعيد وأنه عميل لانكلترا وإغداق الأموال عليهم بسخاء وتسليحهم ضد الثوار.
5- تصالح مصطفى كمال مع فرنسا والتي سمحت بدورها للترك باستخدام الخط الحديدي بين سوريا وتركيا لنقل قواتها ومعداتها إلى أورفا وماردين.
6- تصميم الشيخ سعيد على فتح ديار بكر ذات الأسوار المنيعة وإنهاك قواته في هذه المهمة ومقتل المئات منهم بسبب حصانتها وتحكم الجنود الترك بهم من الأعلى على الرغم من أن الثوار كانوا قد حرروا وسيطروا على مدن صغيرة في ولايتي إيلازيغ وديار بكر كما أنهم قضوا على الفيلق الرابع الذي كان يشرف عليه مصطفى كمال شخصياً.
7- دخول عدد من العملاء الكورد والدساسين بين صفوف الثوار.
نتائج الثورة :
1- إعدام ونفي واعتقال الآلاف من الكورد وتعذيبهم بوحشية قلّ نظيرها ومن بينهم والد الدكتور نور الدين ظاظا وشقيقه الدكتور نافذ وابن عمه عثمان الذي قتل فيما بعد.
2- إعدام قادة الثورة ومن ضمنهم الشيخ سعيد البالغ من العمر ثمانين عاماً.
3- تقطيع العشرات من المثقفين والذين تعاونوا مع الثوار إرباً ووضعهم في أكياس وإلقائهم في بحيرة وان.
4- إحراق قرى كوردستان ومزارعها ومحاصيلها.
5- اختطاف المئات من النسوة والأطفال وقتلهم.
يقول الدكتور نور الدين: (كان علي صائب رئيس محكمة الاستقلال في ديار بكر يتباهى في المقابلات الصحفية بأنه زين المشانق بجماعة المتمردين …وكانت المحاضر القديمة وتقارير الشرطة والجواسيس تكفي لتصدر المحكمة حكمها بقطع رؤوس الأطباء والمحامين والشعراء وعلماء الدين.)
بعد عام ونصف أطلق سراح والد الدكتور نور الدين وشقيقه نافذ بعد أن قامت والدته بدفع أموال طائلة لتحقيق ذلك وعمدت السلطات التركية بإتباع سياسة تتريك الكورد فمنعت التحدث باللغة الكوردية وأجبر الطلاب والموظفون على إنكار هويتهم الكوردية وقولهم أنهم أتراك وكل ذلك الضغط لم يحقق لمصطفى كمال مآربه وأهدافه الشوفينية فعرض عليه مساعدوه من الساسة خطة بديلة لتتريك الكورد بعد أن أخفق الضغط والقوة في ذلك وفي عام 1927م عمل مصطفى كمال على دمقرطة البلاد بناء على عرض مساعديه وأجريت الانتخابات البلدية ورشح الكورد الدكتور نافذ وانتخبوه ليصبح رئيساً لبلدية مادن وعادت الحياة والحركة من جديد وتنفس الكورد الصعداء لكن الوضع تغير بعدة فترة وألغي تكليف رئيس البلدية وأغلقت المدارس الداخلية التي كانت مخصصة لأبناء الفلاحين الكورد وفي تلك الأثناء توفيت والدة نورالدين فأضطر إلى السفر إلى ديار بكر حيث شقيقه الدكتور نافذ ودخل إلى المدرسة.
