المثقف الكوردي وورقة التوت

  سوار أحمد

مما لاشك فيه أن الحالة الثقافية الكوردية عامة قد تراجعت إثر قيام الثورة السورية, رغم أنها لم تكن بأفضل حال قبلها ومن الملاحظ بجلاء غياب الدور الحقيقي للمثقف الكوردي وأقصد من المثقف هنا أي المنتج للفكر المتمتع بفكر نقدي قادر على رؤية الأمور بموضوعية, وبحجمها الحقيقي أي أن يكون عيناً للبسطاء واضعاً المصلحة الكوردية العليا نصب عينيه لكن ماحدث أن المثقف تماهى مع الساسة, فتخندق وخضع للاصطفافات التي فرضتها الحركة السياسية , فغدا المثقف بوقاً لهذا الطرف أو ذاك وأستثني هنا بعض المثقفين الذين آثروا الصمت والانزواء كرد فعل على التشرذم السياسي القائم, أو قلة تمسكت بصوت ضميرها وغيرتها فباتت منبوذة غير مرحب بها لدى كل الأطراف.
لقد استطاعت الحركة السياسية الكوردية رغم ضعفها وتفككها, ورغم الهوة القائمة أصلاً بينها وبين الشارع الكوردي, رغم هذا استطاعت أن تروض المثقف وتقصقص جناحه فاستخدمته كوسيلة وأداة لا كمنظر صانع للفكر والرؤى مشارك في القرار السياسي بحكم مايمتلكه من ثقافة وبعد في النظر, ونتيجة لهذا فقد علا صوت اصطدام الأقلام فسنت حتى باتت أحد من السيف, وغدا المثقف مريداً يستعطف (شيخه) ويتمنى رضاه.
لقد كشفت الثورة بكل ارهاصاتها وحيثياتها هشاشة المثقف الكوردي وعدم تمكنه من الحفاظ على دوره التاريخي فغدا اصطفافه (الحزبوي) المعادل الموضوعي لتشرذم الحركة والقطيعة القائمة بينها وبدل أن يكون بقعة الضوء التي تكشف كل مستور وتقيم الإيجابي والسلبي عند كل طرف وبدل أن يحمل قلمه من منتصفه حوله الى عصى يضرب بها من ينتقد (عشيرته) الحزبية.

لقد أزالت هذه الثورة ورقة التوت عن عورة الأقلام وكشفت أن المثقف قد يصبح سلعة تباع وتشترى في سوق الصراعات الكوردية فكانت النتيجة نشوء أمراء الأقلام كما أمراء الحرب والسلاح, وكانت النتيجة أصوات مثقفة نسمعها مراراُ تخاطب التاريخ: إليك عني… إنه زمن السمسرة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…