دنيا سينو, دنيا اللاحلم

نارين عمر
narinomer76@gmail.com

اسمها دنيا
وهي حقّاً كانت دنيا من الأحلام
التي لا تعرفُ المدى
كانت ترى العالم بأبعاده المرئيّة واللامرئيّة
حين تدخلُ عالمها
تنسجُ من الشّمْسِ ومْضاتِ ضحكتها
من القمَرِ, تختلسُ خصلاتٍ تمحو بها

شوائب يأسها حين اليأسُ يترنّحُ
ومن ضفائر شبابها تصنعُ مرآةِ روحها
التي تعكس إلى الواقع
جلّ براءاتها المعطّرة بعبقِ الحكمةِ والاقتدار
كلّ أنوثتها المعمّدةِ في غديرِ الغنجِ والدّلالِ
أسْموها دنيا
فصارت هي الدّنيا التي يتغزّلُ بها الحلم
ويتنفّسُ بها الواقع
شَعْرُها المسترسلُ مع نسائم صباها
كان يحْكي ألف قصّةٍ وقصّة عن فتاةٍ
هي وحلمُ الأطفالِ أتراب ودّ وعناق
هي وعبير الأمل والتّأمّلِ توأمانِ لا ينفصلان
هي وأنفاسُ الشّبابِ خلاّن متعانقان, لا يساومان
على النّأي أو البعاد
دنْيا…
ابنتي التي فقدتها إلى دنيا اللاحلم
ابنة كلّ أمّ عقدتْ معاهدة مع البكاءِ والنّحيب
ابنة كلّ أبٍ يطوفُ حول كعبةِ العطفِ والرّأفة
ليتَ البكاءَ يدعنا نلقي عليها نظرة الوداع الأخيرة
ليتَ النّحيبَ يمنحنا عناق لحظاتٍ لها
دنْيا حوّلتْ روحها إلى كوثرِ الخلودِ في فردوسِ بقائنا
حوّلتْ دمها إلى زمْزَمِ النّقاءِ في ديمومةِ دنيانا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…