الوجدان والانتماء القومي !!!

خليل كالو

عندما تخفق الذاكرة, والعقل في الحكم على مسألة ما بحيث لا يستطيع العقل الإحاطة بالموضوع بشكل شامل تستأنف هذه المحاكمة إلى الوجدان وينظر إلى الموضوع وبعد محاكمة عادلة تتخذ القرارات العادلة بهذا الشأن وتكون محكمة الوجدان أكثر دقة وعدالة من العقل وتكون أحكامها أقرب إلى الحقيقة وفي أكثر الأحيان لا يكون مستوى العقول والفهم والإدراك لدى الأفراد بمستوى الحدث أو المسألة فلا يستطيع هذا العقل أو الفهم بالقيام بدراسة العوامل والأسس المحيط به وإيجاد الحلول الفلسفية أو المنطقية والفكرية له مثلما تقوم به المؤسسات و المراكز المختصة بالدراسة الإستراتيجية لدى الشعوب الحالية والمتقدمة.
فهؤلاء الناس تحركهم وجدانهم بعد أن تتهيج مشاعرهم وأحاسيسهم ليعطي هؤلاء زخماً وإشارات لحل هذه المسألة أو تلك. ومثال ذلك: فما الذي يحرك الناس عندما تقوم مجموعة أو تنظيم كردي بالقيام بعمل ما أو الدعوة في أمر ضد الظلم والاستبداد أو أية مسألة تتعلق بالقضية الكردية فإن معظم الناس لا يدركون تفاصيل المسألة بدقة مثل المنظمين وإن القلة منهم يدركها ولكن البقية الباقية من الكرد تحركهم مسألة الضمير والوجدان والانتماء القومي.
فالوجدان هو صفة إنسانية يختص به الإنسان الذي حقق ذاته الإنسانية وينمو هذا الإحساس عند الأفراد المتحررين وليس لدى العبيد والجبناء وعديمي الأخلاق كونه حكم أخلاقي روحي ذات أسس غير محسوسة وهي صفة من صفات الشخصية وليس ذاتية للإنسان. حيث لا تكتمل الشخصية الإنسانية بالمهنة والعلم فقط لأن العلم وسيلة مادية لمعرفة الوجود ,والمهنة وسيلة لكسب العيش .والشخصية تعبير عن كيان الإنسان بشكل عام. والذات الإنسانية تعبير عن الوجود الاجتماعي والمعيشي. يتعلق العلم  بالمهنة فيما يتعلق الوجدان الذي هو جزء من الفعل الأخلاقي بالشخصية فلا تكتمل الشخصية بدون الفعل الأخلاقي. كثيرا وما زالت تجري أحداث ومآسي ضد الشعب الكردي من قبل أعدائه وتجري عمليات مقاومة ونضال هنا وهناك من ارض الوطن ولقد وجد على أرض الواقع الكثيرين من أصحاب الضمائر الميتة والمنحلة لم يحركوا ساكناً ولم يفعلوا شيئاً.بل شارك قسم من هؤلاء في إدارة الحدث و تصرفوا حسب منافعهم الذاتية والأنانية, واتخذ قسم آخر من هذه الفئة الفاقدة للوجدان والفعل الأخلاقي القومي موقف اللامبالاة والمتفرج وكان كل همهم هو رخاء المعيشة وكسب المال والبحث عن مراكز اجتماعية موهومة. حيث تحولت الفكرة الأخلاقية في العمل إلى المهنة فقط.
إن الأزمات والانتكاسات التي تعرضت لها الشعب الكردي منذ انطلاقته في البحث عن الهوية كانت أسبابها متعددة ومن هذه الأسباب هو فقدان الحس الوجداني والانتماء إلى الأمة والقومية. لأن القومية أكبر من الشخص والذات ، وهي حالة وإحساس جامع وكلي. فعندما يخطأ القائد أو السياسي في القرار وهذا القرار يخص الهوية والقومية الكردية عليه محاسبة ذاته والاعتزار من الأمة. فإذا لم يدرك الأمر بالعقل والذهن فعليه أن لا يكبح فعالية الوجدان والضمير. كثيرون من هذه الفئة فقدوا الفعل الأخلاقي القومي والوجدان والانتماء. فتراهم مصرين على الفعل اللا أخلاقي والاستمرار في الخطأ بحق هذه الأمة مثال الجحوش في ثورة أيلول وكَََََولان في كردستان الجنوبية وحماة القرى في كردستان الشمالية وغيرهم من الذين يتعاملون مع الأعداء سراً وعلنا وبأشكال وأساليب متعددة يبررون هذا الفعل اللاأخلاقي بكلمات وحجج واهية تدل على تقزم الشخصية ودونيتها ، فأمثال هذه الفئة يبحثون دائماً عن الحقوق الذاتية والفردية ويفكرون بها وعندما تطالبهم بالواجبات تراهم بعيدون عنها. ويتصفون بالمراوغة والضعف والكذب عند المواقف الجدية والمصيرية لا يحترمهم أحد.. فالعظيم عظيم بعين الأمة عندما يعطي أكثر مما يأخذ والناجح بمفهوم فاقدي الضمير هو من يأخذ أكثر مما يعطي ويصح هذا القول على المستوى التجاري والفردي فقط ولا يصح في مواقف كثيرة إذا تعلق الأمر بالاجتماع والقومية حيث يكون الفعل الأخلاقي هو كل مشاركة بالوجدان إذا أخفق في الذهن. 
تعلمنا أخلاقنا ووجداننا بأن لا نخدع غيرنا إذا أصبحنا قي المقدمة وصار مصير غيرنا في أيدينا وأن لا نستثمر الموقع لمصالحنا الفردية ولا نكون عقبة في طريق تقدم الجماعة. وإذ كنا نشعر بإنسانيتنا واحترمنا لذاتنا وان نجد لأنفسنا مكاناً يحترمنا الآخرين ننسحب مباشرة عندما نجد أنفسنا عائقاً وفاشلين في تحقيق مطالب الأمة أو عند التعثر في إيجاد مخرج للمسألة. فبدلا أن نكون الأول في المقدمة وحجرة عثرة ،علينا الرجوع إلى الصف الأخير حتى لا نشكل عرقلة أمام المسيرة الوطنية وعندما لا نملك في أنفسنا المسير نبقى في مكاننا وهذا ليس عيباً أبداً بل ضرب من ضروب الأخلاق العالية لدى الإنسان وإن عظمة الإنسان تكمن عند معرفته قدر ذاته ويتحرك بهذا القدر ….!
18.6.2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…