وفي عام 1930م بدأ فصل جديد في حياة نور الدين ظاظا وهو تأسيس جمعية خويبون أي (الاستقلال) وبواسطة مجموعة من المثقفين الكورد من تركيا والمتواجدين في سوريا وبمساعدة الكورد في سوريا وبطلب من ممدوح سليم وهو كوردي من (وان) واستطاعوا إرسال إحسان نوري وهو ضابط سابق في أركان الجيش التركي إلى آرارات وبضوء أخضر من فرنسا وشاه إيران لإزعاج السلطات التركية واستطاع الأخير جمع تأييد الكثير من العشائر والزعامات الكوردية لكن شاه إيران خذل بوعوده بمجرد حل مشكلة الحدود مع تركيا وسمح للقوات التركية بالدخول إلى الأراضي الإيرانية لتطويق الكورد من هناك كما نكثت فرنسا بوعدها بعد أن تصالحت مع تركيا وبدأت صفحة جديدة من صفجات التنكيل بالكورد فنفي الآلاف منهم إلى المناطق الغربية وصدر قرار بترحيل كل الموظفين الكورد ذوي المناصب الرفيعة من المناطق الكوردية إلى المناطق التركية وكان الدكتور نافذ واحداً منهم وقرر بدوره الهروب إلى سوريا ومعه شقيقه نور الدين.
بقي نورالدين في حلب حتى نهاية عام 1930م وتعلم في مدارسها ثم توجه برفقة شقيقه إلى دمشق فاستقبلوا بحفاوة من قبل أحد الزعماء الكورد في دمشق وهو علي آغا زلفو من حي الأكراد ويقول الدكتور ظاظا أنه وفي تلك الفترة تولدت عنده الروح القومية فتعلم اللغة الكوردية والتقى بشخصيات كثيرة منها الأمير جلادت بدرخان.
لاحظ الدكتور نور الدين ظاظا أن كورد سوريا يتمتعون بروح قومية إضافةً إلى حبهم الكبير لبلدهم سوريا ودورهم الكبير في التأثير فمثلاً قام علي آغا زلفو بترؤس أبناء حيه من الكورد لمقاومة المستعمر الفرنسي وتكبيده خسائر فادحة بدافع من حبه الكبير لبلده سوريا. أما أكرم جميل باشا فكان ميكانيكياً مبدعاً وهو أول من أدخل الجرار الزراعي إلى سوريا.
تابع الدكتور نور الدين دراسته في مدارس دمشق أما الدكتور نافذ فقد قدم خدمات لا تحصى لأبناء جلدته وغيرهم من خلال مهنته في كل من حلب ودمشق وعين ديوار والقامشلي وغيرها من المدن. ويرجع الفضل للدكتور نافذ باستقدام أشجار الفاكهة إلى عين ديوار وكذلك زراعة القطن التي أصبحت تشكل فيما بعد مورداً اقتصادياً هاماً للمنطقة.
عمل الدكتور نافذ على تخليص المناطق الكوردية من كثير من الأمراض القاتلة كما وقف في وجه بعض الأطباء الدجالين أمثال بوغوص الأرمني الذي مات على يديه الكثير من الآغوات الكورد أما نور الدين فكان يفكر بالحيلة التي تخلص شعبه من نير المستعمر الذي حرم آلاف الفلاحين من خيرات أراضيهم وكان معجباً ببعض المثقفين الذين يدعون الكورد للتخلص من أميتهم وجهلهم وبناء دولتهم الكردية أمثال الشاعر جكرخوين.
سمحت السلطات الفرنسية للأمير جلادت بدرخان بإصدار جريدة هاوار في دمشق لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر وثلاثة أيام لكنها منعتها فيما بعد وقامت فرنسا بملاحقة الكورد واعتقال المثقفين منهم ونفيهم إلى تدمر ودمشق بسبب مساندة الكورد للقوميين السوريين في نضالهم من أجل استقلال سوريا.
