الأول من سبتمبر: إلى الصديق فرمان بونجق

إبراهيم اليوسف

هو أحمدك.. ولكم حدثتني عنه
قبل ولادته هناك..!
هو أحمدك
في أحده المدوَّن
على غفلة وهياج

تستيقظ معه هذا الصباح
على تحية من بعيد
كأنك لاتعرفه
كأنك لم تكن أباه
كأنه سيأخذ السرَّ معه
في صرَّةٍ تربطها بأصابع يديك
هو أحمدك..أحمد..
كم هتفت لأجله من قبل..!
كم ستهتف  لأجله  الآن..!
كم ستهتف لأجله فيما بعد..!
أحمد ذاته ذاهلاً في الحلم
أحمد ذاته رافلاً في الدم
يتطاير إلى شاشة الكمبيوتر
ونشرة الأخبار
استيقظت معه أوزات الجدّ
بعد أن تركها في محطة القطار
قرب حقيبة جلدية وكتب لايقرأها
إلا الإيزيديون في مطاردة الجغرافيا لهم
بن ديانة وديَّان
إلا كرد التاريخ في حصار الجهات لهم
إلاه
أحمد الكردي
استيقظت معه المدينة
المدن استيقظت
الألوان الباهتة
وسط هذه الهرولات
إلى الماء
إلى الأسماء
 مكلومة بالكثير من السراب
إلى رفيف الروح
تعضّ على الجسد
في دم ذاهل
ومارة خائفين
كل ما حوله استيقظ
الأسرة الصغيرة
الأغنية المستظهرة
صورة الأم والأخت
صورة تلك الفتاة هناك
بعيداً في حدود مرَّ بها ذات حلم
تدلقها للمرة الأخيرة
كما تظنّ
دائرته كلها تحتشد الآن
من حوله
حيث كل شيء عالق بالعين
قامشلو- بنغازي- قامشلو
ياللدورة لم تستغرق إلا القليل من الشبهة
إلا القليل من اللهاث
إلا القليل من الرَّنين
إلا القليل من حكايات الجبل
عالياً في أشجار جوز وزبيب وأيائل
لم يكن لكأس الشاي  في صباح “الآشورية”
من بخار
لم يكن للكلمات من أثر في الأثير
لم تكن النافذة تؤدي إلى الزُّرقة
في الخارج
 حيث الارتباك
تحاصرها حرارة الشمس
الآثار متروكة للأم البسيطة
في عبق كرديتها
للأب في تعقب الظلال
بين أكثرمن قارة
قبل أن  يستقر على الرصاصات
في روحه وهي تسير في الشارع
بعيداً عنه
هو فلذة القصيدة
فلذة الحكاية
فلذة صوت الدويّ
غريباً
يهمي على دم سلس
يسير في أربع الجهات
أدرك الأنين في صوتك
أدرك الدمعة في كمِّ  القميص
أدرك الكواكب شهيدة في المدار
أدرك المدينة تنكبُّ على العويل
هناك
أدرك كلَّ شيء
وأنا أقف أمام سدرة الغموض
لا يا صديق السنوات الحالمة
لا………..
لايابن أمي
ابن المكان الطعين بالغرباء
لاياصديقي
وأحمدك تظلُّ عيناه مفتوحتين
على دبيب الوقت
حيث التمَّ  على انطفاءته الأصدقاء
حيث التمَّ  على دندناته الأهلون
وكانت أمه
وحيدة هناك
كانت لوركا وحيدة هناك
كانت المدينة وحيدة  قربك هناك
كانت الكتب المفتوحة
على قصتك الأخيرة
تشي باستمالة الظلِّ
في غير وقته
الريَّحان في غير أوان شذاه
هو أحمدك وهو يتيه من دأب وثقة
 في قمصان  الآخرين
يطير في المكان
لعله يهتدي على درب لا يلوي غباره على النسيان
هو أحمدك
هو ذات أحمد
هو أحمدك الصغير..!

1-9-2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…