عرض مسرحية القربان للكاتب المسرحي أحمد إسماعيل في افتتاح مهرجان الكلباء للمسرحيات في الإمارات

افتتحت مساء أمس الأول الدورة الثانية لمهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة، التي تنظمها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة بالمركز الثقافي بمدينة كلباء، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

وشهد حفل الافتتاح الشيخ سعيد بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب صاحب السمو حاكم الشارقة في مدينة خورفكان، وعبدالله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وأحمد بو رحيمة مدير المهرجان، وجمع كبير من المسرحيين والمثقفين والمهتمين بالمسرح.
واستهل مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة في دورته الثانية عروضه المسرحية بعرض «القربان» من تأليف السوري أحمد إسماعيل وإخراج سعيد الهرش، وأداء ناصر الظنحاني، وعلي الظاهري، وفهد خميس، ومحمد جمعة علي، وجاسم الكياني، ومحمد مسعود، ومحمد الهرش.
وفي عرض «القربان» بدا المخرج سعيد الهرش كما لو كان صاحب تجربة مسرحية ممتدة لسنوات طويلة، بالرغم من أن القربان يعد مشاركته الثانية كمخرج في عالم المسرح، وقد عزا نقاد في الندوة التطبيقية التي تلت العرض هذا الثراء الإخراجي وتنوعات الرؤية الفنية لدى الهرش لمشاركاته العديدة في الورش الفنية المختصة.
وفكرة العرض تبحر في أعماق النفس العربية التي تخلق لنفسها تمثالاً لتخشاه على مدار الساعة، وقد تصل معه إلى حد التأليه والعبادة، ما يدفع هذا الإنسان العربي إلى تقديم الهبات والقرابين لهذا التمثال الشبح القابع في أخيلتنا ونفوسنا المريضة.
عرض «القربان» تجربة لكسر حاجز الخوف بين كل إنسان وتمثاله، دعوة لوقف النذور والقرابين لتماثيل لا تسمن ولا تغني من جوع، إنها دعوة للتحرر من ظلم الحكام المستبدين والطغاة أينما كانوا وحلوا على البسيطة.
ويضع العرض متلقيه أمام الكثير من التساؤلات التي قد تبدو دفينة في الذات البشرية، وكأنها في هامش الشعور لتقفز دفعة واحدة إلى بؤرته لتجد نفسها أمام واقع جديد، وشخوص جدد، يهيمون عشقاً وولهاً بهذا التمثال الأسطوري والأبدي في النفس البشرية، دون أن يحاولوا كسر هذا التمثال والتوقف عن تقديم القرابين له.
النص جاء معبراً عن الفكرة الرئيسية، وقد تخطى كثيراً مجرد فكرة تمثال ما لسلطان أو ملك أو أمير أو رئيس، لأن التماثيل لا تصنع فقط لهؤلاء، وإنما قد نصنع لأنفسنا تماثيل من الخوف والرهبة والحب والخداع لأرباب العمل أو لزوجاتنا أو لأب أو أم أو أي إنسان آخر.
وقد شاب النص تمثيلاً على خشبة المسرح بعض الأخطاء اللغوية التي جاءت مرفوعة بينما هي مكسورة، وما إلى ذلك من الأخطاء التي ربما تعود إلى حداثة عهد الممثلين بالتجربة المسرحية، وعلاقاتهم باللغة العربية الفصحى التي نادراً ما تقدم على خشبة المسرح.
وأتاح عرض «القربان» بكل تفاصيله تجربة غنية للفنان محمد جمعة علي الذي جسد دور «جودي» لإظهار مواهبه الفنية الغضة، والتي تبشر بمولد فنان إماراتي من الطراز الفريد، وهذا هو الهدف الأسمى للمهرجان، بينما لم تنجح الإضاءة كثيراً في التركيز على ملامح الفرح والحزن التي بدت على وجه جودي في معظم فترة العرض، وهو الأمر الذي بدا للبعض أن العرض مجرد خطابة وأصوات مرتفعة هنا وهناك، وقد يكون هذا غير صحيح في حالة نجاح المخرج في توظيف الإضاءة أفضل من ذلك.
وكان الفضاء المسرحي في معظم الوقت بسيطاً جداً، وقد يوصف من قبل البعض بأنه فقير لم نشاهد فيه ما يدعم العرض بشكل أكثر إيحاء، بل كان ثمة أشياء ليس لوجودها أي معنى أو توظيف حقيقي على الخشبة، مثل انبعاث الدخان من الزاوية اليمنى للمسرح طيلة وقت العرض دون مبرر فني حقيقي، وإن كانت الموسيقي المصاحبة للعرض متوافقة مع لحظات الحزن، وأوقات الشجن المكتظ به العرض. وفي الندوة التطبيقية التي تلت العرض أثنى النقاد على تجربة سعيد الهرش الإخراجية وعلى أداء الممثلين على خشبة المسرح باعتبار أن هذا النوع من المسرح هو تعليمي أكثر منه احترافي.

     
 
 

* شرح الصورة: الممثل محمد جمعة علي (اليسار) أظهر موهبة لافتة أثناء تجسيده لدور «جودي» في المسرحية (تصوير محيي الدين)
السيد حسن (كلباء)- جريدة الاتحاد(الملحق الثقافي)  الثلاثاء 24 سبتمبر 2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

بطبعة أنيقة وحلة قشيبة، وبمبادرة كريمة وعناية كبيرة من الأستاذ رفيق صالح، مدير مركز زين للتوثيق الدراسات في السليمانية، صدر حديثا كتاب “علم التاريخ في أوروبا وفلسفته وأساليبه وتطوره”، للدكتور عصمت شريف وانلي، رحمه الله. والكتاب يعتبر عملا فريدا من نوعه، فهو يتناول علم التاريخ وفلسفته من خلال منهج علمي دقيق لتطور الشعوب والأمم…

خلات عمر

 

في قريتنا الصغيرة، حيث الطرقات تعانقها الخضرة، كانت سعادتنا تزهر مع كل صباح جديدًا.

كنا ننتظر وقت اجتماعنا بلهفة الأطفال، نتهيأ وكأننا على موعد مع فرح لا ينتهيًا.

حين نلتقي، تنطلق أقدامنا على دروب القرية، نضحك ونمزح وكأن الأرض تبتسم معنًا.

كانت الساعات تمر كالحلم، نمشي طويلاً بين الحقول فلا نشعر بالوقت، حتى يعلن الغروب حضوره الذهبي…

عبدالجابر حبيب

 

منذ أقدم الأزمنة، عَرَف الكُرد الطرفة لا بوصفها ملحاً على المائدة وحسب، بل باعتبارها خبزاً يُقتات به في مواجهة قسوة العيش. النكتة عند الكردي ليست ضحكة عابرة، وإنما أداة بقاء، و سلاح يواجه به الغربة والاضطهاد وضغط الأيام. فالضحك عنده كان، ولا يزال يحمل في طيّاته درساً مبطناً وحكمة مموهة، أقرب إلى بسمةٍ تخفي…

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…