دماء جديدة.. أدب جديد..!

إبراهيم اليوسف

يلقى مصطلح ” الدماء الجديدة”، أو”الدماء الشابة”، اهتماماً من قبل بعض مبدعي أي جيل، تجاه الجيل الجديد، أو الأجيال التالية، سواء أكان ذلك ضمن الإطار الشخصي، عندما يكون لبعضهم حضوره الرمزي، أو عبر الندوات، والملتقيات، أو من خلال وسائل النشر التي يديرها أبعاض هؤلاء. حيث نجد-هنا- أن صاحب الموهبة الناشئة، قد لا يستطيع التخلص من سطوة ما يكتبه، سواء أكان شعراً، أو مقالاً، أو قصة- وهي الأكثر انتشاراً وبحسب تسلسلها- أو رواية، بمستوى أقل، حيث ثمة من يتوهم ، ومن دون أن تتوافر شروط الإبداع في ما يكتبه،
 أن ما يقدمه هو الأنموذج الأرفع، وإنه بات يمتلك ناصية الإبداع، بل هناك من يظنُّ أن كل من يأتيه بملاحظة ما حول شكل ومضمون ما يكتب، إنما يتجنى عليه، لأنه يخاف على مكانته من قوة موهبته، أو أنه لا يريد لأحد أن يبرز في حقول الإبداع، وهي اتِّهامات جاهزة، من قبل هذا النموذج، وإن كنا سنجد – في المقابل- من يدرك أهمية الرأي الذي يصدر عمن هو صاحب التجربة والخبرة والمراس، في عالم الكلمة، ويسعى للانتفاع بها، وهو أمر جدّ مهم بالنسبة إلى كل من يريد تطوير صوته الإبداعي.

وحقيقة، إن توافر وجود المبدع ذي الحضور السابق، إلى جانب أي صوت جديد، واهتمامه به، ورعاية موهبته، والسعي إلى صقلها، واحتضانها ذو أهمية فريدة، وثمة مبدعون كبار اعترفوا خلال سيرهم الذاتية، أو عبر الحوارات التي أجريت معهم، أنهم استفادوا من بعض الأسماء السابقة عليهم، سواء أكان عبر الاستماع إليهم، أو قراءتهم، أو من خلال تقديمهم و نشر ما كتبوه – بعد نضوجه- في الصحف والمجلات أو بوساطة دور النشر، وهو يقع ضمن المهمة الأخلاقية الملقاة على كاهل أي اسم  معروف، يعمل في إحدى هاتيك القنوات، كترجمة لشعور كثيرين من الأسماء المعروفة، تجاه الموهوبين الجدد، وانطلاقاً من هاجس الأبوة، الصائبة، الحانية، الحريصة، المسؤولة، المهمومة بمستقبل الإبداع ، والمفتقدة للوصاية، وما أكثر من كانوا كذلك في كل جيل حقاً..!.

 ولن يكون غلواً البتة، في ما لو أشرنا – هنا-  إلى أنه ما من جيل إلا ويكون له فضاؤه الخاص، وعلاماته الفارقة الخاصة، ما يدفع كل جيل جديد- رغم تداخل بعض سمات كل مرحلة بالأخرى- إلى ضرورة ترك أثره، الإبداعي، غيرالمتناسخ مع أحد، وهو جزء من  رسالته، لأن الاسم اللاحق الذي يكون عبارة عن نسخة فوتوكوبية عن الجيل السابق، فإنه ومهما أخلص في ما أنتجه للصوة، بالمفهوم النقدي، فإنه سيشطُّ عن السمو الجمالي، بل إنه سيظهر كمن يتنفس برئة مستعارة، اصطناعية، ليست له، بل إن مهمته ستكون في خدمة ” تابو” إبداعي محدد، وهو حفر في الهواء، وليس في صوان ذرى الإبداع.

وإذا كان مصطلح “الدماء” موصوفاً ب ” الجديدة”، أو ” الشابة” أو غيرهما، قد لجأ النقاد، في العقود الماضية، إلى استخدامه، أثناء تناولهم لأصحاب المواهب الناشئة، فإن جذر كلمة “دم”، المعادلة ل “النسغ، يحيل إلى العنف، وهو عنف مسوغ  في استخدام المفردة، ضمن سياقها الإبداعي، بل إن الوجه الواقعي من المصطلح، قد بات، الآن، وفي ظل ما يجري، في بعض أماكن استرخاصه، إحدى المحطات الجديدة، في تاريخ إبداع هذه الأماكن،  بما يجعلنا على موعد مع أدب جديد، يتداخل فيه الرمزي بالواقعي، كصدى عما يتم أمام الأعين، وإن كان فيه الكثير مما يستفزنا بشراسة، أبلغ، وأعمق، وأصدق مما نرى، ونقرأ، ونسمع..؟؟!!. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…