شيركو بيكس قصيدة الخلودِ الكرديّ

نارين عمر
narinomer76@gmail.com

ما بال دنيا الأدبِ والثّقافةِ الكرديّين تتخلّى عن خالقيها واحداً تلو الآخر, فهل ضاقَ صدرها على استيعابهم, أم راودها الشّكّ أنّهم لم يعودوا قادرين على الخلقِ والإبداع؟!
البارحة كان “فلك الدّين كاكائي” واليوم “شيركو بيكس” الذي كان ما يزالُ يزخرُ بالعطاءِ الأدبيّ, والسّحر الشّعريّ والصّدقَ النّضاليّ.

شيركو بيكس” كان ما يزال يعيشُ الشّباب بعنفوانه على الرّغم من تجاوزه مرحلة الكهولة, لأنّه كان يرتوي من مطرِ الشّعرِ الدفّاق, كان يتنفس من عبقِ الأدبِ المولودِ من أنفاسِ طبيعةِ كردستان الزّاهية, المزهرة أبداً.
كان ما يزالُ يعيشُ حلم الكردِ السّائر نحو  الحاضر الجيّدِ والغدِ الأجود, يرفدُ القلمَ بنفثاتِ حلمه الشّاب مثله فكراً وإحساساً, تأمّلاً وأملاً, فلا يبخلُ عليه القلمُ بشيءٍ, بل يرويه من صدقه, ويغذّيه من وفائه, فهو والقلمُ توحّدا, حتّى صارا كلّاً واحداً, ثانيهما “الوطن” بترابه وسكّانه وطبيعته وكلّ مكنوناته.
هل وضعنا الكرديّ يتحمّلُ المزيد من الهموم والأحزان حتّى نتلقى في كلّ حينٍ صدمةً أكثر مأساويّة من الأخرى؟ ما كان يجب على دنيا الأدبِ والثّقافةِ الكرديّين أن تتخلّى هكذا عن “شيركو بيكس”, بل مان كان على عالم الأبِ والشّعر العربيّ والعالميّ فعل ذلك أيضاً, لأنّه كان قد تجاوز حدودَ وطنه نحو آفاقِ العالمِ الواسعة.
وماذا بعد أيّها الشّاعر المهاجر إلى عوالم الكردِ الخفيّة, الرّاحل إلى حيث فضاءات الشّعر التي لا يصل إليها إلا مَنْ يحملُ فكركَ وشعورك, انضممتَ إلى سجّل شهداءِ الخلدِ, فأسعد بهذه الهجرة, وتمتّع بهذا الرّحيل.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

يا عازف العود، مهلا حين تعزفه!
لا تزعج العود، إن العود حساس..
أوتاره تشبه الأوتار في نغمي
في عزفها الحب، إن الحب وسواس
كأنما موجة الآلام تتبعنا
من بين أشيائها سيف ومتراس،
تختار من بين ما تختار أفئدة
ضاقت لها من صروف الدهر أنفاس
تكابد العيش طرا دونما صخب
وقد غزا كل من في الدار إفلاس
يا صاحب العود، لا تهزأ بنائبة
قد كان من…

ماهين شيخاني

الآن… هي هناك، في المطار، في دولة الأردن. لا أعلم إن كان مطار الملكة علياء أم غيره، فما قيمة الأسماء حين تضيع منّا الأوطان والأحبة..؟. لحظات فقط وستكون داخل الطائرة، تحلّق بعيداً عن ترابها، عن الدار التي شهدت خطواتها الأولى، عن كل ركن كنت أزيّنه بابتسامتها الصغيرة.

أنا وحدي الآن، حارس دموعها ومخبأ أسرارها. لم…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

فَلسفةُ الجَمَالِ هِيَ فَرْعٌ مِنَ الفَلسفةِ يَدْرُسُ طَبيعةَ الجَمَالِ والذَّوْقِ والفَنِّ ، في الطبيعةِ والأعمالِ البشريةِ والأنساقِ الاجتماعية، وَيُكَرِّسُ التفكيرَ النَّقْدِيَّ في البُنى الثَّقَافيةِ بِكُلِّ صُوَرِهَا في الفَنِّ، وَتَجَلِّيَاتِها في الطبيعة ، وانعكاساتِها في المُجتمع، وَيُحَلِّلُ التَّجَارِبَ الحِسِّيةَ، والبُنى العاطفية ، والتفاصيلَ الوِجْدَانِيَّة ، وَالقِيَمَ العقلانيةَ ،…

إبراهيم اليوسف

الكتابة البقاء

لم تدخل مزكين حسكو عالم الكتابة كما حال من هو عابر في نزهة عابرة، بل اندفعت إليه كمن يلقي بنفسه في محرقة يومية، عبر معركة وجودية، حيث الكلمة ليست زينة ولا ترفاً، مادامت تملك كل شروط الجمال العالي: روحاً وحضوراً، لأن الكلمة في منظورها ليست إلا فعل انتماء كامل إلى لغة أرادت أن…