روايتان عن المكان الحنون.. ديركا حمكو

عمر كوجري

فيما ينشغل ويحتار السوريون في كيفية إدارة شؤونهم وشجونهم، وفيما تبتعد الأمزجة عامة عن الكثير من أشكال القراءة، وخاصة في منطقتنا التي تعاني شحاً وفقراً في حب القراءة والطباعة والترجمة والتأليف ومنذ زمن طويل، وفيما يتخوّف كبار الكتاب في خوض مغامرة النشر للخسارة المؤكدة وتراجع سوق الكتاب بشكل فظيع..

يقرر الكاتب وليد حاج عبدالقادر رمي كل هذي المخاوف جانباً، وركوب بحر القلق الشخصي رغم منطقية الهواجس والتخوف، ويصدر عبدالقادر روايتين دفعة واحدة، وكلتا الروايتين تحاكي واقع مدينة هي من المدينة القليل ومن القرية الكثير.
الرواية الاولى معنونة بـ كاساني وملحمة درو دينو وكاساني، والثانية معنونة بـ ديركا حمكو طفلة الماء.
في التفاصيل، يبدو وفاء الكاتب وليد عبدالقادر للمكان وألفته الباذخة، ويجسد وفاءه لذاك المكان عبر هرق الكثير من حبر الذاكرة، ونبش العديد من منسيات القصص لتوليفة روايتيه المكرستين كلياً عن المكان.
في رواية” كاساني  وملحمة درو ديني ليلاني يهدي المؤلف روايته إلى أخيه هشيار.. “ذاك الراحل الذي خلّف حسرة ما فتئت تنتج ألمها الخاص، وينثر أوجاعه التي لا مستنا بكل مباهجها ومسراتها كما ديركا حمكو بأحزانها وأوجاع أقاصيصها.
الرواية تمتد على مساحة مئتين وخمس وخمسين صفحة، وتسعة فصول، وكل فصل معنون بعنوانات آسرة تخدم الصيغة القصصية في الجسم الروائي، وتنحو نحو الملمح الشعري في صبغته على احتمالات القراءات المتعددة مثل: درو دينو ينفث الروح في جوارح الطائر الميت، درو يبحث عن ليلان الحلم .. السراب..
أما الرواية الثانية” ديركا حمكو – طفلة الماء” فامتدت على مساحة ثلاثمئة وخمس وأربعين صفحة، أيضاً بعنوانات متشاكلة تخدم الخيط العام في السياق الروائي وفن الحكاية.. وعلى مدار أحد عشر فصلاً يكتب وليد عبدالقادر حكاية مدينة لم تمل يوماً من سرد حكايتها بعين الكفلة العاشقة لكل جميل رغم الخراب الذي وشى لوحتها، لكنها بالنهاية انتصرت للجمال، وللجمال وحده.
لا أود الخوض في القراءة النقدية لهاتين الروايتين، باعتباري كاتب مقدمتي الروايتين بناء على رغبة الصديق الكاتب وليد، فقد تغدو القراءة في هذه الوقفة انحيازاً من نوع ما.. وشهادة مجروحة..
أبارك للصديق الروائي عبدالقادر روايتيه، وأتمنى أن تكون هاتان الباكورتان الأدبيتان مقدمةً لأعمال تفوز بإعجاب المتلقي، وهو في النهاية خاتمة المآل لكل مبدع.
الروايتان: ديركا حمكو – طفلة الماء- و كاساني وملحمة درو ديني وكاساني
الطبعة الأولى- 2013
الناشر: دار اماردا للنشر والترجمة
التدقيق اللغوي والمقدمتان: عمر كوجري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…