بهزاد ميران… «لسعة ُ النحلةِ» المفقودة؟!!

  أمين عمر

لسعةُ النحلةِ مؤلمة ولكنها مفيدة، هي كذلك كانت أسئلة بهزاد ميران، الذي كان يجمع خلاصة العديد من الأسئلة كما تجمع النحلةٌ النشِطة الرحيق من زهرة هنا أو بين شوكٍ هناك لينثرها على قناة زاكروس، سواء ضمن نشرة الأخبار أو من خلال برنامجه ” زلال”، يباغت ضيفه بأسئلة لم يعتاد المشاهد سماعها من على شاشات التلفزة الكردية، وهذا ما جعله حاضراً في المجالس رغم غيابه عنها. أصبح ضيفاً يومياً، للظهيرات الكردية، يزين لهم تساؤلات الأمس والغد. إحدى لسعاته تلك، عندما سأل الاستاذ محمد موسى سكرتير حزب اليسار: خرجت من عند الدكتور عبدالحكيم بشار ووجهك كان مُصفراً. وبإسلوب فاق أسئلة حسن المعوض مباغتةً، أضاف : ماذا قال لك الدكتور عبدالحكيم؟
الإصفرار الذي خيم على وجه الضيف كان أكبر ربما من الذي تحدث عنه بهزاد في مقدمة السؤال!
وفي مكانٍ آخر خاطب أحد ضيوف برنامجه وهو دكتورٌ جامعي : دكتور أنت من كردستان روج آفا ، وتتحدث إلى كرد روج آفا ، ما رأيك أن تخفف لهجتك الصورانية قليلاً!
منذ فترة سمعت إن بهزادً قد أنتقل من أمام الكاميرا إلى ما وراء الكواليس، بهزاد يقول توقفت عن العمل كي يبقى بهزاد هو بهزاد وليس شخص آخر.
من هو بهزاد الذي يريد بهزاد الحِفاظ عليه، هل هو الذي يسأل أسئلة من يسكنون الخيام ولم تقترب منهم كاميرا ما إلا ربما الكاميرا التي صورتهم مرة واحدة في حياتهم، أي في ليلة زفافهم؟
هل هو بهزاد الذي يتجرأ على السياسي ويخاطبه كإنسان مثله، بعيداً عن هالة التقديس التي بقيت كالوهم تحيط بهم ومع الإقتراب من عالمهم تدرك مدى السراب الذي رسمه الآخرون حولهم؟
هل هو بهزاد الذي قدم نفسه وشخصيته الحقيقية دون إصطناع وتصنع ، فبهزاد الذي تتحدث معه في الشارع بعيداً عن الكاميرا، هو نفسه الذي يتجول في مملكته، و هي عبارة عن كرسيٌ أمام الكاميرا، يحرك ضيفه – مهما كان ثقيلاً- ليستنطقه بلسان المشاهد.
 ظهور المرء بشخصيته الحقيقية، دون تصنع، وإمتلاك تلك الشحصية مفاتيح إمتاع المشاهد بمشاكله وهمومه، وجعله يفكر بكلماته بعد إنتهاء مائدة الأخبار، هي موهبة يمتلكها قلة من المشاهير، فمصورو كلمات أوباما، صرحوا ، إن أوباما، هو الرئيس الذي بخلاف معظم الرؤساء والمسؤولين، فلا تحتاج الى جهدٍ إضافي للتعامل معه ، لتصوير كلماته أو إعادتها فهو أمام وخلف الكاميرا رجلٌ واحد، ينطق بكلمة واحدة، نادراً ما يتغير.
 بهزاد ميران وغيره من المواهب المتميزة ، ثروة وإغناء للإعلام الكردي، بهم تصل الرسالة واضحة أكثر، وتلعب الكلمة دورها الحقيقي وتتجول في ملعب الحدث وتنال حقوقها، لذا على الإعلام الكردي إن أراد النجاح في إيصال رسالته بشكل أفضل، ألّا تجرد فرسان الشاشة من سيوفها وجيادها، بل من الضروري أن يدعموهم ويشجعوهم، ويبحثوا عنهم أينما كانوا، ليضيفوا رونقاً ونوراً إلى رسالتهم الإعلامية، فلربما تلك المواهب ستصبح مدارس يتعلم منها الآخرون.

منذ أيام سمعت تقريراً في إحدى القنوات الكردية، بعد بضع كلمات سمعته، كان بهزادٌ، يتلو تقريره، أحسست كأني أستمع لزئير أسدٍ جريحٍ، حبيس، تواقٍ للحرية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

بطبعة أنيقة وحلة قشيبة، وبمبادرة كريمة وعناية كبيرة من الأستاذ رفيق صالح، مدير مركز زين للتوثيق الدراسات في السليمانية، صدر حديثا كتاب “علم التاريخ في أوروبا وفلسفته وأساليبه وتطوره”، للدكتور عصمت شريف وانلي، رحمه الله. والكتاب يعتبر عملا فريدا من نوعه، فهو يتناول علم التاريخ وفلسفته من خلال منهج علمي دقيق لتطور الشعوب والأمم…

خلات عمر

في قريتنا الصغيرة، حيث الطرقات تعانقها الخضرة، كانت سعادتنا تزهر كل صباح جديد. كنا ننتظر وقت اجتماعنا المنتظر بلهفة الأطفال، نتهيأ وكأننا على موعد مع فرح لا ينتهي. وعندما نلتقي، تنطلق أقدامنا على دروب القرية، نضحك ونمزح، كأن الأرض تبتسم معنا.

كانت الساعات تمر كالحلم، نمشي طويلًا بين الحقول فلا نشعر بالوقت، حتى يعلن الغروب…

عبدالجابر حبيب

 

منذ أقدم الأزمنة، عَرَف الكُرد الطرفة لا بوصفها ملحاً على المائدة وحسب، بل باعتبارها خبزاً يُقتات به في مواجهة قسوة العيش. النكتة عند الكردي ليست ضحكة عابرة، وإنما أداة بقاء، و سلاح يواجه به الغربة والاضطهاد وضغط الأيام. فالضحك عنده كان، ولا يزال يحمل في طيّاته درساً مبطناً وحكمة مموهة، أقرب إلى بسمةٍ تخفي…

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…