من كهوف التاريخ نستخرج الهدايا

بقلم توفيق عبد المجيد

ضحية أنت أيها الإنسان
منذ أن كان الشقيقان
قابيل وهابيل وحدهما
يملكان الدنيا بلا منافس
يملكان أرض الله الواسعة بلا شريك أو منازع
لكن لم يطل بهما عهد الأخوة
وسرعان ما اختلف الاثنان
*        *        *

ضحية أنت أيها الإنسان
تدفع الدية
تتسول لأجل الضريبة
تشرب المر
تمارس البطش
تتعلم ثقافة القتل
فتقتل
أعز إنسان
*        *        *
أبت الجبال أن تحمل الأمانة
واستثقلتها السماء 
ورفضتها الأرض
ولكن !!!!
تكفلت بحملها أيها المغفل
*        *        *
مسكين أنت أيها الإنسان
( وحملها الإنسان ) (1)
ثم جاءت الرسل تباعاً
فكانت
مثلنا تأكل وتشرب
ومثلنا تنام وتتناسل
تبلغ الرسالة وتؤدي الأمانة
رسالة الله إلى خليفته في الأرض
فكان القبول من بعض
وكان الرفض من آخرين
*        *        *
 ظهرت التناقضات جلية على المسرح
وبدأت الخلافات والاختلافات
عندما فرض البديل بالقوة في السقيفة
فاتحة لزرع بذرة الإكراه
وفرض ثقافة القوة
فأقصيت الشورى ونحر الإجماع
وفرض البديل على مذبح الخيار والاختيار
*        *        *
شرعن الخطأ الذي عليه أقيم الصرح وبني
وصار الاستثناء قاعدة
وتتالى وضع لبنات البناء على اللبنة الأولى المعوجة
واتسع الخرق على راقعه وكبرت الفجوة
ولم يعد بالإمكان الإصلاح
وبدأ مسلسل القتل ولم يتوقف
وفصلت الرؤوس عن الأجساد
وأرسلت برقيات
وقدمت هدايا
ثم بدأت مسرحية التمثيل بمحتويات المقابر
والانتقام من قطع العظام الباقية
وضحى الأقوياء بالجعد بن درهم في عيد الأضحى
وقطف الحجاج الرؤوس اليانعة
وأرسلت هذه الأضحيات والرؤوس إلى الشعب العراقي
هدايا
*        *        *
(1) إشارة إلى سورة الأحزاب : إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها …………… 72/33

القامشلي في 4-1-2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كانت الورشة ساكنة، تشبه لحظة ما قبل العاصفة.

الضوء الأصفر المنبعث من المصباح الوحيد ينساب بخجل على ملامح رجلٍ أنهكه الشغف أكثر مما أنهكته الحياة. أمامه قالب معدني ينتظر أن يُسكب فيه الحلم، وأكواب وأدوات تتناثر كأنها جنود في معركة صامتة.

مدّ يده إلى البيدون الأول، حمله على كتفه بقوة، وسكبه في القالب كمن يسكب روحه…

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتاب “كلّ الأشياء تخلو من الفلسفة” للكاتب والباحث العراقيّ مشهد العلّاف الذي يستعيد معنى الفلسفة في أصلها الأعمق، باعتبارها يقظةً داخل العيش، واصغاءً إلى ما يتسرّب من صمت الوجود.

في هذا الكتاب تتقدّم الفلسفة كأثرٍ للحياة أكثر مما هي تأمّل فيها، وكأنّ الكاتب يعيد تعريفها من خلال تجربته الشخصية…

غريب ملا زلال

بعد إنقطاع طويل دام عقدين من الزمن تقريباً عاد التشكيلي إبراهيم بريمو إلى الساحة الفنية، ولكن هذه المرة بلغة مغايرة تماماً.

ولعل سبب غيابه يعود إلى أمرين كما يقول في أحد أحاديثه، الأول كونه إتجه إلى التصميم الإعلاني وغرق فيه، والثاني كون الساحة التشكيلية السورية كانت ممتلئة بالكثير من اللغط الفني.

وبعد صيام دام طويلاً…

ياسر بادلي

في عمله الروائي “قلعة الملح”، يسلّط الكاتب السوري ثائر الناشف الضوء على واحدة من أعقد الإشكاليات التي تواجه اللاجئ الشرق أوسطي في أوروبا: الهوية، والاندماج، وصراع الانتماء. بأسلوب سردي يزاوج بين التوثيق والرمزية، يغوص الناشف في تفاصيل الاغتراب النفسي والوجودي للاجئ، واضعًا القارئ أمام مرآة تعكس هشاشة الإنسان في مواجهة مجتمعات جديدة بثقافات مغايرة،…