لم يكن الهم الكوردي السوري هو الوحيد الذي كان يشغل بال الدكتور نور الدين بل الأحداث والمآسي والويلات التي تجري في كوردستان تركيا فقد قمعت مجموعة من الانتفاضات والثورات في ساسون وديرسم وكان الدكتور ظاظا يترأس وفود الطلبة في الثانوية الفرنسية في دمشق لتقديم مذكرات إلى السفارات وكانت هذه الأنشطة هي بداية تشكيل الجمعية الطلابية الكوردية (هيفي) أي الأمل في نهاية عام 1937م، والتي ضمت خمسة عشر عضواً ولم تستمر إلا عاماً ونصف العام ولكنها أيقظت الشباب الكورد في سوريا وحثتهم على ضرورة أن يكون لهم تنظيم يجمعهم ونوادي أدبية وثقافية ورياضية وحزباً سياسياً يدافع عن حقوقهم وهكذا وضعت اللبنة الأولى لتأسيس أول حزب كوردي في سوريا فيما بعد وهو الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا والذي ولد بعد سنوات طويلة من العمل الوطني بين صفوف الجماهير الكوردية من قبل الدكتور ظاظا وعدد من الوطنيين والذين لم يلقوا التأييد والدعم إلا بشق الأنفس وفي عام 1939م تم تشكيل فريق رياضي لكرة القدم باسم (فريق كردستان)والذي أثار إعجاب الكورد وزاد عدد مشجعيه واشترك بمعظم الدوريات وحصل على البطولة عام 1940 وذاع صيته في الصحف والمجلات مما أثار حفيظة تركيا التي ضغطت على السوريين والفرنسيين من أجل منع أي نشاط فأوقف الفريق كما قامت تركيا بإرسال عملائها إلى المناطق الكوردية في سوريا لبث روح التنازع والفرقة بين الكورد ونجحت في منطقة (كرداغ ، عفرين) حين أرسلت ضابطاً تركياً متخفياً بلباس رجل دين فقام الأخير بحبك المؤامرات بين الكورد فاحترقوا بلهيب الحرب المدنية التي استمرت عامين ( 1939-1941م) قتل خلالها أكثر من عشرة آلاف كوردي.
عمل الدكتور ظاظا منذ عام 1942 بالزراعة ليكون قريباً من أبناء جلدته وكان قد سمع بتأسيس تنظيم سياسي في كوردستان العراق وفي مدينة السليمانية عام 1943 م باسم (هيوا) فأراد التعرف إلى أعضائه وكذلك مقابلة الزعيم الملا مصطفى البرزاني وفي محاولته للوصول إلى كوردستان العراق اعتقل وبقي في السجن عاماً كاملاً وعند عودته إلى سوريا قرر السفر إلى بيروت لدراسة العلوم السياسية فالتقى هناك الأمير كاميران بدرخان الذي عرض عليه العمل كمذيع في إذاعة بيروت في قسمها الكوردي بدلاً عنه وهكذا واصل ظاظا نضاله في خدمة قضية شعبه في ظروف عصيبة حيث همّ الكورد في إيران بإعلان جمهورية مهاباد الكردية واستعد الإنكليز لمحاربة البرزاني ومقاتليه وإلى جانب ذلك كان ظاظا يعلّم الفتيات الكرديات في بيروت اللغة الكوردية واستمر في عمله حتى ألغت السلطات في بيروت القسم الكوردي وبقي ظاظا في بيروت حتى أتمّ دراسته وحصل على الإجازة في العلوم السياسية ثم سافر إلى سويسرا لتحضير رسالة الدكتوراه.
وفي سويسرا قام ظاظا بشرح القضية الكوردية من خلال المحاضرات والتقى عدداً من السفراء واستطاع الوصول إلى الأمم المتحدة وانشأ رابطة الطلاب الكورد في أوربا في كانون الثاني عام 1949 ونشرت الرابطة جريدة بعنوان صوت كوردستان باللغات الانكليزية والكوردية والفرنسية.
في عام 1956 م عاد الدكتور نور الدين ظاظا إلى سوريا بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في التربية.
