تشابك العنب

أفين إبراهيم

ناعم أنت كتلك الريشة التي لا تترك أثر أصابعها على اللون …
أنت أول من رسم مريم مبتسمة وأخر مسمار وضع في صليبي…
خيالك المرتد يعكس قلبي ويترك اللوحة ليسوع آخر …

يااااه كم الأنبياء حملوا المعبد وكم من المعجزات لم تكن حقيقية….
لاشيء يعادل طول الأيام الضجرة سوى نحلة حزينة تحمل طنينها لترفع أكتاف الزهرة القتيلة وتؤكد دوام القبيلة …
ناعم أنت كتلك الريشة التي لم تترك أثر أصابعها على اللون واكتفت بخلعأضراس الوطن كي لا يسيل النسيان بدل الدم في عظامنا الأسيرة…
كي لا نسقط فريسة ضحكاتنا الطويلة ويبقى السجن املأ لخيوط المطر فتمر الجنائز سعيدة…
ويهتف الطريق مات الملك وصعدت المدينة…
ناعم أنت ككل هذا الألم …
جميل كحلم فراشة بأجنحة قصيرة….
أيا أيها الغريب كمنفى …
تفاجئني الطيور بأجراس اسمك يطرق قلب الكنائس ويترك المنارة للحمامة الحزينة…آآآآآآآآآآآه …
آآآآه من حمامات صوتك الجريح حين يهز أكتاف الريح فيسقط الياسمين على كلي كمنفى
ياااا أيها الرجل المنفى …
يا أيها الغريب كقلبي كتلك التفاصيل التي تدوم رغم نسيانها …
كهذا السلك الممتد من كلماتي إلى نهابة نجمة تفوز دائماً بالخسارات المتأخرة …
أيها الرجل الغريب كعزلة تلمع …
أخبرك أني تركت الملائكة خلف الباب تضحك…
أخبرك أني اليوم تحديداً لن أحلم تماماً كأم رماها أبناءها للحدائق العامة للأسوار العامة ولوحشة الطريق
تنام طويلاً كالعشب الأصفر ولا تصحوا أبداً…
كدمية لا تفارق صدر طفل جريح…
كقطار تأخر عن الحلم مسافة صدق وقنطار شهقة…يا أيها الرجل المنفى
ياااااااااااا أيها الوطن المنفى
إنه شتائي …عرقي …قلقي يودع الصيف …
أقسم لن ألومك عندما ترتجف على صدري …
حين تتساقط لآلئ عرقك البارد في كفي …
لن ألومك عندما تبكي بصمت خلف ذلك الجدار …
أنت …
أنت في حضن مدينة من النساء المريضات …
العاجزات… الغاضبات …العاشقات …
أنت في حضني وطن كامل من الجبال المقهورة …
لن ألومك …
فقط أعطني اسماً يليق بهذا القلب …أعطني اسما أقل ألما من اسمي …
اكتبني وطناً كاملاً من العصافير المهاجرة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…