محاضرة برعاية جمعية الاقتصاديين الكرد- سوريا بعنوان: اقتصاد السوق والديمقراطية السياسية

   ألقي يوم الخميس بتاريخ 23-5-2013 محاضرة برعاية جمعية الاقتصاديين الكرد- سوريا، للدكتور مسلم عبد طالاس بعنوان: “اقتصاد السوق والديمقراطية السياسية” في مركز جمعية سوبارتو بقامشلو.
    اقتصاد السوق والديمقراطية السياسية عنوانان يمكن اعتبار كل منهما بشكل منفرد أو سوية موضة النقاشات الاقتصادية والسياسية التي سادت خلال العقود الثلاثة الأخيرة أو اكثر, من حيث أنهما مساراً للحياة الاقتصادية والسياسية الحتميان (نظرياً) والأفضل (تطبيقيا) من منظور غالبية المهتمين, أو أنهما مرفوضان بعيوبهما المختلفة من قبل نسبة قليلة من المهتمين.
    ما هو ملحوظ على صعيد الواقع هو انتشار سريع لوصفة الديمقراطية سياسياً واقتصاد السوق اقتصادياً كحل لمشكلات الدول المتخلفة والدول الشمولية و(الانتقالية). وكذلك الترافق بين الديمقراطيات المستقرة واقتصادات السوق الناجحة.

    لن نخوض هنا مباشرة في مزايا وأفضليات اقتصاد السوق اقتصادياً أو الديمقراطية سياسياً أو عيوبهما. ما نرغب في تسليط الضوء عليه هو مسألة الجمع بينهما. يدور الجدل هنا حول طبيعة العلاقة بينهما, هل اقتصاد السوق هو نتاج الديمقراطية ؟ هل هو راع الديمقراطية ومن ثم قد تعتبر الديمقراطية ناتجاً له؟ أم أن هناك شكل من علاقة التوأمة بينهما بحيث أنه لا يوجد أحدهما بدون الآخر؟ ونحن هنا نتبنى الرأي القائل بأن اقتصاد السوق يؤسس للديمقراطية ونحاول تبرير هذا الرأي.
الأسواق ترعى الديمقراطية
تشجع الأسواق الحرة الديمقراطية بأربع طرق مختلفة. أولاً, في قلب أي اقتصاد سوق حرة تقف مؤسسة الملكية الخاصة, والملكية الخاصة بحد ذاتها هي شكل من الحرية. ومن ثم البلد الذي يسوده اقتصاد السوق لديه مكون أساسي للديمقراطية السياسية.
     ثانياً, السوق الحرة تخلق الثروة. وقد بينت العديد من الدراسات أن البلدان الأغنى فيها احتمال أكبر للحكم الديمقراطي. الأغنياء لديهم الوقت للمشاركة السياسية وهذا غير موجود لدى الفقراء. والثروة خلقت ما يسمى بالعمود الفقري للديمقراطية, أي الطبقة الوسطى.
    ثالثاً, السوق الحرة هي في قلب المجتمع المدني, الذي يقف بين الدولة والفرد ويقيد قوة الدولة ويتيح مساحة عامة اجتماعية لأنشطة مستقلة عن الحكومة. ومؤسسات المجتمع المدني تعتمد على السوق في استمرارها من حيث التمويل. ولا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية بدون مجتمع مدني ولا  مجتمع مدني بدون اقتصاد سوق حرة.
    رابعاً, ترسخ السوق الحرة عادتين جوهريتين للديمقراطية. الأولى: هي الثقة, حيث على المواطن في الديمقراطية أن يثق بأن الحكومة لن تنتقص من حقوقه, ويجب أن تثق الأقلية أن الأكثرية لن تهضم حقوقها. في السوق الحرة كل من البائع والمشتري يثق أن الآخر سينفذ الشروط المتفق عليها للصفقة وإلا لن تحدث التجارة. الثانية: هي المساومة (الحلول الوسط), ويمكن تعريف الديمقراطية بأنها النظام السياسي الذي تحل فيه كل الخلافات بالمساومة بدلاً من العنف. ويتعلم الناس المساومة من خلال العمل اليومي للسوق الحرة حيث مساومات السعر وشروط البيع بين البائعين والمشترين.
    بدءاً من الثلث الأخير من القرن العشرين, اعتبرت الأسواق عملياً في كل مكان على أنها أفضل شكل للتنظيم الاقتصادي يحقق الازدهار في الانتاج. ونظراً لأن كل المجتمعات ترغب أن تكون مزدهرة, فإنها كلها تقريباً اتبعت أو حاولت اتباع اقتصاد السوق الحرة. ونظراً لأن الديمقراطية تتبع السوق فإن انتشار الأسواق الحرة كانت السبب الأكبر في الصعود اللافت للديمقراطية في العالم.
جمعية الاقتصاديين الكرد- سوريا
 قامشلو- 23-5-2013
الرابط على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/Komela.Aborinasen.Kurd.li.Suri2006
الايميل: kak.suri2006@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…