وفي أثناء وجود الدكتور ظاظا في أوربا شهدت سوريا مرحلة من الانقلابات أهمها انقلاب حسني الزعيم عام 1949م وكان الحزب الشيوعي السوري بقيادة خالد بكداش (الكوردي الأصل) يستحوذ على شعبية كبيرة في سوريا واستطاع بكداش النائب في البرلمان السوري وبدعم من رئيس الوزراء عام 1956 م خالد العظم من إقامة علاقات تجارية وعسكرية مع السوفييت لبناء جيش سوري قوي ولم يكن لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي أسسه ميشيل عفلق مداً جماهيرياً إلا في أوساط الطلبة وكان يقابل بالازدراء بين أوساط الطبقة العاملة وعندما شعر حزب البعث بضعفه تحالف مع جمال عبد الناصر وقامت الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958 م وأصدر ناصر قانوناً بحل الأحزاب السياسية رفضها الحزب الشيوعي السوري و قبلها باقي الأحزاب، أما الكورد فقد شعروا بالغبن والخطر يتهددهم فمن جهة يسعى حزب البعث القومي لصهرهم ومن جهة أخرى فقدوا الثقة بالحزب الشيوعي الذي كان يدافع عن القومية أمام العرب وعن الأممية أمام العالم وكان الكوردي الشيوعي يدافع عن قضية فلسطين ويجمع التبرعات للجزائر ويقرأ جريدة حزبه بالعربية وغير مسموح له أن يتطرق إلى القضية الكوردية.
وفي نهاية عام 1957م ولد الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا وانتخب الدكتور ظاظا رئيساً له وانتخبت لجنة تنفيذية مؤقتة له تعمل من أجل عقد المؤتمر التأسيسي. وكانت أهداف الحزب تتلخص في الحقوق القومية والثقافية والإدارية للكورد في سوريا.
كان السبب الرئيسي لولادة الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا هو انتهاج معظم الأنظمة المتعاقبة على الحكم في سوريا في مرحلة الانقلابات نهجاً عنصرياً تجاه الكورد وخاصةً بعد ظهور حزب البعث في الساحة حيث بدأ بفصل الطلبة والموظفين والمعلمين والضباط الكورد من وظائفهم وتم منع نشر أي شيء باللغة الكوردية وتعرض الكورد الذين يخالفون تلك السياسة إلى الاعتقال والتعذيب الوحشي وتم التخطيط لانتزاع أراضي الفلاحين الكورد وتجريد الآلاف من الكورد من جنسيتهم السورية وقد تم تنفيذ تلك المخططات الشوفينية.
فيما بعد أصدر الحزب عدداً من المنشورات لشرح أهداف الحزب وسياسته ومواقفه باللغتين الكوردية والعربية وتوسعت قاعدته الجماهيرية فشعرت السلطة بخطره فلاحقت أعضائه واعتقلت قيادته ومن ضمنهم الدكتور ظاظا عام1960م وقد تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ووجهت إليهم تهم كثيرة كالخيانة والاتصال بأعداء الأمة والعمل عل اقتطاع جزء من سوريا وضمها إلى دولة أجنبية والعمالة …الخ
وقد دافع ظاظا ورفاقه عن قناعاتهم دفاعاً شرساً وقاوموا التعذيب والقهر وحكم عليهم بالإعدام ثم خفف بفضل المحامين ونشاط الرفاق والأصدقاء في أوربا إلى ( 7-9 ) سنوات ثم إلى عام ونصف.
أمضى ظاظا بعد ذلك عدداً من سنوات حياته بين النفي والسجن والإقامة الجبرية وخاصة بعد انقلاب 8 آذار عام 1963 حين سيطر البعثيون على مقاليد الحكم وسافر إلى تركيا ومن هناك غادرها إلى سويسرا عام 1970م فاستقبل بالحفاوة والتكريم وتزوج عام 1972م من فتاة سويسرية أنجبت له طفلاً وحصل على الجنسية السويسرية عام 1978 وأمضى بقية حياته هناك.
[1] حياتي الكردية أو صرخة الشعب الكوردي ، اسم المؤلف : نورالدين ظاظا ، ترجمة : روني محمد دُمِلّي ، دار آراس للطباعة والنشر ، الطبعة العربية الأولى – أربيل2001م.