كاوا حسين.. ونار الجبل العنيد

عمر كوجري

لم يمتشق كاوا سوى اسمه، اسمه صار وبالاً عليه، كل الوبال أن أصابعه لم تشكُ الحريق فدفع الثمن أحزاننا ودموعنا.. وحسرة أمه وحبيبته..
 لم يخطئ كاوا حتى تركض خرائط الحقد والغل في تفاصيل جسده
أسى شديد أن ينبري من يفترض بهم حماية دمائك ودمائنا للدفاع عن القاتل؟

الأكثر تشطيباً لجروح الروح، من ينشد سلامة أضلعه، ويسكت، ومَن فاض دماء كاوا على قلمه بدلاً من حبر الكتابة فتنكّر لها رغم أن زهرها كان يانعاً!!
يا لبؤسهم!! يا لجبنهم!!
كاوا لا أعرفك.. لكنك الآن أكثر من أخي، أنت الآن تكتمل مع تهجئة الحروف في كرديتها العذبة..
إما أن أكون معك يا أخي، أو فأنا خصمك لا أستحق من شجرة الحياة ورقة إضافية واحدة..
بعيداً عن البلاغة: من قتلك، قتل الأمل بنصاعة الغد فينا، ومن قتلك.. أصاب قلوبنا مقتلاً.. صحّر أرواحنا..
 لمَ جرحك كل هذا الجرح، وأنت تتكلم الكردية مثله بطلاقتك المعهودة..؟؟
القتلة لا يحتاجون تفسيراً:
هل قرروا  أن يحموا الكرد، ويردوا الموت عنهم، أم أن من غنى غير نغمهم
صار فاناً في بلاهة الحياة؟؟
من اختطفك، ولاحقاً رماك جثة أو وردة لم يخفِ وجهه هذه المرة، جاءك في عزّ النهار، ولما أزهق روحك لم تفض من عينه دمعة!!
أيها القاتل كم  أنت واضح هذه اللحظة!! كم أنت عار!!
كاوا… الحدّاد
أنت الذي ترتاح روحك اللحظة تحت ثرى وطن أحببته، بعد أن أشبع جسدك من كان يفترض به حمايته بكل صور التشويه والتعذيب حتى صارت روحك عاجزة عن تحمل كل ذلك الموت من يد … أخيك … ربما
كاوا.. ليس مهماً أن التقيت بك يوماً، حتى أمتشق قلمي للدفاع عن روحك التي فاضت الآن.
كاوا.. الاسم الموسوم من ذاكرة الكردي التي لا تعترف بتقادم الزمن، ولا بغبار صفحات التاريخ..
ال… كاوا، كان على صواب حين سلّم كاوا نار الألق الكردية، ولو منذ مليون عام..
وحمل كاوا الشاب المتألق رغم بياض مفارق شعره واخضرار قلبه.. الدافئ بحب وطن بهي اسمه كردستان، حمل مشعل حريته، لكن كان ثمة من يودّ أن يقص ريشه.. ريش الطائر الحر كاوا.. بل وبالغ ” الأخ” بخلع جناحي الشهيد اللذين رغبا درء الأذى عن عيون الوطن، سار على درب اختاره، اجتهد ذلك الكردي، وما كان مقصّراً في اجتهاده، فلمَ كوفئ بهذا القدر الكبير من الوحشية، وبأيدي شقيقه..شقيقه الذي كان حرياً به مقاسمته حلو أحلامه، وحماية ظهره وقت الملمات والظروف العاصفة.. لكن أن يعلن الشقيق عاصفته وغضبه في تفاصيل الاسم المسمى .. كاوا.. هنا عين الألم.. عين الموت الرخيص في دفاتر الوطن الذبيح..
omarkojari@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…